اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٠ تموز ٢٠٢٥
في محافظة الخليل ـ أكبر محافظات الضفة الغربية ـ خرج بعض الأشخاص ممن يحسبون أنفسهم على عشائر الخليل، وأجروا اتصالات سياسية مع بعض الوزراء الإسرائيليين، ومن ضمنهم المتطرف نير بركات رئيس بلدية القدس السابق، الذي استضافهم في بيته أكثر من مرة، ونسق معهم آلية ترتيب لقاء مع نتانياهو، بهدف اعترافهم بيهودية الدولة مقابل اعتراف الدولة اليهودية بهم زعماء وقادة لإمارة الخليل، التي ستنشق عن السلطة الفلسطينية، وتنفرد بعلاقات اقتصادية مستقلة، بما في ذلك الانضمام إلى جوفة المطبعين مع العدو الإسرائيلي.
وبهذا يكون قادة إمارة الخليل قد ساروا على درب قيادة منظمة التحرير الفلسطينية؛ التي اعترفت بدولة إسرائيل مقابل اعتراف دولة إسرائيل بالمنظمة ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني.
وبغض النظر عن حجم هؤلاء الفالتين، ومدى تمثيلهم للعائلات والعشائر في محافظة الخليل، وبغض النظر عن أهدافهم الشخصية ومصالحهم، وعن ارتباطاتهم المتجذرة والعميقة مع العدو، فإن واقع القيادة الفلسطينية المتخاذل والمتهالك والمتهافت على لقاء الإسرائيليين، كان المحرك الرئيسي لهؤلاء الساقطين في مستنقع مصالحهم، ولاسيما بعد أن تيقنوا أن القيادة الفلسطينية تقيم علاقات أمنية مع المخابرات الإسرائيلية، فما المانع أن يتعاونوا هم مع المخابرات الإسرائيلية، وطالما كانت القيادة الفلسطينية تقبض الملايين من الإسرائيليين، وقد استشرى الفساد في عروقها، فلماذا لا يكونوا هم أصحاب الملايين؟ وهذا ما جاء في تقرير القناة العبرية التي كشفت ستر اللقاءات، وإذا كانت القيادة الفلسطينية بعد 40 سنة من اتفاقية أوسلو المدانة من طرفهم، لم تحقق للشعب الفلسطيني حرية ولا نصر ولا استقلال اقتصادي ولا معابر مفتوحة، وطالما عجزت القيادة الفلسطينية عن حماية الأرض من المستوطنين، وقد بلغت زيادة الاستيطان في الضفة الغربية نسبة 40% في السنوات الخمس الأخيرة فقط، وهناك مشروع حسم قدمة 14 وزيراً إسرائيلياً يطالبون حكومتهم بضم الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية، وطالما كانت القبلية والمناطقية والعشائرية منتشرة في ربوع السلطة الفلسطينية، فلماذا لا يفتشون عن مقامهم ومكانتهم، وإذا كانت القيادة الفلسطينية قد وقفت موقف المتفرج والشامت بالعدوان الإسرائيلي ضد أهل غزة وأهل شمال الضفة الغربية، فلماذا لا يبادرون إلى حماية أنفسهم، من الاستيطان والعدوان، ولو عن طريق الخنوع والهوان، وإذا كان أصل وجود القيادة الفلسطينية في رام الله يقوم على الاعتراف الإسرائيلي بهم، فلماذا لا يسعى مشايخ بعض عائلات الخليل وشخصياتها للاعتراف بيهودية الدولة مقابل الاعتراف بهم قيادة لإمارة الخليل.
القيادة الفلسطينية هي التي أنجبت أي شخصية فلسطينية تفتش عن علاقة تعاونية وأمنية مع العدو، والقيادة الفلسطينية هي التي حضت الساحة الفلسطينية إلى المزيد من الانقسام والتشرذم، والقيادة الفلسطينية هي التي ستغرق مستقبل الضفة الغربية في الصراعات الداخلية، والخلافات العائلية والقبلية، وهي التي تتحمل المسؤولية، وهي المدانة والمتهمة والمبغوضة من الشعب الفلسطيني، وفق مجمل استطلاعات الرأي.
إمارة الخليل التي يطالب بها بعض وجهاء ومشايخ القبائل فكرة إسرائيلية مستوحاة من كتب اليهود الدينية، وعلى ذلك تم بناء الموقف السياسي الإسرائيلي؛ الذي تعمل عليه القيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية، وهي تسعى جاهدة إلى إقامة إمارة الخليل، ومن ثم إمارة نابلس، وإمارة جنين، وإمارة رام لله، وإمارة أريحا، معتمدين في ذلك على كتبهم الدينية، ألتي تصف صراع اليهود التاريخي على أرض فلسطين مع الممالك الفلسطينية في الزمن الغابر، وحين تفتش عن حجم ومساحة ومكانة الممالك الفلسطينية التي هزمها اليهود في تلك الفترة الأسبق من الميلاد، تكتشف أنها مجرد مدن صغيرة، أو تجمعات سكنية كنعانية، لها شيخ أو قائد أو حاكم، وقف في وجه الغزاة المعتدين، وقاتلهم، وحاول صدهم عن أرضه، فتآمروا عليه، وقضوا على مملكته المزعومة.
الهدف الإسرائيلي ـ الأبعد من السياسي ـ من التشجيع على إقامة هذه الإمارات الفلسطينية، أو الممالك الفلسطينية، هو التأكيد على الرابط الروحي بين عودة اليهود إلى أرض الميعاد كما يزعمون، وبين تمددهم على كل أرض إسرائيل، التي لا تقف حدودها عن أرض فلسطين فحسب، وإنما تتجاوزها إلى ما بين النيل والفرات، تحقيقاً للوعد الإلهي الذي يقول ليعقوب: لنسلك أعطى هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات.

























































