اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٨ نيسان ٢٠٢٥
في تطور سياسي لافت ضمن ملف المفاوضات المعقّد بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والاحتلال الإسرائيلي، أظهرت الحركة موقفًا واضحًا لا لبس فيه، يُعيد ترتيب الأوراق على الساحة السياسية، ويحرج حكومة بنيامين نتنياهو أمام المجتمع الدولي، حيث قدمت مبادرة سياسية جديدة وصفت بـ'الحاسمة'، أعادت رسم حدود النقاش، ودفعت بكثير من الأطراف إلى إعادة تقييم مواقفها، بما في ذلك الإدارة الأمريكية. بحسب ما يقوله محللون سياسيون.
حماس تُحسم موقفها وتربك إسرائيل
الكاتب والمحلل السياسي د. إياد القرا اعتبر أن حماس قدمت موقفًا 'صارمًا ومنضبطًا' يعيد الكرة إلى ملعب الاحتلال، من خلال طرحٍ واضح يتضمن: وقف الحرب، انسحاب كامل من غزة، إطلاق الأسرى الفلسطينيين، استعادة الأسرى الإسرائيليين، وبدء عملية إعادة الإعمار، دون الدخول في مفاوضات لا نهائية أو شروط عبثية.
هذا الطرح – بحسب القرا – يُفقد إسرائيل القدرة على المناورة أمام العالم، ويكشف هشاشة استراتيجيتها القائمة على فرض الشروط الاستسلامية بدلًا من السعي إلى اتفاق واقعي. في الوقت نفسه، تزداد الضغوط على حكومة نتنياهو من عدة جهات، أبرزها عائلات الأسرى الإسرائيليين.
تقاطع مع الموقف الأميركي وتحوّل في الإدارة
الباحث نبيه عواضة اعتبر أن موقف حماس يحمل طابعًا 'متميزًا'، نظرًا لتكامله واستناده إلى ثوابت واضحة تتقاطع مع أولويات دولية. فقد أعاد إعلان الولايات المتحدة عن إعادة المبعوث الأميركي آدم بولر إلى ملف التفاوض الزخم لمساعي الحل، لا سيما في ضوء التصريحات السابقة لبولر التي أثارت استياء إسرائيل، ووصْفه قادة حماس بـ'الناس اللطفاء' عقب لقائه بهم في الدوحة.
ويشير عواضة إلى أن هذا التطور يعكس تغيرًا تدريجيًا في الموقف الأميركي، وربما استعدادًا أكبر للضغط على حكومة نتنياهو، التي ما تزال تعرقل الوصول إلى أي اتفاق متوازن، رغم ما يحمله ذلك من تهديد لمصير الأسرى الإسرائيليين أنفسهم.
أزمة داخل إسرائيل.. ونتنياهو محاصر
يُجمع المحللون على أن الأزمة باتت داخلية بقدر ما هي خارجية بالنسبة لحكومة الاحتلال، حيث يواجه نتنياهو معارضة متصاعدة من العائلات الإسرائيلية التي تطالب بصفقة عاجلة، في مقابل تمسكه بسياسات التعطيل والمراوغة، ما يُفسّر جزئيًا بوصفه محاولة لتوظيف الحرب سياسيًا في الداخل الإسرائيلي.
ويشير القرا إلى أن نتنياهو يراهن على إطالة أمد المعركة لتفادي سقوط سياسي محتوم، لكنه في المقابل يدفع بمزيد من التصدعات داخل الائتلاف الحاكم ومع المؤسسة الأمنية، التي باتت ترى أن الحلول العسكرية استُنفدت دون نتائج حاسمة.
وأوضح أن الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية باتت مكشوفة، حيث ترفض القيادة السياسية، وعلى رأسها نتنياهو، أي حلول واقعية، وتعمل على فرض شروط وصفها بـ'الاستسلامية' بدلًا من التوصل إلى اتفاق متوازن، في مسعى لاستثمار الحرب سياسيًا داخليًا.
وختم القرا تحليله بالتأكيد على أن الصراع لم يعد مقتصرًا على المقاومة، بل امتد ليشمل الداخل الإسرائيلي نفسه، مضيفًا أن الخيارات أمام الاحتلال باتت محددة: 'إما إنهاء الحرب واستعادة الأسرى، أو استمرار الغرق في مأزق سياسي وعسكري مفتوح على كل الاحتمالات'.
من جانبه رجح الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي، مهند مصطفى، أن يؤدي موقف حماس الجديد لأمرين متوازيين: الأول أن يلجأ نتنياهو لتكثيف العمليات العسكرية في قطاع غزة على أمل أن يجبر حماس على التراجع عن هذا الموقف، والثاني أن يواجه رئيس الحكومة الإسرائيلية ضغطاً متزايداً للذهاب إلى صفقة كاملة 'لأن هذا هو مطلب الشارع الإسرائيلي وأغلب عائلات الأسرى'.
وبحسب مصطفى فإن نتنياهو أصبح معزولاً سياسياً بسبب إصراره على مواصلة الحرب، كما أن محاولاته لتصعيد الحرب في غزة ستواجه صعوبات كبيرة 'في ظل الظروف التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي وعدم قدرته على حل ملف الأسرى رغم مرور 18 شهرا على الحرب'.
الاتفاق يعني سقوط نتنياهو
وحول الطريقة المتوقع أن يتعامل بها نتنياهو مع طرح حماس الجديد، قال مصطفى إن سياسة نتنياهو تقوم على مواصلة الحرب وليس على إنهائها، 'ليس فقط لتحقيق أهدافه ومصالحه، بل أيضاً لمحو الإخفاق التاريخي في السابع من أكتوبر'، مؤكدا أن نتنياهو يدرك أن الذهاب إلى اتفاق كامل كما طرح الحية يعني سقوط الحكومة الإسرائيلية.
بدوره اعتبر مصطفى أن العامل الأساسي والحاسم الآن لوقف الحرب هو الجانب الأميركي، باعتباره الطرف القادر على إجبار نتنياهو على وقف الحرب مقابل الإفراج عن جميع الأسرى، 'فنتنياهو لا يستطيع أن يقول لا للإدارة الأميركية الحالية على عكس الحال مع إدارة الرئيس السابق جو بايدن'.
ورأى مصطفى أن الضغط الأميركي -حال حدوثه- فإنه سيعطي نتنياهو الفرصة للرضوخ رغم ضغوط الأحزاب اليمينية في حكومته بحجة عدم قدرته على رفض الطلب الأميركي.
يلخّص المحللون المشهد بالقول إن الخيارات أمام إسرائيل باتت محدودة، في ظل انكشاف استراتيجيتها، وتغيّر بعض المواقف الدولية، بل وحتى تقارب أمريكي–حمساوي محتمل، ما يُرغم نتنياهو على أحد خيارين: إما الانخراط في حل سياسي شامل، أو مواصلة السير في نفق الحرب المظلم، حيث العزلة الدولية والتآكل الداخلي يهددان شرعيته ومستقبله السياسي.
وجدد رئيس المكتب السياسي لحماس، استعداد الحركة للانخراط في مفاوضات فورية بهدف التوصل إلى اتفاق شامل لتبادل الأسرى، شريطة أن يشمل وقفاً كاملاً للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وانسحاباً تاماً لقوات الاحتلال، وبدء عملية الإعمار وإنهاء الحصار.
وحذر الحية، في كلمته، أن 'الاتفاقات الجزئية تُستخدم من قبل نتنياهو وحكومته كغطاء سياسي لمواصلة حرب الإبادة والتجويع، حتى لو كان الثمن هو التخلي عن جنوده الأسرى'، مضيفاً: 'لن نكون جزءاً من تمرير هذه السياسة'.
وشدد على أن المقاومة الفلسطينية وسلاحها 'حق طبيعي وشرعي مرتبط بوجود الاحتلال'، وأنه لا يمكن المساومة عليه، مؤكداً أن هذا الحق كفلته كافة القوانين الدولية، كما هو الحال لدى جميع الشعوب الواقعة تحت الاحتلال.
كما رحّب رئيس وفد حماس المفاوض، بموقف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، آدم بولر، الذي أبدى دعمه لإنهاء ملف الأسرى والحرب بشكل متزامن، معتبراً أن هذا الطرح 'يتقاطع مع موقف الحركة الداعي إلى صفقة شاملة، تُنجز رزمة واحدة مقابل وقف العدوان وانسحاب الاحتلال وإعادة إعمار غزة'.