اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٨ أيار ٢٠٢٥
في قطاع غزة، حيث تشتدّ وطأة الحرب والحصار، تحوّلت الأزمة الإنسانية إلى كارثة تهدّد حياة الملايين. ومنذ إغلاق المعابر الحدودية مطلع مارس/آذار الماضي، وتوقّف شحنات المساعدات الإنسانية، أصبحت المواد الغذائية شحيحة بشكل غير مسبوق، وارتفعت أسعارها إلى مستويات خيالية، ما دفع السكان إلى البحث عن بدائل بدائية لسدّ رمقهم.
في مشهد يعكس قسوة الحياة، عادت الحشائش البرية مثل الخبيزة، الحميض، الرجلة، الحماصيص وحتى ورق التوت لتتصدر موائد كثير من العائلات، بعدما باتت بديلًا اضطراريًا عن الخضار والمواد الأساسية المفقودة أو الباهظة الثمن.
في 12 مايو الجاري، حذّرت الأمم المتحدة وشركاؤها في تقرير رسمي من أن جميع سكان غزة، البالغ عددهم نحو مليوني نسمة، باتوا يواجهون خطر المجاعة، في ظل استمرار إغلاق المعابر وتصاعد العمليات العسكرية.
ووفقًا لتقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، فإن نحو 469,500 شخص يعانون من جوع كارثي، فيما يحتاج أكثر من 71,000 طفل و17,000 أم إلى تدخل عاجل لعلاج سوء التغذية الحاد.
فاتن عبيد، أم لستة أطفال من حي الدرج، لم تعد تملك دقيقًا ولا مالًا لشراء الخضار. كل يومين، تخرج إلى قطعة أرض تملكها شقيقتها لتجمع الخبيزة والرجلة والحميض.
تقول لصحيفة 'فلسطين': 'الأسعار جنونية، ولا يوجد ما نأكله. جمعتُ الأعشاب وصرتُ أعدّ منها ثلاث وجبات أسبوعيًا، نكرّرها رغم الملل'.
وتضيف بابتسامة باهتة: 'أبتكر وصفات من الرجلة والحميض كبديل للسبانخ، وأصنع منها فطائر حامضة بالطين والملح والشطة، أو أطبخها مع العدس البني'.
صابرين قبلان، مزارعة من بلدة عبسان، اعتادت طهو الخبيزة والحماصيص في مواسم الشتاء. لكن بعد أن جرفت قوات الاحتلال أرضها مع بداية الحرب، باتت تجمع الأعشاب من المناطق المتاحة، وتعدّ منها فطائر تخبزها على فرن الطين.
تقول لـ'فلسطين': 'كانت أطباقًا جانبية نأكلها نادرًا، أما اليوم فهي وجبتنا الرئيسية. لا لحوم، لا دجاج، لا معلبات.. والأعشاب أصبحت كنزنا الغذائي الوحيد'.
أنسام عطاالله، جدة تسكن أحد مراكز الإيواء، قامت بسلق أوراق التوت التي جمعها أحفادها من شجرة جيرانهم لإعداد 'محشي' بديل.
تقول لـ'فلسطين': 'طعمه لا يشبه ورق العنب، لكنه يسدّ الجوع. نحن لا نبحث عن النكهة، بل عن البقاء على قيد الحياة'.
السؤال المؤلم: إلى متى؟
في غزة اليوم، لم تعد الحشائش فقط رمزًا للفقر أو الريف، بل أصبحت طعامًا قسريًا في مواجهة المجاعة.
وسط هذا الواقع المرير، لا تزال العائلات تتساءل:
'إلى متى سنبقى نأكل من الأرض، بينما العالم يكتفي بالمشاهدة؟'