اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٤ أيلول ٢٠٢٥
كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، في تحقيق موسع بالتعاون مع موقع 'سيحا مكوميت' العبري، أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين الذين اعتقلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 هم مدنيون لا علاقة لهم بأي نشاط عسكري، رغم تصنيفهم رسمياً كمقاتلين 'غير شرعيين'.
وبحسب المعطيات التي استند إليها التحقيق، فقد اعتقلت إسرائيل نحو ستة آلاف فلسطيني خلال الفترة المذكورة بموجب قانون 'المقاتلين غير الشرعيين' الذي أُقر عام 2002، ويتيح احتجاز أشخاص إلى أجل غير مسمى استناداً إلى معلومات سرية ودون محاكمات.
غير أن الوثائق الداخلية لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أظهرت أن فقط 1,450 من بين هؤلاء المعتقلين صُنّفوا كأعضاء في حماس أو الجهاد الإسلامي، بينما كان 4,550 آخرون مدنيين، من بينهم أطباء ومرضى وكبار سن ونساء.
وسلط التحقيق الضوء على قصص إنسانية مؤلمة، بينها اعتقال فهيمة الخالدي البالغة 82 عاماً والمصابة بالزهايمر، والتي احتُجزت لشهر ونصف قبل أن يُقر جيش الاحتلال بخطأ اعتقالها.
وزعمت 'إسرائيل' اعتقال المُسنّة بموجب 'معلومات استخباراتية محدّدة'، لكنها أقرّت لاحقاً بأنّ 'الاحتجاز لم يكن مناسباً'، وكان نتيجة 'خطأ فردي محلي ومعزول'.
وادّعت القوات الإسرائيلية أنّ 'الأشخاص ذوي الإعاقات قد يكونون متورّطين في الإرهاب'. وتُستخدم تشريعات 'المقاتلين غير القانونيين' للاعتقال غير المحدّد ومن دون تقديم أدلة في محاكم علنية، كما لم تُعقد أي محاكمة لمعتقلين من غزة منذ 7 أكتوبر 2023.
كما أورد قصة عبير غباين، وهي أم لثلاثة أطفال، اعتُقلت نتيجة تشابه أسماء مع شخص آخر، وبقيت في السجن ستة أسابيع رغم إقرار الجنود بالخطأ.
وتحدّثت غباين، 40 عاماً، عن فصلها عن أطفالها الثلاثة، وتعرّضها للاعتقال بناءً على تشابه اسم زوجها مع شخص من حركة حماس، رغم الاعتراف بالخطأ لاحقاً. وقالت عبير: 'عندما خرجت، وجدت أطفالي يتسوّلون في الشارع. كان ذلك أشدّ من السجن'.
كذلك تحدثت شهادات لجنود خدموا في معسكرات الاعتقال عن وجود مسنين وجرحى مبتوري الأطراف ومرضى مقعدين على كراسٍ متحركة، فيما وصف أحد الأقسام في معسكر سديه تيمان بـ'الجناح المسنّ'.
وبيّن التحقيق تفاصيل الاحتجازات الجماعية في قاعدة 'سده تيمان' العسكرية، حيث تمّ إنشاء 'حظيرة للمسنين' لاحتجاز عدد كبير من المرضى وكبار السن وذوي الإعاقات.
ووفقاً للمصادر، تحتفظ المخابرات العسكرية الإسرائيلية بقاعدة بيانات تحوي معلومات عن 47000 شخص يُعتقد بانتمائهم إلى حركتي حماس أو الجهاد الإسلامي.
وبحسب بيانات شهر أيار/مايو الماضي، كان 1450 معتقلاً فقط يحملون صفة 'مقاتل'، أي ما نسبته 25% من بين 6000 شخص احتجزتهم 'إسرائيل' منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بموجب قانون 'المقاتلين غير القانونيين'.
وتحتجز 'إسرائيل' أيضاً نحو 300 فلسطيني من غزة في الحجز الجنائي للاشتباه بمشاركتهم في 7 أكتوبر 2023، رغم عدم محاكمتهم حتى الآن.
وذكرت صحيفة 'هآرتس' الإسرائيلية نقلاً عن ضباط كبار في 'الجيش' الإسرائيلي، أنّ 85 إلى 90% من المعتقلين ليسوا أعضاءً في حركة حماس.
ورقة ضغط في المفاوضات
وقدّمت 'إسرائيل' بيانات بشأن المعتقلين بعد دعاوى قضائية، بينما تحدّث جنود خدموا في سجن 'سده تيمان' عن عمليات احتجاز جماعي شملت مسنين، مرضى، وأشخاصاً بلا أطراف، وُضعوا في 'حظيرة المسنين'.
وقال أحد هؤلاء الجنود الإسرائيليين: 'كنا نفترض أنّ الذريعة لاعتقالهم ربما أنهم رأوا الأسرى، أو شيء من هذا القبيل'.
وأكّد جنود إسرائيليون أنّ بعض رفاقهم كانوا يعارضون إطلاق سراح المدنيين حتى بعد التحقّق من براءتهم، باعتبارهم 'ورقة ضغط في مفاوضات الأسرى'.واعتبر حقوقيون أنّ هذا التوجّه كان سبباً غير رسمي للاعتقالات الجماعية خلال الحرب.
وحتى شهر آب/أغسطس الماضي، بلغ عدد المحتجزين بموجب قانون 'المقاتلين غير القانونيين' 2662 شخصاً، وفقاً لبيانات حصلت عليها منظمة 'HaMoked'، مع بقاء عدد غير معروف في مرافق احتجاز عسكرية.
ونقل التقرير عن ضابط إسرائيلي شارك في عمليات خان يونس جنوبي قطاع غزة قوله: 'لم نكن نميّز بين عنصر دخل إسرائيل في 7 أكتوبر، وبين شخص يعمل في مصلحة المياه في خان يونس'.
وأكدت الغارديان أن سياسة الاعتقال هذه ترافقت مع ظروف قاسية، من بينها تقليص الطعام إلى الحد الأدنى بتوجيه من وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، إضافة إلى منع المعتقلين من مقابلة محامين لفترات طويلة قد تصل إلى 180 يوماً، وحرمانهم من العرض على قاضٍ قبل مرور 75 يوماً.
وهو ما دفع منظمات حقوقية لوصف القانون الإسرائيلي بأنه غطاء قانوني للاختفاء القسري ووسيلة لتبرير الاعتقال الجماعي للمدنيين، في انتهاك صارخ للقوانين والمعاهدات الدولية.