اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٣ حزيران ٢٠٢٥
يخوض رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عدة حروب في المنطقة الشرق شملت ' غزة، لبنان، سوريا، اليمن، إيران' في كل ساحة ظروف الحرب مختلفة عن الأخرى، لكن الرابط بين كل هذه الساحات هو الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها وفي المقدمة من ذلك إحداث أكبر تدمير ممكن في (البنى التحتية)، في محاولة يائسة لردع جميع الأطراف الفاعلة والقوى الحية في هذه المنطقة، وارسال رسائل لكل المعنيين بأن جيش الاحتلال الاسرائيلي قادر على التعامل مع جميع التهديدات.
جاءت هذه الحروب العدوانية في ظل أزمات داخلية متتالية ومتصاعدة يتعرض لها نتنياهو ( سياسية، وقضائية)، وهذا ما يدفعه لتسعير هذه الحروب في مختلف الساحات دون الاستجابة لأي نداءات أو دعوات دولية لايقاف هذه الهجمات، والتي تخمد في ساحة ثم تتصاعد في ساحة أخرى، وفي سبيل ذلك يحرص على إقناع مجتمعه وكل المعنيين في العالم من حلفائه بأنه يخوض: (حروب وجودية، أو حروب استقلال جديدة) وإعادة تقديم نفسه بصفته (المخلّص) أو (المنقذ)، للشعب اليهودي، من ما يصفه بمحاور الشر والإرهاب في المنطقة.
هو بذلك يحاول استثمار هذه الحروب كرافعة سياسية له في ظل اشتداد الضغوط الداخلية والخارجية فمن جهة يضغط خصومه السياسيين لمنعه من مواصلة هذه الحروب وتحديدا وقف الحرب على غزة واتمام صفقة التبادل، ومن جهة أخرى تتنامى الضغوط الخارجية من عديد من دول العالم، و التي بدت تغير موقفها وتطالبه بوقف الحرب على غزة واتمام صفقة التبادل على اعتبار أن الحرب في غزة لا مبرر لاستمرارها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد حتى وصلت الضغوط إلى الذروة وأصبح مستقبل ائتلافه على المحك في لحظة، والحديث عن الانتخابات أصبح يخيم على المشهد السياسي الاسرائيلي، وهذا أكثر ما يخيف نتنياهو.
لذلك كانت التقديرات تشير وبوضوح أن هذا 'الساحر الدموي'، يمكن أن يقفز في الهواء لإنقاذ نفسه من هذا الطوفان، ويفتعل حدث يمكن أن يدخل البلاد في حالة 'طوارئ' يتوحد خلفها كل الاسرائيليين، فكان السبيل لذلك إخراج ملف طهران من درج الأزمات الاستراتيجية وتظهيره للعالم مرة أخرى، ولكن على قاعدة أن إيران أصبحت تهديد نووي لا يطاق ليس لـ(إسرائيل) فحسب بل للمنطقة والعالم برمته، وأنها أصبحت على بعد مسافة قريبة جدا من امتلاك قنبلة نووية، فقام بإقناع الإدارة الأمريكية وتحرك سريعا بعمل عسكري كبير ضد المفاعلات النووية الايرانية والقيادة الايرانية وامتد ذلك لمهاجمة أهداف أخرى جلها أهداف مدنية.
ولكن الغريب أن نتنياهو كان مقتنع بأن الهجوم الجوي والضربة الافتتاحية في إيران يمكن أن تصنع الفارق وتغير المعادلة مع إيران، بمعنى؛ أنها يمكن أن تؤدي لتدمير البرنامج النووي بصورة كاملة، ليس هذا فحسب بل القضاء على كافة الدفاعات الجوية، وتحطيم منظومة الصواريخ الهجومية وبالتحديد ( الباليستية، والفرط صوتية)، وبالتالي كسر إرادة القيادة الايرانية وإجبارها على التراجع والاستسلام، والإذعان تماما لما تطالب به دولة الاحتلال والادارة الأمريكية التي شاركت في العدوان مباشرة أمس، لكن النتائج كانت عكسية، فلا هو نجح في تحطيم البرنامج النووي الايراني، ولا هو نجح في تحطيم أنظمة الدفاع، ولا هو نجح في تدمير منظومة الصواريخ الهجومية بعيدة المدى، الأمر الذي دفعه لمواصلة الهجمات بصورة جنونية في محاولة لتحقيق هذه الأهداف.
وسط هذه الأزمة والإخفاق بدأت نداءات الاستغاثة الاسرائيلية لمطالبة الادارة الأمريكية بالدخول في الحرب بذريعة أن سلاح الجو الاسرائيلي لم يفلح في تدمير البرنامج النووي الايراني بصورة كاملة، وأن من يملك القدرات العسكرية النوعية الكفيلة بضرب وتدمير المفاعلات النووية المقامة في عمق الجبال هي أمريكا، والتي أقدمت فجر أمس على شن هجوم كبير على إيران، غير آبهة بالتحذيرات من تداعيات هجماتها.
يمكن القول إن وحدة الإسرائيليين خلف نتنياهو في هذه الحرب لن تستمر طويلا، وسينقلب السحر على الساحر لتكون التداعيات والنتائج كارثية على مستقبله السياسي بصورة خاصة، وعلى أمن ومستقبل الكيان بصورة عامة، ومشهد استمرار سقوط الصواريخ الثقيلة على قلب الكيان بهذه الصورة سيفجر خلافات كارثية داخل الكيان، وسيكون له تداعيات على كافة المرافق والقطاعات التي لن تصمد طويلا أمام استمرار الهجمات واتساع رقعة الخراب والدمار، فضلا عن حالة الشلل الكامل التي تجتاح كافة المدن، وقد انكشفت الحقائق أمام المجتمع الداخلي أن وسائل الحماية والتدابير العسكرية الوقائية المتعلقة بطبقات (الدفاع الجوي) لم توفر الحماية الكافية سواء للمنشأت أو الأشخاص.