اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٤ تموز ٢٠٢٥
تمضي مفاوضات وقف إطلاق النار في الدوحة وسط توازنات دقيقة وإرادات متضاربة، لكن المؤكد أن فرص الوصول إلى اتفاق لا تزال قائمة، وإن كانت محفوفة بالعراقيل.
وفي خضم هذا المشهد، يظهر الموقف الفلسطيني أكثر اتزانًا، حيث عبّرت حركة حماس عن مرونة محسوبة واستعداد مسؤول للتجاوب مع المبادرة المطروحة، من منطلق وطني يهدف إلى إنهاء العدوان وتحقيق صفقة تبادل تليق بصمود الشعب الفلسطيني وتضحياته.
غير أن الطرف الإسرائيلي لا يتعامل بالمنطق ذاته، بل يواصل إنتاج أزمات مصطنعة وفتح ملفات سبق تجاوزها، في محاولة للتهرب من الاستحقاق.
فمسألة الانسحاب إلى ما قبل 2 مارس، أو إدخال المساعدات الإنسانية، أو حتى معايير صفقة تبادل الأسرى، كلها ليست قضايا خلافية جوهرًا، بل أدوات تسويف توظَّف سياسيًا.
هذا السلوك يعكس مأزقًا داخليًا لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يُدرك أن أي موافقة على اتفاق تهدئة قد تُحدث شرخًا داخل ائتلافه الحاكم، وتُفجّر تمردًا من قبل شركائه المتطرفين.
تحت هذا الضغط، يتحرك نتنياهو ببطء، محاولًا كسب الوقت حتى دخول الكنيست إجازته الصيفية في 27 يوليو، ليتحرر نسبيًا من رقابة حلفائه اليمينيين. ويبدو أن الإدارة الأمريكية تدرك هذا السياق، وتمنحه غطاءً سياسيًا صامتًا، لا يمارس ضغطًا حقيقيًا، بل يتيح له إدارة التفاوض وفق إيقاعه، على حساب الدم الفلسطيني ومعاناة المدنيين في غزة.
في هذا الوقت، لا تقف المقاومة الفلسطينية مكتوفة الأيدي، بل تُظهر مجددًا قدرتها على المبادرة في الميدان، عبر عمليات نوعية تحمل رسائل مركبة. هذه العمليات، التي تُنفذ في ظروف بالغة التعقيد، تثبت أن المقاومة ما زالت تملك أوراقًا تُربك حسابات الاحتلال وتمنعه من فرض شروطه من موقع تفوّق. كما أن صور المجازر والدمار الخارج من غزة، والمشاهد المؤلمة التي تطال الأطفال والنساء والنازحين، تُسهم في تقويض الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وتزيد من الاحتقان الشعبي تجاه حكومة لم تحقق وعودها، ولم تُنهِ الحرب.
وفي ظل هذا المشهد المتداخل، فإن نافذة الاتفاق لا تزال مفتوحة.
المقاربة الفلسطينية توفّر قاعدة قوية للتوصل إلى صفقة متوازنة، ويبقى الأمر مرهونًا بإرادة الطرف الإسرائيلي. فإما أن يغلّب نتنياهو حساباته الوطنية على مصالحه الفئوية، أو أن يستمر في العبث على حافة الهاوية، ويخسر فرصة قد لا تتكرر.