اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
مع أولى ساعات الفجر، انهمك الشقيقان أحمد ونضال حسين في محاولة يائسة لإصلاح خيمتهما الممزّقة داخل مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.
يقفان تحت سماء شتوية ثقيلة، يحمل كل منهما قطعة نايلون مهترئة يحاول تثبيتها فوق سقف الخيمة التي لم تعد تصلح حتى لصدّ نسمة هواء، لكنهما-رغم كل الجهود-لم يتمكنا من منع مياه الأمطار الغزيرة من التسرب إلى الداخل، لتغرق ما تبقى من مساحة ضيقة تُشكّل آخر ما لديهم من خصوصية بعد أن دمّر القصف الإسرائيلي منزليهما وكل ما يملكانه.
فالخيمة التي يسكنانها اليوم ليست سوى بقايا قماش ممزّق وثقوب أحدثتها شظايا الصواريخ التي سقطت على الحي خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023م واستمرت لعامين كاملين.
وبعد أن تحولت منازل آلاف العائلات إلى ركام، وجد الشقيقان نفسيهما مضطرين إلى بناء خيمة مربعة الشكل مستخدمين ما تبقى من قطع النايلون التي جمعوها من الأنقاض، على أمل أن تكون قادرة على حماية أسرهما من برد الشتاء، لكن دون جدوى.
خيام مهترئة
يقول نضال لصحيفة 'فلسطين'، وهو يزيل المياه من داخل الخيمة بعصا خشبية، إنه يعمل منذ أيام على سدّ الثقوب التي أحدثتها الشظايا في السقف والجدران، إلا أن الأمطار هذه المرة كانت أقوى من قدرته على المواجهة.
ويضيف وهو ينظر إلى ملابس أطفاله المبللة: 'لم يترك المطر مكانًا جافًا داخل الخيمة'، مشيرًا إلى أنه قضى الليل كاملاً هو وزوجته يحاولان حماية أطفالهما الثلاثة بينما كانت المياه تتدفّق داخل الخيمة من كل اتجاه.
ويشير حسين، وهو أب لثلاثة أطفال، إلى أنه اضطر ذات ليلة إلى لفّ أطفاله بملابسه الخاصة بعد أن غمرت المياه كل الأغطية والفرشات.
ويمضي قائلًا بصوت يختلط فيه اليأس بالغضب: 'لا يوجد لدينا شيء جاف… لا فرش، ولا ملابس، ولا حتى قطعة قماش نغطي بها الأطفال'.
ويوجّه نداءً عاجلًا لكل المؤسسات الإنسانية والدولية لممارسة الضغط على سلطات الاحتلال للسماح بإدخال الخيام وقطع النايلون والشوادر التي أصبحت اليوم وسيلة النجاة الوحيدة لعشرات الآلاف من العائلات، إلى جانب العمل على إعادة إعمار ما دمّره الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
إعادة الإعمار
وبالقرب منه، يقف شقيقه أحمد، واضعًا كفّه على رأسه بينما ينظر إلى السماء متخوفًا من جولة جديدة من المطر.
ويقول لـ'فلسطين': 'من لم يمت بالقصف سيموت من البرد أو المطر'.
أحمد—وهو أب لطفلين—يعيش ظروفًا لا تختلف كثيرًا عن شقيقه، إذ اضطر إلى إرسال زوجته للمبيت عند أهلها بعدما أصبحت خيمته غير صالحة للسكن بسبب تسرب الأمطار إليها.
ويعرب حسين عن خوفه على ابنه الرضيع 'مجد' الذي لم يتجاوز عمره الشهرين، قائلاً: 'لو دخلت المياه مرة أخرى إلى الخيمة، لا أعرف إن كان طفلي سيحتمل البرد القارس'.
ويؤكد أن العائلات لا تطلب شيئًا معقدًا: 'نحن لا نطلب منازل الآن… نريد فقط خيمة تستطيع صدّ المطر، قطعة نايلون، أي شيء يمنع المياه من الدخول'.
ويوجه نداءً إلى العالم الحر مطالبًا بالتحرك الفوري لإدخال الخيام والفرشات والبطانيات وبدء إعادة إعمار ما دمرته الحرب.
أزمة تمتد إلى مليون نازح
ليست معاناة الشقيقين نضال وأحمد سوى نموذج لما يعيشه أكثر من مليون نازح في قطاع غزة، ممّن وجدوا أنفسهم يعيشون في خيام بالية لا تصلح للسكن الآدمي.
وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال احتياجات أساسية لقطاع غزة، بما فيها الخيام والشوادر وقطع النايلون التي يلجأ إليها المواطنون لتغطية خيامهم ومنع تسرب المياه إليها، رغم الحاجة الإنسانية الملحّة بعد حرب الإبادة التي استمرت لعامين.
وتستقبل مدن ومخيمات قطاع غزة موسم الأمطار بخيام مهترئة تزداد معها معاناة السكان يومًا بعد آخر في ظل صمت عربي مطبق.
وبحسب مؤسسات حقوقية، فإن القطاع بحاجة إلى 300 ألف خيمة جديدة، فيما أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'أونروا' أن أكثر من 282 ألف منزل في غزة دُمّر أو تضرر خلال حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي استمرت لعامين.
وأشارت الوكالة في بيان لها إلى اضطرار عشرات آلاف العائلات الفلسطينية للعيش في خيام مع اقتراب فصل الشتاء.

























































