اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شمس نيوز
نشر بتاريخ: ١٢ أيار ٢٠٢٥
منذ خطابه الأول الذي تلا هجوم 'طوفان الأقصى' المجيد، وما تبع ذلك من خطابات وإطلالات متعاقبة، حرص رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو على رفع شعار 'تغيير وجه الشرق الأوسط'، والقضاء على كلّ أعداء 'إسرائيل' القريبين والبعيدين.
وقد بدا واضحاً خلال الشهور التي تلت الطوفان أنّ 'الدولة' العبرية سعت بالفعل إلى تحقيق هذا الهدف، مستفيدة من الدعم الأميركي غير المسبوق، والذي وصل إلى مرحلة متقدّمة من التعاون والتنسيق بين الحليفين الاستراتيجيين، بل وزاد على ذلك من خلال المشاركة الأميركية المباشرة في الكثير من المهام العسكرية والاستخبارية في كلّ الساحات التي شملتها المواجهة مع العدو الصهيوني، وخصوصاً في الساحة اليمنية، والتي تحوّلت إلى جبهة الإسناد الرئيسية لقطاع غزة بعد توقّف نظيراتها في لبنان والعراق لأسباب يعرفها الجميع.
إضافة إلى الموقف الأميركي، فقد استفادت 'إسرائيل' في سعيها المُشار إليه أعلاه من الموقف الدولي والعالمي المنحاز، والذي كان وما زال عدا بعض الاستثناءات ينظر إلى مجريات الأمور في المنطقة عموماً، وفي غزة خصوصاً من خلال العين الإسرائيلية، تلك العين التي ترى أصحاب الحقّ بأنهم 'إرهابيون'، وتنظر إلى العدوان وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو بأنها دفاع عن النفس.
إلى جانب ما سبق فقد استغلّت 'الدولة' العبرية الموقف العربي والإسلامي الضعيف والعاجز بأفضل طريقة ممكنة، إذ إنّ هذا الموقف الذي لم يكن مُتوقّعاً أو مُنتظراً من تلك الدول والممالك والإمارات تجاه إخوانهم في فلسطين، قد منح العدو كامل المساحة والوقت ليرتكب ما شاء من جرائم، وليذهب بعيداً في ضربه عرض الحائط بكلّ القوانين الضامنة لحقّ الإنسان في الحياة حتى لو كان تحت الاحتلال، أو في أوقات الحروب والنزاعات.
على كلّ حال، وبما أن 'الدولة' العبرية قد استفادت واستغلّت كلّ الأجواء التي هُيّئت لها للمضي قدماً في خططها لتغيير وجه المنطقة، ومن أجل فرض نفسها كشرطيّ وحيد يضرب بعصاه الغليظة كلّ أعدائه ومخالفيه، وبعد إعلان العديد من قادتها بأنهم تمكّنوا فعلاً من تحقيق هذا الهدف، وأنّ ما كانوا يسعون إليه منذ سنوات طويلة قد أصبح فعلاً حقيقة واقعة، وأنّ أعداءهم تعرّضوا لانتكاسات كبيرة ومؤلمة وغير مسبوقة، بعد كلّ ذلك يبرز سؤال مهمّ وجوهري عن حقيقة هذا الإعلان ومدى مطابقته للواقع، وهل فعلاً تمكّنت 'إسرائيل' من تغيير وجه الشرق الأوسط على الشكل الذي تريده؟ وهل نجحت في ردع أعدائها، ودفعهم للتراجع إلى الوراء؟
هناك وجهة نظر تقول إنّ المنطقة شهدت بالفعل الكثير من التطوّرات والتحوّلات خلال الأشهر الأخيرة، وهي تشير بوضوح إلى أنّ هناك جملة من التغيّرات قد جرت، وفي المقدّمة منها سقوط النظام السوري السابق، إلى جانب توقّف جبهتي الإسناد اللبنانية والعراقية، بل وتراجع ملحوظ في الموقف الإيراني الداعم للقضية الفلسطينية، ولا سيّما في ضوء انشغال الجمهورية الإسلامية في قضايا أخرى تراها أكثر أهمية.
إلا أنه في حقيقة الأمر، وبعد قراءة المشهد من زوايا أخرى، وبعيداً عن النظرة السطحية المبالغ فيها من قبل البعض، لا يبدو أنّ الاحتفاء الإسرائيلي بما تحقّق من 'إنجازات' يعبّر عن واقع حقيقي، وأنّ جزءاً كبيراً منه يدخل في إطار حملة كبيرة من الكذب مارسها الكيان منذ بداية العدوان على غزة، وأصبح يستخدمها للتغطية على عجزه وفشله المتراكم، والذي تُقرّ به كبريات مراكز البحث العالمية، إضافة إلى وسائل الإعلام العبرية، والتي تعتقد أنّ الائتلاف الحاكم في 'إسرائيل' يحاول الهروب من استحقاقات ما بعد الحرب بواسطة بروباغندا سوداء يستخدمها لإخفاء سلسلة طويلة من الإخفاقات الاستراتيجية، مستغلّاً بعض الإنجازات التكتيكية التي سرعان ما يخبو بريقها، وتسقط نتائجها.
فيما يخصّ قطاع غزة يدّعي العدو أنه تمكّن من تحقيق معظم أهدافه التي أعلن عنها في بداية العدوان، وفي المقدّمة منها القضاء على فصائل المقاومة، أو على الجزء الأكبر من قدراتها العسكرية وقياداتها المركزية، إلى جانب تدمير جزء كبير من المناطق العمرانية في القطاع، وهذا الأمر تحديداً يعتبر هدفاً أساسياً للحرب وإن كان لم يعلن عنه بشكل رسمي.