اخبار فلسطين
موقع كل يوم -شبكة مصدر الإخبارية
نشر بتاريخ: ٣ أذار ٢٠٢٥
منى أبو حدايد – مصدر الإخبارية
تحت أشعة الشمس الخافتة التي تتسلل بصعوبة عبر الغبار العالق في الهواء، يخرج المواطن عيسى صيدم ،من منزله شبه المدمر، محاولًا أن يبدأ يومه كالمعتاد، لكن خطواته تتعثر بين الحجارة المتناثرة والأسلاك الممزقة، فيما يقف الركام سدًا بينه وبين حياته الطبيعية.يقول صيدم: 'نعاني من مشكلة التنقل والحركة، حيث إن الطرق الرئيسية مغلقة، سواء كنت متجهاً إلى السوق أو إلى العمل، ما يجبرنا على قطع مسافات طويلة للوصول إلى وجهتنا، أما الطرق الفرعية، فهي مزدحمة بالناس المتجمعين في مناطق محددة تعاني بدورها من الدمار، مما يجعل دخول السيارات أمراًصعباً'.
طوابير المياه.. معاناة يومية تنهك المواطنين في غزة
من جهة أخرى يصطف مئات النازحين في طوابير طويلة أمام نقاط توزيع المياه، وسط أزمة خانقة خلفتها الحرب.
في أحد الشوارع الضيقة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يقف الخمسيني أبو محمد، يحمل جالوناً فارغاً بيد مرتجفة، قائلاً بصوت مجهد: 'كنا نحلم ببيوتٍ عامرة، بمياه تتدفق من الصنابير، أما الآن، أصبحنا نحلم فقط بدور أقرب في طابور المياه'.
المياه المالحة أصبحت نادرة، والعذبة باتت معركة يومية يخوضها الأهالي في ظل قلة الموارد والانقطاع المستمر، ومع كل وصول لصهاريج المياه، تتزاحم الأيدي المرتجفة لملء الجالونات وسط مشهد يعكس حجم المعاناة.
تزداد الأزمة الإنسانية سوءاً مع استمرار انقطاع المياه والكهرباء، مما يجعل الحصول على الماء عبئاً يومياً على الأهالي وسط الدمار والمعاناة.
جهود متواصلة للبلديات للتخفيف على المواطنين
وتبذل البلديات جهودا حثيثة للتخفيف من تلك الازمات رغم قلة الإمكانيات المتاحة وتدمير البعض منها.
وقال المتحدث باسم بلديات قطاع غزة، حسني مهنا، أن البلدية شرعت فور إعلان وقف إطلاق النار في تنفيذ خطة التعافي من آثار العدوان، مع التركيز على فتح الطرق لتسهيل حركة المواطنين، خاصة النازحين الراغبين في العودة إلى مناطقهم السكنية.
وأوضح مهنا أن فرق البلدية تعمل على إزالة الركام والأنقاض، وفتح الشوارع، وردم الحفر الكبيرة التي خلفها القصف الإسرائيلي، إضافة إلى تنفيذ مهام تهدف إلى إعادة الحياة الطبيعية وتيسير حركة المواطنين.
وأشار إلى أن الأزمات لا تزال تتفاقم أمام طواقم البلدية، إذ دُمر أكثر من 133 مركبة تابعة لها، ما أدى إلى فقدان 80% من أسطولها، فيما المتبقي (20%) غير كافٍ لاستمرار العمل، خاصة أن جزءاً كبيراً منه قديم ومتهالك، مما يضاعف أعباء الصيانة ويقلل من كفاءة الخدمات.
ورغم الحاجة الماسّة إلى المعدات والآليات الثقيلة لمواكبة حجم الدمار، فإن ما يصل من الوقود للبلديات لا يزال محدوداً ولا يلبي الحد الأدنى من احتياجاتها، مما يزيد من صعوبة المشهد ويهدد استمرارية الخدمات البلدية.
وأضاف مهنا أيضا أن البلدية نفذت عمليات انتشار شاملة في مختلف المناطق للتعامل مع الأضرار التي لحقت بشبكات المياه والصرف الصحي جراء الحرب، في محاولة لإعادة الخدمة ولو بشكل محدود.
وتابع مهنا بأن قطاع المياه يُعد من أكثر الخدمات الأساسية والملحّة التي يحتاجها المواطنون يومياً، مما دفع البلدية إلى تنفيذ عمليات صيانة عاجلة رغم الإمكانيات المحدودة والموارد الشحيحة.
ونوَّهَ إلى أن فرق البلدية تبذل جهوداً مستمرة لإصلاح شبكات المياه والصرف الصحي ضمن المتاح، بهدف تخفيف معاناة السكان وضمان وصول المياه إليهم ولو بالحد الأدنى.
واستعرض مهنا الاضرار التي لحقت بإمكانيات البلدية اثر العدوان الإسرائيلي المستمر منذ خمسة عشر شهراً والذي استنزف جميع موارد البلدية، بما في ذلك قطع الغيار اللازمة لصيانة البنية التحتية، إلا أن طواقم البلدية تمكنت من فحص خطوط وشبكات المياه وإجراء عمليات صيانة بسيطة وفق الإمكانيات المتاحة لضمان استمرار الخدمة.
أردف مهنا أن الاحتلال دمر أكثر من 10 كيلومترات من شبكات المياه، إلى جانب 63 بئراً للمياه و4 خزانات رئيسية، بينما تعرض قطاع الصرف الصحي لدمار هائل، حيث دُمّرت 175 كيلومتراً من شبكاته، إضافة إلى 6 محطات رئيسية للصرف الصحي.
وأشار إلى أن البلدية تواجه تحديات كبرى في ظل نقص الوقود والمواد اللازمة لإعادة الإعمار، لكنها مستمرة في جهودها للحد من آثار الكارثة وإيجاد حلول طارئة تخفف من معاناة السكان.
وفي إطار البحث عن حلول، قال ان البلدية تواصلت مع الجهات المختلفة والسكان لتفعيل التعاون المشترك، حيث تم تشغيل آبار مياه خاصة لتزويد المناطق التي تعاني من شح المياه، إضافة إلى دعم المناطق المحيطة بهذه الآبار. كما تنسق البلدية مع المنظمات الدولية والشريكة لإيجاد حلول مستدامة لأزمة المياه، رغم النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل المضخات والمولدات.
ودعا مهنا، بضرورة تدخل الجهات الدولية والأممية والدول الراعية لوقف إطلاق النار، للضغط على الاحتلال للالتزام ببنود الاتفاق وعدم التنصل منها مؤكدا على أهمية إدخال الآليات الثقيلة للتعامل مع أكثر من 15 مليون طن من الركام في مدينة غزة، مشيراً إلى أن تراكم الركام والدمار يفاقم الأزمات الصحية والبيئية، مما يؤثر بشكل مباشر على حياة السكان والواقع المعيشي في المدينة.
يذكر ان بلديات القطاع تعاني من قلة الإمكانيات وخاصة المعدات الثقيلة منها وان حجم الدمار الذي خلفته الحرب كبير جدا ولم يكن بمقدور أي من البلديات في القطاع التعامل معه في الإمكانيات المحدودة.