اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٢ نيسان ٢٠٢٥
{ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ
﴿إِنّي وَضَعتُها أُنثى﴾ آل عمران36
في التاريخ المجيد ومسار النبوة الطاهر، كان للمرأة دور عظيم وملهم. فقد كانت سيدة نساء الجنة {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ}(التحريم 11)، وكذلك {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَان} (التحريم 12). كانت خديجة رضي الله عنها أول من أسلم واحتضن البعثة، وكان غيابها عام الحزن، وكانت سمية رضي الله عنها أول شهيد في الإسلام.
وفي مسيرة موسى عليه السلام كانت أمه {فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي} (القصص 7)، وكانت أمه الثانية المحتضنة {لَا تَقْتُلُوهُ}(القصص 9)، وكانت أخته {إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ} (طه 40)، وكانت زوجته {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} (القصص 26).
نعم، وراء كل رجل عظيم امرأة، ونعم، في غزة الطوفان والمحرقة، الرجل العظيم يقف خلفه سيدة الأرض، المرأة الفلسطينية. وأحسبها والله حسيبها سيدة شهداء الجنة.
لله دركِ يا سيدة الأرض! إنها أمي وزوجتي وأختي وابنتي، وكل فلسطينية عاشت مع نبض أرضها المقدسة. تقدمت الصفوف تبني جيل التحرير وتغرس في قلوب أولادها الفداء والتضحية لأجل القدس وفلسطين. بل وتذهب بعيدًا لتقف كإبراهيم عليه السلام، شامخة كنخلة باسقة الظلال، لتودع ولدها الذي يمضي استشهاديًا كإسماعيل عليه السلام. الأمهات الخنساوات لا يصبرن وحسب على شهادة أولادهن، بل يرسلنهم استشهاديين، بعد أن ينفقن حليهن لشراء سلاحهم. يرسلنهم للشهادة، وهُنَّ قائلين: 'فلسطين تستحق، والقدس بدها'.
{إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} (الصافات 102). كانت ومازالت هذه الأم العلامة الفارقة في تاريخ الفداء المعاصر، وكلمة السر في الصمود والصبر والثبات والانتصار.
إنها سيدة الأرض، الشهيدة، والاستشهادية، التي ترتقي في الصف الأول والخندق الأمامي، حيث العدد الأكبر اليوم من شهداء محرقة غزة. لقد بشر بها رسول الله ﷺ، فكانت المرأة الفلسطينية التي زاحمت في شتى المجالات، وهي نصف المجتمع الصابر المحتسب الثابت، وتربي النصف الآخر. تعاظم دورها في محرقة غزة السادية، حيث هي بمقام الأم، الأب، الزوجة، الأخت، الابنة، الطبيبة، المعلمة، الراعية، وفي طليعة أفواج الشهادة.
هي سنديانة وعمود وخيمة التحرير، ومركز ثقل انتصار، ورمانة ميزان الملحمة. إنها الأم، الزوجة، الأخت، الابنة الفلسطينية التي ما ترددت استجابة لنداء ربها {فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} (القصص 7)، بل قذفت ولدها في حمم نيران، وليس في نهر.
واليوم، الفلسطيني يستبشر كثيرًا حين يرزقه الله أنثى، يهبها لله على طريق تحرير القدس والأقصى، حين يستمع إلى خطاب ربنا تبارك وتعالى {إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى} (آل عمران 36). إنها مدماك فولاذي لمسار القدس، ولطريق التحرير الطويل، ونموذج أسطوري للصبر، والرباط، والجهاد، والفداء. وأحسبها والله حسيبها سيدة شهداء الجنة.