اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٦ أيار ٢٠٢٥
في وقت تتصاعد التهديدات والاقتحامات الممنهجة بحق مدينة القدس والمسجد الأقصى، يكثف المستوطنون دعواتهم لاقتحامه اليوم الاثنين، تزامنًا مع ذكرى إكمال احتلال المدينة سنة 1967.
وينفذ المستوطنون اقتحامات ممنهجة شبه يومية للمسجد بحماية من شرطة الاحتلال.
ونشر اتحاد منظمات الهيكل المزعوم المتطرفة مقطعاً دعائياً مصوراً، يضم 13 حاخاماً من أبرز قيادات الصهيونية الدينية، يدعون فيه إلى اقتحام واسع النطاق للمسجد الأقصى صباح وظهر الإثنين، وهو ما اعتبره مراقبون يندرج في إطار الحرب الدينية المتواصلة ضد المقدسات الإسلامية وخصوصاً الأقصى.
ويغطي الفيديو نداءات لحاخامات يمثلون كبرى المدارس الدينية والمستوطنات المنتشرة من القدس والخليل وبيت لحم، مروراً بنابلس وسلفيت، وصولاً إلى صفد شمالاً، ما يعكس تعبئة جغرافية ودينية واسعة.
ويستغل هؤلاء المستوطنون حالة الصمت العربي والإسلامي، للانقضاض على المقدسات الإسلامية وتنفيذ مخططاتهم الممنهجة الرامية لإحكام السيطرة المطلقة على مدينة القدس، إذ يتزامن ذلك مع حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة والعدوان المتواصل على مدن ومخيمات الضفة الغربية المحتلة، وهو ما يعكس نوايا الاحتلال بتنفيذ مخططات التهجير والتهويد.
فرض واقع جديد
ويحذر مدير مركز القدس الدولي د. حسن خاطر، من أن الدعوات المتطرفة لاقتحام المسجد، ليست حدثاً عابراً، بل تمثل حلقة في سلسلة متواصلة من المخططات الإسرائيلية التي ترمي إلى إحداث تغييرات جذرية في الأقصى، وتحويل كل مناسبة دينية أو سياسية إلى محطة لفرض واقع جديد.
وأوضح خاطر لـ 'فلسطين أون لاين'، أن المستوطنين في أوج تغولهم حالياً، ليس فقط في الضفة الغربية، بل أيضاً في القدس وداخل المسجد الأقصى، مشيراً إلى أن ما يجري يعكس محاولة إسرائيلية لمحاكاة سيناريوهات غزة عبر تصعيد متعمد في الضفة والقدس، بهدف فرض معادلة موحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال: 'كل ما ينشره المستوطنون من فيديوهات، وما يرفعونه من شعارات، وما يمارسونه من طقوس، يعكس أنهم أعلنوا حرباً دينية على المسجد الأقصى والقدس'، مضيفاً أن الخطوات التهويدية تتسارع في ظل غياب الرد الجاد من العالمين العربي والإسلامي، في مشهد ينذر بكارثة وشيكة.
وشدد على أن الاحتلال لا يكتفي باستغلال الشعارات التلمودية، بل يحوّلها إلى أداة استعمارية بشعة تخدم أطماعه في القدس، قائلاً: 'ما يجري أخطر من مجرد حرب دينية، إنما هو توظيف للدين بطريقة خارجة عن القانون والقيم الدينية'.
وانتقد خاطر الصمت العربي والإسلامي المتواصل، رغم تصاعد الجرائم بحق الأقصى، قائلاً: 'منذ عقود وهذه الجرائم لم تتوقف، وكأننا أمام تسليم غير معلن بأن الأقصى أصبح مشتركاً أو مقسّماً، وهذا تطور خطير يقابله غياب تام لأي تغيير في الردود الرسمية، وكأن ما يجري يحدث في كوكب آخر'.
وأشار إلى وجود تحركات أوروبية وغربية باتت تتحدث عن المقاطعة والضغط، في وقت يغرق فيه النظام العربي في سبات عميق، عاجز حتى عن ضمان دخول رغيف خبز أو دواء للمحاصرين في قطاع غزة.
من ناحيته، أكد المختص في شؤون القدس د. عبدالله معروف، أن المقطع الذي نشره المستوطنون يمثّل سابقة في أدوات التحريض التي تتبعها جماعات 'الهيكل' المزعوم، إذ لم يسبق أن استخدمت هذه الجماعات أسلوب الفيديو المصور بهذا الشكل الجماعي والمنسق، حيث كانت سابقاً تعتمد على 'قمم روحية' داخل الأقصى لتحفيز أتباعها على الاقتحام، خاصة في رمضان.
وقال معروف في منشور عبر صفحته على 'فيسبوك': 'هذا الإنتاج والتوزيع المسبق يرمي إلى تحفيز شرائح أوسع من جمهور اليمين والصهيونية الدينية، وتحويل الاقتحام إلى طقس جماهيري مستدام، يفرض واقعاً جديداً في الأقصى ويفرض شكل العدوان القادم عليه'.
عدوان موحد
في السياق، حذّر مدير مركز القدس، من أن (إسرائيل)، بقيادة أكثر حكوماتها تطرفاً، تخوض عدواناً موحداً على غزة والضفة والقدس، بهدف إفراغ فلسطين من أهلها، عبر مخططات استعمارية متكاملة، فيما الشعب الفلسطيني، الأعزل، يواجه دولة احتلال لا تقيم وزناً للدين أو القانون أو الأخلاق.
وأكد أن هناك أصواتاً يهودية عالمية بدأت تتبرأ من الاحتلال، بعد أن أصبح واضحاً أن (إسرائيل) تُقحم الشعارات التلمودية زوراً في جرائمها، وهو ما يحمل دلالات كبيرة على تآكل شرعية الاحتلال حتى بين بعض أوساطه الداعمة.
وشدد خاطر على ضرورة بلورة موقف فلسطيني رسمي وشعبي بحجم التحديات، معتبراً أن القدس خرجت من دائرة الاهتمام الفلسطيني الرسمي، في ظل غياب واضح عما يجري داخل المدينة المقدسة.
وأضاف: 'لا يمكن الرهان فقط على المقدسيين دون دعم رسمي حقيقي، وإذا استمر هذا الإهمال، فإن القدس ستفقد هويتها ومقدساتها وأهلها'.
ودعا إلى أن تعود القدس إلى صدارة الخطاب السياسي الفلسطيني، لا كشعار، بل كمحور رئيسي في التحرك والمواجهة، محذراً من أن الرهان على الاتفاقيات الإقليمية أو تحميل المسؤولية للأردن وحده هو 'رهان خاسر وخطير'.