اخبار فلسطين
موقع كل يوم -سما الإخبارية
نشر بتاريخ: ١١ حزيران ٢٠٢٥
إسرائيل اليوم- بقلم داني زاكن
تبذل فرنسا مجهودات عظيمة لتكون الأوروبية الرائدة في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط، لكنها تلقت مؤخراً نوعاً من اليافطة القائلة: “تباطأ واعطِ حق الأولوية” للبيت الأبيض.
في أعقاب ذلك، قررت عدم طرح مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في المؤتمر الأسبوع المقبل (17 حتى 20 حزيران) في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.
وكان القرار اتخذ عقب سلسلة توجهات وتحذيرات من الإدارة الأمريكية للفرنسيين، رغم أن عنوانه المعلن هو “مؤتمر دولي للاعتراف بدولة فلسطينية”.
لقد كانت فرنسا مشاركة في اتفاق وقف النار مع “حزب الله”، بعد سنوات من التدخل في المنطقة، بما في ذلك اتفاق الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استضاف في الإليزيه الإرهابي (السابق؟) الجولاني، الذي توج نفسه رئيساً لسوريا، وهكذا أعطاه ختم حلال العالم الغربي.
في الجوانب السلبية، ماكرون هو المتحدث الأكثر مناهضة لإسرائيل بين زعماء أوروبا إزاء الحرب ضد حماس، وقد انضم إلى المتطرفين من إسبانيا وأيرلندا في المطالبة بتعليق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الاتحاد وإسرائيل، بما في ذلك محادثات التوافق، التي ترتب هذه العلاقات.
“ضغوط شديدة”
غير أن المؤتمر الدولي الذي بادر إليه ماكرون في نيويورك وهدفه الدفع قدماً بإقامة دولة فلسطينية، هو خطوة واحدة أبعد مما ينبغي حتى للأمريكيين. في إطار الإعداد للمؤتمر الذي يجري بالتعاون مع السعودية، طرحت إمكانية أن تعلن دول غربية مشاركة فيه عن الاعتراف بدولة فلسطينية وبقيادتها – أبو مازن وحكومته – كممثليها المنتخبين.
وتؤكد مصادر دبلوماسية أمريكية وعربية أن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية مارستا ضغوطاً شديدة على ماكرون من أن تكون لهذا المؤتمر تداعيات عملية أو تصريحية بعيدة الأثر. في البداية رد ماكرون الضغوط، وحسب هذه المصادر بدأ يفحص مع زعماء أوروبيين آخرين الاعتراف بدولة فلسطينية. ويبدو أنه تلقى تأكيداً من أربع دول على الأقل لإمكانية الانضمام إلى مثل هذا الإعلان.
هنا رفع الأمريكيون النبرة، وفي الأسابيع الأخيرة وصلت إلى قصر الإليزيه ضغوط لدرجة التهديدات الحقيقية.
وحسب مصدر أمريكي، قيل في أحد المحادثات للفرنسيين بأنه “إذا ما حصل اعتراف بدولة فلسطينية حتى ولو من جهة دولة غربية واحدة في أثناء المؤتمر في نيويورك على الأراضي الأمريكية، فسيعد الأمر إهانة شخصية للرئيس دونالد ترامب. وعندما لم يكن الرد الفرنسي مرضياً، أوضح الأمريكيون بأنه سيكون رد فعل حاد لهذه الخطوة.
هنا فهمت باريس صورة الوضع، وحاولت تقليص الأضرار. وأجرت محادثات وإحاطات في إسرائيل مع صحافيين حاولوا تشديد الجانب الإيجابي والاعتراف بالمطالب الإسرائيلية.
رسالة أبو مازن
نشرت “إسرائيل اليوم” أن فرنسا اتخذت القرار، وبموجبه اعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية لن يكون جزءاً من إعلان نهائي لمؤتمر نيويورك. مستشارة كبيرة لماكرون، عرضت لمسؤولين كبار في وزارة الخارجية في القدس أهداف المؤتمر، وبزعمها أن المؤتمر يأتي لمساعدة إسرائيل بالذات. وأضافت بأن رؤيا الانعقاد يتضمن مطالبة بتحرير المخطوفين، ودعوة صريحة لنزع سلاح حماس، وإيضاح بأنها لن تكون جزءاً من الحكم المستقبلي في غزة، وكذا تعهد من السلطة الفلسطينية بوقف رواتب الإرهاب والتحريض ضد إسرائيل في كتب التعليم. وأضافت مندوبة ماكرون بأن الدول العربية المشاركة في المؤتمر ستصادق على هذه المطالب، وعليه فإن الأمر ينسجم مع مصالح إسرائيل التي تؤيد فرنسا، على حد قولها، مواقفها.
كل هذه النقاط مطالب إسرائيلية، أعلنت السلطة علناً عن موافقتها عليها، ونزع سلاح حماس وتطالب به على رؤوس الأشهاد. غير أن إسرائيل اعتقدت بأن هناك احتمالاً ألا يمنع ماكرون إعلانات من جانب قسم من الدول الغربية التي تعترف بدولة فلسطينية.
وأكدت المصادر الأمريكية بأن ضغوط البيت الأبيض فعلت فعلها. إضافة إلى ذلك، نقلت تحذيرات لبعض دول (مشبوهة) كفيلة بأن تعترف بدولة فلسطينية. إحدى هذه الدول على الأقل ردت بأن مقر الأمم المتحدة في نيويورك حيث سينعقد المؤتمر، هو في واقع الأمر خارج إقليمي، وأنها كفيلة بألا تستجيب للمطلب الأمريكي.
مفتوح للإسرائيليين
الضغط الأمريكي على فرنسا- ماكرون، عمل أيضاً في مستويات أخرى؛ ففي الأسبوع القادم سيفتتح في لا بورجيه، باريس، الصالون الجوي الدولي، وهو واحد من معارض الصناعات الأمنية والمدنية المرتبطة بالطيران. يفترض بعشرات الشركات الإسرائيلية أن تشارك في الصالون، وعلى رأسها الثلاثة الكبرى، الصناعات الجوية، وال بيت، ورفائيل.
هذه هي إحدى الساحات الهامة للغاية، إن لم تكن الأهم، للترويج للمبيعات الأمنية والمدنية، مثل تحويل طائرات مسافرين إلى طائرات نقل. وهكذا، في أعقاب الصالون الذي جرى قبل سنتين، وقعت صفقات بقيمة أكثر من 150 مليار دولار في أثناء المعرض.
تجتذب الصناعات الإسرائيلية اهتماماً كبيراً بفضل منظومات الرادار والدفاع الجوي ومجالات متعددة أخرى، والحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى ارتفاع هائل في الطلب على المنتجات الإسرائيلية. مع ذلك، حاولت فرنسا ألا تصل الشركات الإسرائيلية هذه السنة إلى المعارض الموازية في المجالين البري والبحري. وسمح لها بالوصول في هاتين المحاولتين في النهاية.
ورغم الضغط الأمريكي، لم تقاطع فرنسا الشركات الإسرائيلية. ثمة توجه إلى المحكمة في فرنسا من جانب منظمات مناهضة لإسرائيل، لكن لم يصدر أي قرار حتى الآن يمنع الإسرائيليين من الوصول إلى الحدث.