اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣١ تموز ٢٠٢٥
يرفض غزيون مجوعون التوجه إلى المناطق التي تسقط فيها عمليات الإنزال الجوي للمساعدات، أو للمناطق التي يتم فيها مرور أعداد محدودة من شاحنات المساعدات سواء بمنطقة 'ميراج' جنوب القطاع أو في منطقة 'زيكيم' في الشمال، نتيجة خطورة تلك المناطق التي يرتكب فيها الاحتلال مجازر يومية أثناء مرور الشاحنات، فضلا عن حالة الفوضى والتدافع الكبيرة التي تسود بين المواطنين المحتشدين قرب تلك المناطق، ما يفقد آلية المساعدات هدفها الإنساني، ويجعلها أداة ضغط تعمق المجاعة، بحيث تسمح بنشوء ظواهر عصابات ولصوص تقوم بنهب المساعدات ورفع أسعارها بالأسواق.
وكما معظم أهالي القطاع لا تصلهم هذه المساعدات، ويسمعون عنها فقط، فإن الكثير من العائلات التي أرسلت أبنائهم لجلب المساعدات والدقيق، عاد إليهم أبناؤهم محملين في أكفان نتيجة جرائم الاحتلال، الذي حول المناطق التي ينتظر فيها الأهالي مرور الشاحنات، لساحة حرب يقوم باستهداف الحشود بالرصاص وقذائف المدفعية والمسيّرات والزوارق والقنص.
ظريف الغرة، وهو من ذوي الإعاقة الحركية ورئيس نادي السلام لذوي الإعاقة، يرى أن هذه الآلية عملت على تدمير ما تبقى من الوضع النفسي والمعنوي لدى الأشخاص ذوي الإعاقة، ولا يجدون فيها من يعيلهم أو يعمل على حمايتهم وتوفير احتياجاتهم ويصون كرامتهم.
ولا تراعي هذه الآليات وجود أكثر من 150 ألف مصاب والآلاف من ذوي الإعاقة والبتر الذين لا يقوون على الحركة، ويقول الغرة لـ 'فلسطين أون لاين': إن 'الأشخاص ذوي الإعاقة من أكثر فئات المجتمع تعرضا للظلم وتهميشًا وتأثرا بالعدوان وتبعاته، فلا يمكن لأي شخص من الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهاب لمناطق وجود الشاحنات والحصول على الدقيق وطرود المساعدات، بسبب الإعاقة الجسدية التي تحول دون ذلك'.
مراحل صعبة
وأضاف 'المجاعة وصلت لمراحل صعبة جدا، فلا يوجد أي مصدر يمكن من خلاله توفير الطعام. جميع المؤسسات أغلقت أبوابها، وكل الأشخاص من ذوي الإعاقة كما حال الكثير من الناس في اليوم يتناولون وجبة واحدة، وأحيانا لا يجدونها، وحتى الوصول لتكيات الطعام القليلة أصلا، لا يمكن للشخص من ذوي الإعاقة الحصول عليها بسبب التزاحم الشديد'.
وكغيره من معظم المواطنين، يسمع يحيى المنسي أخبارًا عن دخول أعداد محدودة من شاحنات المساعدات، ولكنه لا يرى شيئًا منها على الأرض، كونها تسقط أو يتم إدخالها بمناطق خطرة، تعرض من يتوجهون إليها للخطر.
ويقول المنسي لـ 'فلسطين أون لاين': 'لم يصلنِ شيء، لا من الشاحنات ولا من الإنزال الجوي. نسمع بالأخبار أن هناك مساعدات، ولكن على الأرض لم نرَ شيئا. نسمع الناس تتزاحم مع اللصوص للحصول على مساعدات، ومن لديه إمكانية مالية يستطيع الشراء من السوق السوداء، ومن لا يملك مالا يبقى يتمنى فقط'.
وأضاف بأن 'الإنزال الجوي يتم بأماكن مكشوفة وخطيرة وبين الدبابات والقتل، والناس تتهافت عليها مثل الطيور الجائعة، وهناك من يموت وهو يحاول الوصول إليها، وهناك من تدهسه الشاحنات أو أقدام الناس خلال التدافع والفوضى، وهذا الحال بالشاحنات التي تدخل بمناطق قتال خطيرة ومن يوصل هناك يكون قد عرض حياته للخطر'.
ويرى أن وضع المجاعة أصبح كارثيًا ودخلت كل بيت في غزة، وهناك عائلات تمر عليها أيام ولا تأكل شيئا، 'أطفال وجوههم مصفرة، أجسادهم نحيلة، وكبار سن يفقدون الوعي من قلة الطعام، ونحن حالنا حال الناس، لا يوجد دقيق أو مياه نظيفة، والجوع يتسلل بهدوء لكل خيمة وكل إنسان مغلوب على أمره يمنعه ضميره ودينه من الذهاب لنهب المساعدات'.
تدافع وفوضى
ودفعت حالت التجويع وغلاء أسعار الدقيق العديد من العائلات لإرسال أبنائها للحصول على حاجتهم من الدقيق من الشاحنات، إلا أنهم لم يستطيعوا ذلك بسبب شدة التدافع، وبعضهم فقد أبنائه في تلك المحاولة.
تروي حنان السيقلي وهي نازحة بمواصي خان يونس لـ 'فلسطين أون لاين': 'توجه زوجي وابني البالغ من العمر خمسة عشر سنة، لمنطقة ميراج، وهناك كان التدافع كبيرا أدى لسقوطه من الشاحنات، وكادت أن تدهسه، وفقده والده لثلاث ساعات، ورجعا منهكين من طول مسافة المشي البالغة نحو 17 كيلو مترا، وحاول زوجي العودة مرة ثانية للشاحنات لكنه لم يحصل على شيء'.
وحاولت السيقلى الذهاب بنفسها لمركز المساعدات جنوب رفح عندما أعلنت ما تسمى 'مؤسسة غزة الإنسانية' المدعومة أمريكيا وإسرائيليا عن تخصيص يوم للنساء، إلا أنها عاشت مأساة كبيرة، لا زالت تجثم على ذاكرتها: 'كان الحديث على الانترنت مختلفا عما عشناه على أرض الواقع. كتبوا عن وجود ممرات آمنة للنساء، لكنهم رشوا علينا الفلفل الحار، والقنابل الدخانية وقنابل الصوت، والرصاص'، واصفة، تلك الطريقة بـ 'المهينة'.
وأثناء البحث عن المساعدات استشهد ثلاثة من أبناء عمها، ورابعهم بترت قدمه، وتتابع: 'نحن لا نستفيد من أي نوع من المساعدات بالطريقة الحالية، وهي طريقة غير عادلة ولا تستطيع الأرامل الحصول عليها وملاحقة تلك الشاحنات. الاحتلال معني بالخراب والفوضى وأن يستمر البلطجية في سرقة المساعدات لبيعها بأسعار مرتفعة'.
ومنذ أربعة أشهر تشتهي السيقلي قطعة حلوى، لكن نتيجة غلاء سعر السكر وعدم وجود مصدر دخل لم تتناول أي قطعة وفي كثير من الأيام لا تستطيع اطعام أطفالها سوى وجبة واحدة يوميًا، مطالبة، بتأمين المساعدات لوصولها لمخاز برنامج الغذاء العالمي ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين 'أونروا' كي تصل لمستحقيها كما كانت سابقا.
وبلغ عدد شهداء المساعدات 1239 شهيدا منذ 27 مايو/ أيار الماضي بينهم 581 شهيدا استشهدوا في شهر يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز الجاري استشهد 638 شخصا، في حين بلغ مجمل الإصابات 8152 من منتظري المساعدات.