اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٣ أيار ٢٠٢٥
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ
*﴿ فَيُوَفّيهِم أُجورَهُم وَيَزيدُهُم مِن فَضلِهِ﴾* النساء 173
الحياة قصيرة، لكن قيمتها في عظمة العمل وإخلاص النية وصدق الوجهة. فما العمر إلا وعاء للثمار، وأعظمها تلك التي تُزرع في ميادين الجهاد والصبر والصدق مع الله. وأهل غزة اليوم يكتبون بدمائهم وأعمارهم القصيرة صفحات خالدة في ميزان الأجر والثبات، حيث يُضاعف الله لمن صدقوا ما عاهدوه عليه، ويجعل لأعمالهم وزنًا مضاعفًا في سجل الخلود. فليكن لنا فيهم عبرة، أن نستثمر أعمارنا حيث يكون الأثر ممتدًا، والعمل خالصًا، والمقصد وجه الله وحده
في قواعد العمل الإداري تشتهر قاعدة الفيل والنملة أو 20/80، أي أننا نبذل 20% من الوقت لنحصل على 80% من النتيجة، وأن لا نقع في مشكلة صرف 80% من حياتنا وأوقاتنا لتحصل فقط على 20% من النتائج. وهذا ليس فقط بما يخص الأجر الآخر، إنما أيضًا في الأعمال والمهام اليومية، فعليك أن تدرك جيدًا متى وأين تصرف وقتك.
والعبرة بالخواتيم؛ حيث رجل يعمل بعمل أهل النار، ولا يكون بينه وبينها إلا ذراع أو باع، فيسبق عليه القول فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها، والعكس صحيح. والعبرة أيضًا بالأثر والنتيجة. ورب رجل يقدم عملًا كثيرًا لكنه يهلك ذلك بالنيات أو بالرياء { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا } الفرقان 23. فليست العبرة بطول العمر، مال لم تحسن العمل (خيركم من طال عمره وحسن عمله). حيث رب صاحب عمر قصير لكنه يقدم للقاء الله تعالى ثمرة كبيرة وأجرًا عظيمًا، فيقع أجره على الله تعالى. فهذا سعد بن معاذ رضي الله عنه يهتز لموته عرش الرحمن، وتتزاحم الملائكة في تشييعه، ولم يمض على إسلامه ست سنوات، واستشهد في مقتبل العمر عن 34 سنة، لكنه الصدق مع الله تعالى، والاستقامة، والسبق إلى الشهادة { وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } آل عمران 140.
عايشنا محرقة غزة وشبابها المجاهد في مقتبل العمر، ولم يقدموا الكثير في أعمارهم القصيرة، ولكن بعظيم ما أقبلوا به على الله تعالى بالجهاد والشهادة 'يقتلون ويقتلون'، ويتحقق بهم وصف الله تعالى ذلك مثلهم { فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ } التوبة 111، وهم ومن يتقون الله تعالى، فضلًا عن ذروة سنام الإسلام بالجهاد، وفوق ذلك بعبادة الصبر { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ } الزمر 10.
هكذا الأعمال ليست بدرجة واحدة. وذروة السنام الجهاد، وأعظم الأجور للمجاهدين الشهداء الذين خرجوا بأنفسهم وأموالهم وبيوتهم ولم يعد من ذلك بشيء. وهذا حال غزة الصبر التي خرجت كلها لله تبارك وتعالى. وأيضًا الأعمال لها أوقات وفضل العمل وأجره في وقته. فإن لله أعمالًا بالليل لا يقبلها بالنهار، وأعمالًا لله بالنهار لا يقبلها بالليل، وهذا مناط الأجر أيضًا.
ومن هنا استثمار الحياة؛ حيث إن الأجور والبحث عنها وتحصيل أكبر قدر ممكن منها فرصة، باعتبار أن الحياة واحدة وأن هذه الدقائق من أعمارنا غالية. وعليه أن نختار القيم الكبرى للأعمال وسلوكها وتنفيذها، وهذا مدعاة لتحصيل أكبر الأجر { مَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللّهِ } هود 88.
*الحياة لحظة... فارسمها بعمل يُرضي الله، وأثر يبقى بعد الفناء.*