اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شمس نيوز
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الأول ٢٠٢٥
في الوقت الذي يسارع فيه بعض المعلّقين العرب إلى الترويج لانتصارٍ إسرائيليٍ وهمي في حرب غزة، تتوالى الاعترافات داخل 'إسرائيل' نفسها بفشلٍ ذريع وانكسارٍ استراتيجي لم يسبق له مثيل منذ قيام هذا الكيان، كما كتب الصحفي المصري سليم عزوز في مقاله المنشور على موقع عربي21 بعنوان 'الإسرائيليون أكثر موضوعية!'.
يقول عزوز إن الإسرائيليين – على اختلاف مواقعهم السياسية والعسكرية – أظهروا واقعية وجرأة في تقييم نتائج الحرب، مقارنةً بأصواتٍ عربيةٍ مأجورةٍ سارعت إلى إعلان 'هزيمة المقاومة'، وكأنها تتحدث بلسان جيش الاحتلال لا بلسان أمةٍ تتعرض لأبشع إبادة في التاريخ الحديث.
ويستغرب الكاتب هذا 'الانقلاب في الموازين' حين تصبح شاشات عربية منابر لتسويق الرواية الإسرائيلية، بينما يخرج محللون وصحفيون داخل تل أبيب ليعلنوا بلا مواربة أن إسرائيل لم تنتصر.
الاعتراف الإسرائيلي بالفشل
وينقل عزوز عن عدد من أبرز الأصوات الإسرائيلية ما يثبت هذا الفشل الصارخ.
فـألون بن دافيد كتب في صحيفة هآرتس: 'هذه ليست حربًا من أجل النصر، بل محاولة لإنقاذ ما تبقّى من الردع الإسرائيلي'.
أما رئيس جهاز الشاباك السابق، نداف أرغمان، فوصف عملية طوفان الأقصى بأنها: 'يوم انهيار المفهوم الأمني الإسرائيلي بالكامل'.
ويضيف الكاتب أن قائد المنطقة الجنوبية السابق نوف ساميا اعتبرها: 'أسوأ حرب منذ يوم الغفران'، فيما كتب المحلل العسكري أليكس فيشمان في يديعوت أحرونوت: 'نحن لم ننتصر، نحن فقط نحاول منع الانهيار الكلي'.
أما عبر القناة 12 العبرية، فقد قال المعلق العسكري روني دانييل بوضوح: 'ردع؟ لقد تحطّم. مع كل قنبلة تُسقط على غزة، نحن لا ننتصر، بل نحاول فقط استعادة شعورٍ بالسيطرة'.
وحتى الأكاديمي إيال زيسر كتب يقول: 'لا يمكن الحديث عن نصر، لقد فقدنا الحق في استخدام هذا المصطلح'.
ويعلّق عزوز على هذا الكم من الاعترافات قائلاً إن الإجماع في 'إسرائيل' على غياب النصر العسكري هو أبلغ من كل دعاية عربية تحاول قلب الحقيقة، مشيرًا إلى أن استطلاعات الرأي في تل أبيب تؤكد أن 68% من الإسرائيليين فقدوا الثقة بجيشهم بعد هذه الحرب.
من النصر إلى وثيقة الإذعان
ويشير الكاتب إلى أن 'إسرائيل'، بعد فشلها في تحقيق أي من أهدافها، أُجبرت في النهاية على توقيع وثيقة وقف إطلاق النار في شرم الشيخ، بحضور دولي واسع لم يكن – كما يوضح – 'للاحتفال بنصرٍ إسرائيلي'، بل للاعتراف الضمني بأن 'إسرائيل' لم تنتصر، وأن المقاومة لم تُهزم.
ويضيف أن حضور الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بنفسه إلى شرم الشيخ لتبنّي الاتفاق لم يكن من باب الوساطة، بل محاولة لإنقاذ ماء وجه الاحتلال وإعطائه غطاءً سياسياً يخفّف من وقع الهزيمة.
ويرى عزوز أن من يقرأ المشهد بعمق يدرك أن توقيع الوثيقة لم يكن حدثًا تأسيسيًا بل إعلانًا رسميًا لفشل 'إسرائيل' في تحقيق أهدافها، وفي مقدمتها القضاء على حركة حماس واستعادة الأسرى بالقوة كما وعد نتنياهو.
'إسرائيل' خسرت أخلاقياً وإنسانياً
يؤكد الكاتب أن ما خسرته 'إسرائيل' في هذه الحرب لا يُقاس بالخراب المادي وحده، بل بانهيار صورتها الأخلاقية التي حاولت تلميعها لعقود.
فالجيش الذي روّج لنفسه على أنه 'الأكثر أخلاقية في العالم'، ظهر أمام العالم كآلة قتلٍ عمياء تستهدف المدنيين، فيما حافظت المقاومة على أسرى الاحتلال بمعاملةٍ إنسانيةٍ نالت احترام العالم.
ويضرب عزوز مثالاً صارخاً بالمقارنة بين مشاهد الأسرى الإسرائيليين الذين خرجوا من غزة بصحةٍ جيدة، ومن خرجوا من السجون الإسرائيلية 'حطام بشر'، قائلاً إن المشهد وحده كفيل بالإجابة عن سؤال: 'من الذي انتصر في معركة الإنسانية؟ حماس أم نتنياهو؟'.
ويضيف أن 'إسرائيل'، وهي تمارس تدميرها الوحشي، عالجت عقدة السادية لدى قادتها، لكنها دفعت من رصيدها الدولي ثمنًا فادحًا، إذ اجتاحت الجامعات والميادين الغربية مظاهرات غير مسبوقة تندد بها، لتتحول صورتها في الوعي الغربي من 'واحة حضارة' إلى رمزٍ للفاشية والعنصرية.
العرب الذين يروّجون لهزيمتهم
وينتقد عزوز بمرارة المواقف العربية الرسمية والإعلامية التي تصرّ على إعلان انتصار إسرائيل نيابة عنها، في حين أن قادة الاحتلال أنفسهم لم يتجرأوا على ذلك.
يقول الكاتب: 'لم تدفعهم الوقاحة – وهم في هذا المأزق – لإعلان النصر، لكن بعض العرب فعلوا ذلك نيابة عنهم، يصرخون عبر الشاشات لعل صراخهم يثبت انتصارًا لم يقع'.
ويشير إلى أن هؤلاء يتجاهلون أبسط منطق للتاريخ، فـحركات التحرر لا تنتصر في جولة واحدة، بل عبر تراكم نضالي طويل، 'كما لم تحرر الانتفاضة الأولى فلسطين في يومٍ واحد، ولن تُحررها معركة واحدة، ولكنها تسير على الطريق'.
ويختم الكاتب مقاله بلهجة واثقة قائلاً: 'إسرائيل لم تنتصر، والمقاومة لم تُهزم، ومن يروّج لغير ذلك يبيع وهماً مفضوحاً. فالتاريخ لا يكتبه من يملك الطائرات، بل من يملك الإصرار على الحرية'.
ويستشهد بقوله تعالى: 'لا يضرّكم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط'، ليؤكد أن المعركة الحقيقية لم تنتهِ، لكنها حسمت أخلاقيًا ومعنويًا لصالح المقاومة الفلسطينية، فيما يواصل الاحتلال سقوطه الحر أمام أعين العالم أجمع.

























































