اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٠ نيسان ٢٠٢٥
لا تُخفي الصحفية البارزة في الولايات المتحدة د. روزماري آرماو، قلقها وغضبها مما يجري في غزة، وتحديدا من صمت العالم تجاه معاناة المدنيين واستهداف الصحفيين، متجاوزة المواقف الدبلوماسية، لتصف الواقع كما تراه: إبادة جماعية، وتواطؤ دولي، وتضامن لا يزال عاجزا عن ملامسة عمق الجرح الفلسطيني.
في حديث خاص مع صحيفة 'فلسطين'، ترى آرماو، وهي أستاذ في الصحافة بجامعة ألباني بالولايات المتحدة، أن مشاعر التضامن مع الفلسطينيين موجودة بالفعل في كثير من أنحاء العالم، وتتجلى في 'ألم وحزن بالغين' يشعر بهما الناس عند مشاهدة التقارير القادمة من غزة.
وتقول: 'الشعب الكمبودي على سبيل المثال، كما لاحظت خلال زيارتي الأخيرة، يدرك جيدا حجم المعاناة'، مضيفة أن الكثير من الأمريكيين، والأوروبيين خاصة من فئة الشباب، بل وحتى من اليهود، يرفضون ما يحدث رغم محاولات 'الحكومة الإسرائيلية وحلفائها السياسيين تصوير الأمر كمعركة ضد الإرهاب أو معاداة السامية'.
وتُبدي شكوكا عميقة في جدوى هذا الشكل من التضامن مع المدنيين الفلسطينيين في العالم وإمكانية رفع مستواه ليلامس معاناتهم، معتبرة أن المشاعر وحدها لا تكفي لتغيير الواقع، وتضيف: 'طالما أنك لا تُقصف أو تتضور جوعا، كيف يمكنك أن تشعر بذات الشعور؟' ثم تتابع بنبرة واقعية قاسية: 'نحن نشاهد التقارير الإخبارية ونقرأ القصص، لكننا نعود لنأكل عشاء دسمًا ونطفئ الأخبار لننام'.
وتتابع: نحن لا نعيش تلك المعاناة. أما من يعيشونها — في أوكرانيا، السودان، أفغانستان، وغيرهم ممن يتعرضون للهجوم والقمع — فلا يملكون إلا أن يقدموا المواساة والتضامن.
حديث 'آرماو' يتزامن مع حرب الإبادة الجماعية المستمرة في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أسفرت عن استشهاد وجرح أكثر من 167 ألف مواطن معظمهم أطفال ونساء، وفق وزارة الصحة ومنظمات معنية بحقوق الإنسان.
ورغم دخول اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني بغزة، فإن (إسرائيل) استأنفت في الثاني من مارس/آذار إغلاق المعابر المؤدية إلى القطاع ومنعت دخول حتى المساعدات الإنسانية إلى أكثر من مليوني غزي.
وفي 18 مارس/آذار، استأنفت (إسرائيل) حرب الإبادة الجماعية عسكريا، ومنذ ذلك الحين استشهد 1691 غزيا وأصيب 4464 آخرون.
وتشمل حرب الإبادة الجماعية استخدام التجويع والتعطيش سلاحا ضد المدنيين في غزة، كما تقول المنظمات الدولية، في وقت تضرب فيه المجاعة القطاع، وتتعمق أكثر فأكثر.
'استهداف عن قصد'
ومن منظور 'آرماو'، تكمن المشكلة في أن الحكومات الداعمة لـ(رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو تتعامل مع قتل وتهجير المدنيين الفلسطينيين 'كأضرار جانبية مؤسفة لكنها ضرورية لأمن (إسرائيل)'، على حد زعمهم.
فيما يتعلق باستهداف الصحفيين الفلسطينيين، لا تتردد آرماو في وصف ما يحدث بأنه متعمد، بل وتذهب أبعد من ذلك قائلة: 'أعتقد أن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية، واستهداف الصحفيين يتم عن قصد'.
وتشير بأسى إلى تقاعس المؤسسات الدولية، مشددة على أن ما يلزم هو 'إدانة موحدة من الصحفيين حول العالم، وتحرك من الأمم المتحدة عبر اتخاذ إجراءات، وأن يتحرك العالم بأسره غاضبا'.
غير أنها تظهر تشاؤمها: 'هل أظن أن هذا سيحدث؟ للأسف، لا'. وتُرجع ذلك إلى 'إصرار' (اسرائيل) المدعوم من الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب، وهو ما 'يكتم أصوات الاحتجاج أو يجعلها محفوفة بالخطر الشديد'.
ومنذ بدء حرب الإبادة الجماعية، استشهد ما لا يقل عن 212 صحفيا في غزة، بحسب إحصاءات رسمية.
وسجل مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، 'ارتفاعا هائلا' في عمليات القتل والاعتقال والرقابة ضد الصحفيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبحسب مدير المكتب أجيث سونغاي، من بين الصحفيين الضحايا 27 صحفية على الأقل. وفي تصريحات صحفية قال: 'شهدنا تدمير مكاتب ومقرات وسائل الإعلام بالكامل. وفي كل من غزة والضفة الغربية، تم اعتقال العديد من الصحفيين الفلسطينيين أيضا. وسجلنا وتلقينا تقارير عن سوء معاملة قد تصل إلى حد التعذيب للصحفيين المعتقلين، بالإضافة إلى تهديدات مزعجة بالعنف الجنسي ضد الصحفيات، وكذلك الرجال والنساء على حد سواء'.
المسؤول الأممي ذكَّر بأن الصحفيين هم مدنيون محميون من الهجمات بموجب القانون الدولي الإنساني، ما لم يشاركوا بشكل مباشر في الأعمال العدائية، مضيفا 'القتل المتعمد للصحفيين جريمة حرب'.