اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١١ تشرين الأول ٢٠٢٥
صُدم الفلسطينيون العائدون إلى مناطقهم في شمال محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة من حجم الدمار الذي خلّفته آلة الحرب الإسرائيلية، بعدما سُويت مساحات واسعة بالأرض وتحولت الأحياء إلى أنقاض.
وما إن خطا العائدون أولى خطواتهم بالمكان حتى تبددت آمالهم بعودة الحياة إلى طبيعتها سريعا، إذ بدت مشاهد الدمار ممتدة على مد البصر، والتي طالت المباني السكنية والمنشآت والمدارس التي كانت مراكز إيواء خلال الأشهر الماضية، إلى جانب الطرق وشبكات البنية التحتية.
ولم يُبقِ جيش الاحتلال أيا من معالم الحياة في تلك المناطق، إذ قال فلسطينيون في أحاديث منفصلة مع الأناضول إن الاحتلال 'دمّر أدنى مقومات العيش، من شبكات مياه وصرف صحي وطرق'.
ووصف أحد الفلسطينيين ما حل ببعض مناطق شمال خان يونس بأنه 'تسونامي أو زلزال بقوة 10 درجات على مقياس ريختر'، في إشارة إلى حجم الدمار الهائل الذي وقف السكان مذهولين أمامه.
وقبل انسحابها الجزئي إلى مواقع تمركزها الجديدة داخل القطاع، خلف جيش الاحتلال وراءها بقايا ذخائر وآليات كان الجيش يملؤها بالمتفجرات لنسف مربعات سكنية كاملة.
كما تركت قوات الاحتلال عبارات عنصرية محرضة ضد الفلسطينيين على جدران ما تبقى من المنازل، وعلى أنقاض ما دُمر منها.
ودخلت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي حيّز التنفيذ عند الساعة 12:00 ظهر الجمعة بتوقيت القدس، بعد أن أقرت حكومة الاحتللا الاتفاق فجر اليوم نفسه.
عودة إلى الركام
وفي منطقة الكتيبة، شرعت بعض العائلات التي صُدمت بتدمير منازلها بالكامل في البحث عن بقايا ملابس ومستلزمات شتوية وأغطية لاستخدامها مع حلول موسم البرد والأمطار.
غير أن هذه المهمة كانت شاقة عليهم بسبب عدم توفر معدات تساعدهم، إذ دُفنت تلك المستلزمات تحت أطنان من ركام منازلهم.
الفلسطيني عبد المالك الفرا (63 عاما) بدأ يجمع ما يمكن إعادة استخدامه لإشعال النيران كبديل عن الحطب، بعد ما عجز عن انتشال الملابس والأغطية من تحت الركام.
وقال للأناضول، وقد ارتسمت على وجهه علامات الكمد: 'قضيت عمري في بناء هذا المنزل المؤلف من أربعة طوابق، والذي يضم 11 شقة كانت تؤوي 11 عائلة'.
وتابع: 'اليوم عدنا على أمل أن نجد مكانا يؤوينا، لكن كل شيء في المكان عبارة عن ركام، حتى الأرض البور غير المبنية أصابها الدمار'.
وعن حجم الدمار الذي حل بالمنطقة، أكد الفرا أن عائلته لم تجد مكانا أو أرضا فارغة لنصب خيمة الإيواء عليها بعد أن انتشر الركام في كل مكان.
وتساءل بصوت مكلوم: 'أين نعيش؟ وأين نذهب فقط أخبرونا؟ لو ذهبا نحو البحر سنغرق في حال ارتفع الموج.. وسنغرق أيضا داخل الخيام مع بدء موسم الأمطار فالخيمة لا تقينا من ذلك'.
وخلال حديثه، عبر الفرا عن عجزه عن وصف حجم الدمار الذي حل بالمنطقة، قائلا: 'أقف على دمار، وما حولي دمار، ونعيش بلا حياة'.
ووجه رسالة إلى العالم دعا فيها إلى 'النظر بعين الرحمة إلى الفلسطينيين'، والمساهمة في إدخال مواد الإيواء وإعادة إعمار ما دمّرته إسرائيل.
ووثقت عدسات الصحفيين وجود بقايا ذخائر عسكرية في عدد من مناطق شمال خان يونس، إلى جانب عربات كان الجيش الإسرائيلي يفخخها ويستخدمها لتفجير مربعات سكنية بأكملها.
كما طال الدمار مساجد شمال خان يونس، إذ سقطت قبابها بعد تدمير مبانيها، بينما بقيت بعض المآذن شامخة وسط الركام، شاهدةً على حجم الخراب.
'كأن زلزالا ضرب المنطقة'
ووسط مساحات واسعة من الركام، يظهر الفلسطيني محمد أبو الريش (60 عاما) وهو يحاول إزالة بعض أنقاض منزله، واستصلاح جزء من الركام لتحويله إلى مكان للسكن.
'ويقول أبو الريش للأناضول إنه نزح عن منزله قبل نحو خمسة أشهر، لكنه عاد الجمعة ليُصدم بحجم الدمار، قائلًا: كأن تسونامي ضرب المنطقة، أو زلزالًا بقوة 10 درجات على مقياس ريختر'.
وتابع في وصف حجم الدمار: 'لم يتبق حجر على حجر في المنطقة، ولا توجد طرق أو منازل قائمة، ولا شبكة مياه أو صرف صحي، ولا مدارس ولا مساجد.. كله ركام'.
وأشار إلى أن الحياة ستكون صعبة على العائدين إلى المكان بسبب انعدام مقومات الحياة.
وعبر أبو الريش عن أسفه لغياب أي حراك حقيقي لإنهاء المأساة الإنسانية المستمرة منذ عامين من الإبادة الإسرائيلية، قائلا: 'للأسف، العالم رأى معاناتنا على مدار عامين ولم يفعل شيئا.. الآن لا نطلب منه شيئا'.
وفي محاولة لاستعادة بعض ملامح الحياة، بدأت بلدية خان يونس، السبت، بفتح بعض الطرق الرئيسية عبر إزالة الركام بما تبقى لديها من آليات ثقيلة متهالكة.
وفي وقت سابق، قال رئيس البلدية علاء الدين البطة، في مؤتمر صحفي، إن 9 من فرق البلدية بدأت العمل في المحافظة وسط حاجة ملحة لإزالة 400 طن من الأنقاض من الشوارع لتهيئة الفرصة للنازحين للعودة إلى ما تبقى من منازلهم أو ركام منازلهم.
وشملت انسحابات جيش الاحتلال مدينة غزة، باستثناء حي الشجاعية وأجزاء من حيي التفاح والزيتون. وفي مدينة خان يونس، انسحب جيش الاحتلال من مناطق الوسط وأجزاء من الشرق، فيما منع دخول الفلسطينيين إلى بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا، ومدينة رفح، وكافة المناطق المطلة على ساحل بحر القطاع.
ويستند الاتفاق إلى خطة طرحها ترامب، تقوم على وقف الحرب، وانسحاب متدرج لجيش الاحتلال، وإطلاق متبادل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع.
وجاءت الموافقة على مرحلته الأولى بعد 4 أيام من مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين بمنتجع شرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وإشراف أمريكي.
وبدعم أمريكي، ارتكب الاحتلال منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ولسنتين إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و211 شهيدا، و169 ألفا و961 جريحا، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينيا بينهم 154 طفلا.