اخبار فلسطين
موقع كل يوم -سما الإخبارية
نشر بتاريخ: ٢٢ تموز ٢٠٢٥
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعدته مراسلة الشؤون القانونية والبيئة نينا لاخاني، قالت فيه إن تنظيف الأنقاض في غزة قد ينتج عنها 90,000 طن من انبعاث غازات الاحتباس الحراري. وقد تستغرق معالجة الأنقاض الناجمة عن تدمير إسرائيل للمنازل والمدارس والمستشفيات أربعة عقود.
وأشارت دراسة نشرت في مجلة “إنفيرومانتال ريسريتش: إنفراستكتشر أند ساستينابليتي” (أبحاث البيئة: البنى التحتية والاستدامة)، إلى أن القصف الإسرائيلي على قطاع غزة وملايين الأطنان التي خلفها من الأنقاض، ستؤدي إلى عشرات الآلاف من الأطنان من غازت الاحتباس الحراري.
فقد أدى تدمير إسرائيل للمنازل والمدارس والمستشفيات في غزة إلى توليد ما لا يقل عن 39 مليون طن من حطام الخرسانة ما بين تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وكانون الأول/ ديسمبر 2024، الأمر الذي سيتطلب ما لا يقل عن 2.1 مليون شاحنة تسير لمسافة 18 مليون ميل (29.5 مليون كيلومتر) لنقلها إلى مواقع التخلص منها، حسبما قال باحثون.
وتقول الدراسة إن مجرد إزالة الأنقاض يعادل السياقة 737 مرة حول محيط الأرض، وسيولد ما يقرب من 66,000 طن من معادل ثاني أكسيد الكربون، حسب باحثيْن في جامعتي إدنبرة وأكسفورد، اللذين استخدما مصادر متطورة في الاستشعار عن بعد لرصد الانبعاثات المرتبطة بالصراع وتحليلها.
وتعد الدراسة جزءا من حركة متنامية لتقدير التكاليف المناخية والبيئية للحرب والاحتلال، بما في ذلك الأضرار طويلة المدى التي لحقت بالأرض ومصادر الغذاء والمياه، بالإضافة إلى عمليات التنظيف وإعادة الإعمار بعد الصراع. وتعد هذه الدراسة الأكثر تفصيلا حتى الآن للتكلفة الكربونية واللوجستية للتعامل مع الأنقاض التي تخفي في غزة آلافا من رفات البشر مجهولي الهوية وسموما مثل الأسبستوس وذخائر غير منفجرة.
وقد درس الباحثان سيناريوهين لحساب سرعة معالجة الأنقاض غير الملوثة وتأثيرها المناخي، والتي يمكن استخدامها لاحقا للمساعدة في إعادة إعمار الأراضي الفلسطينية المدمرة.
وعلى فرضية أن نسبة 80% من الأنقاض قابلة للتكسير، فإن أسطولا من 50 كسارة فكية، يبدو أنه لم يسمح لها قط بدخول غزة حتى الآن، ستحتاج إلى ما يزيد عن ستة أشهر لتكسير الأنقاض، بشكل يؤدي إلى توليد حوالي 2,976 طنا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وفقا للدراسة.
لكن الأمر سيستغرق أسطولا من 50 كسارة أصغر، من النوع المستخدم بشكل أساسي في غزة، أكثر من 37 عاما لمعالجة الأنقاض، مما يولد حوالي 25,149 طنا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
وفي هذا السيناريو، سيكون ثاني أكسيد الكربون الناتج عن نقل وتكسير الأنقاض من المباني المدمرة في غزة مساويا لشحن 7.3 مليار هاتف محمول.
وكلما طالت مدة بقاء الأنقاض الملوثة في مكانها، زاد الضرر الذي ستلحقه بالهواء والماء وصحة مليوني فلسطيني نزحوا وتضوروا جوعا وتعرضوا للقصف لمدة 21 شهرا. وقال سامر عبد النور، الفلسطيني- الكندي، المؤلف الرئيسي والمحاضر البارز في الإدارة الاستراتيجية في كلية إدارة الأعمال بجامعة إدنبرة: “قد تبدو انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن إزالة الأنقاض ومعالجتها صغيرة مقارنة بالتكلفة المناخية الإجمالية للدمار في غزة، ولكن تركيزنا الدقيق يسلط الضوء على العمالة والعمل المطلوب حتى لبدء عملية إعادة الإعمار”.
وفي تعليقه على الدراسة، قال المحاضر البارز في كلية كوين ماري بجامعة لندن، بن نيمارك، والذي يقود فريقا يقدر الثمن البيئي للحروب الإسرائيلية الأخيرة: “يعد التركيز المنهجي على الأنقاض عملا متطورا، إذ أنه يسلط الضوء على الأضرار البيئية التي تخلفها الجيوش بعد انتهاء الحرب، والتي غالبا ما لا يتم الالتفات إليها. ويقدم هذا العمل نظرة جديدة على الصور اليومية للمباني المدمرة وأنقاض غزة، بدلا من اعتبارها آثارا مناخية طويلة الأمد للحرب. وتمتد غزة على طول الأرض 25 ميلا، وقد تضرر أو دمر أكثر من 90% من منازل غزة، بالإضافة إلى الغالبية العظمى من المدارس والعيادات والمساجد والبنية التحتية.
ويدمج التحليل الحالي بيانات من مصادر مفتوحة حول مساحة سطح المبنى وارتفاعه والأضرار الهيكلية وطوبولوجيا شبكة الطرق لتقدير توزيع الحطام في جميع أنحاء غزة، ثم حساب التكلفة الكربونية لمعالجة ونقل هذا الحطام أثناء إعادة الإعمار، وفقا لنيكولاس روي، المؤلف المشارك في الدراسة الذي جمع البيانات وأجرى التحليل. وقال طالب الماجستيرفي علم الإحصاء بجامعة أوكسفورد: “بالنظر إلى المستقبل، فإن الدقة المكانية والزمانية الدقيقة لصور الأقمار الاصطناعية والتقدم في التعلم العميق لتصنيف المباني والأضرار والأساليب التي تدمج المعلومات من وجهات نظر مختلفة، مثل لقطات الهاتف المحمول على مستوى الشارع وصور الأقمار الاصطناعية من أعلى إلى أسفل، تفتح فرصا جديدة لتقدير الانبعاثات العسكرية عبر نطاقات مختلفة وفهم التكلفة المناخية الحقيقية للحرب بشكل أفضل”.
ويسبب حرق الوقود الأحفوري فوضى مناخية، مع تزايد الظواهر الجوية المتطرفة القاتلة والمدمرة، مما يجبر أعدادا قياسية من الناس على الهجرة.
وتعد منطقة الخليج من بين أكثر المناطق عرضة للظروف والكوارث المناخية المتطرفة، بطيئة الظهور، بما في ذلك الجفاف والتصحر والحرارة الشديدة وعدم انتظام هطول الأمطار، بالإضافة إلى التدهور البيئي وانعدام الأمن الغذائي ونقص المياه.
وتقدر البصمة الكربونية العسكرية الإجمالية (أي الإنبعاثات الحرارية الناجمة عن نشاطات عسكرية) بحوالي 5.5% من الانبعاثات العالمية، باستثناء غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الصراعات والحروب. وهذا يفوق المساهمة المجتمعة للطيران المدني (2%) والشحن (3%).
ويحاول الباحثون حساب التكاليف المناخية المتولدة في اثنين من أكثر الصراعات دموية حاليا: حرب روسيا في أوكرانيا والهجمات العسكرية الإسرائيلية على غزة والشرق الأوسط، والتي قد تساعد في نهاية المطاف في حساب مطالبات التعويضات.
ففي حزيران/ يونيو، وجدت دراسة أجراها نيمارك أن التكلفة المناخية طويلة الأمد لتدمير غزة وتطهيرها وإعادة بنائها قد تتجاوز 31 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. وهذا يفوق إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري السنوية لعام 2023 الصادرة عن كوستاريكا وإستونيا، ومع ذلك، لا يوجد أي التزام على الدول بالإبلاغ عن الانبعاثات العسكرية لهيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة.
وقال ستيوارت باركنسون، المدير التنفيذي لمنظمة “علماء من أجل المسؤولية العالمية”: “الجيوش والحرب مساهمان كبيران وخفيان في أزمة المناخ، من المهم شمل النطاق الكامل للأنشطة، من إنتاج المعدات العسكرية إلى استخدام الوقود أثناء القتال والأضرار التي لحقت بمخازن الكربون مثل الغابات إلى جهود التنظيف وإعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب. هذه الدراسة تعتبر إضافة إلى الصورة الأكبر للانبعاثات المرتبطة بالحرب”.