اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ٢١ حزيران ٢٠٢٥
الخليل- معا- لم يسبق ان كان حجم المعاناة للفلسطينين أفرادا وشركات ومؤسسات كما هو عليه الحال الآن، فلم تنجح زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة وكل التريليونات التي قدمتها دول الخليج لوقف الحرب على غزة ومعاناة سكان الضفة الغربية، والتغيرات وسلسلة الإصلاحات التي قام بها الرئيس محمود عباس، وخصوصا قراره بتعين نائبا له، قوبلت بالجحود والنكران، وتبددت الوعود باقرار حزم مالية من الدول العربية لمواجهة الحصار المالي الخانق، وانقلب التفاؤل بحل الأزمة والوعود المقدمة وبقرب التوصل إلى صفقة لانهاء الحرب على غزة، بل تمددت وتوسعت الحرب واشتعلت المنطقة اكثر، حين بادرت إسرائيل على قصف طهران بحجة قرب امتلاك ايران للسلاح النووي، وقامت إيران بقصف إسرائيل.
وبرغم الألم، لا زال الخبير المالي، د. رامي شاهين، على حالة التفاؤل، التي كان عليها قبيل زيارة ترامب للخليج، فحكومة الاحتلال، لا زالت تمتنع عن تحويل المقاصة لوزارة المالية الفلسطينية، و السلطة الوطنية الفلسطينية تعجز حتى اللحظة، عن دفع رواتب موظفيها، واغلاق المعابر التجارية من قبل إسرائيل وعدم السماح للعمال الفلسطينين بالوصول إلى اماكن عملهم بالداخل، وخنق الضفة الغربية وتطويقها ببوابات حديدية وحواجز.
وقال د. شاهين:' كل هذا يأتي ضمن سياسات اسرائيلية عنصرية لجعل الحياة تبدو مستحيلة بالضفة وغزة، ولم تكتف حكومة اليمين المتطرف بل زادت غطرسة بالإجراءات الانتقامية، وأمرت بعدم استقبال الشيكل من البنوك العاملة في الاراضي الفلسطينية وترحيله للبنوك الإسرائيلية حسب الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الاسرائيلي، لا بل خرج 'سموتريتش' للإعلام وطالب البنوك الاسرائيلية بوقف التعامل مع البنوك الفلسطينية، وبإلغاء كتاب الضمان الموجه من وزارته للبنوك الاسرائيلية لحمايتها من التعامل مع البنوك العاملة في الاراضي الفلسطينية، مع ان هذا القرار يتطلب قرارا من المجلس الوزاري المصغر الاسرائيلي'.
وأضاف شاهين:' منع البنوك الاسرائيلية من التعامل مع البنوك العاملة في الاراضي الفلسطينية، يعود بالضرر على الشركات والاقتصاد الاسرائيلي كونهم اكبر مورد للسوق الفلسطيني'.
جن جنون المواطن والشركات الفلسطينية من تحديد سقوف الإيداعات النقدية على عملة الشيكل، وتفاقمت أزمة تراكم الشيكل في البنوك العاملة في الاراضي الفلسطينية، والتي قررت عدم قبول الإيداعات النقدية بالشيكل بشكل نهائي.
وزاد الخبير المالي، في حديثه:' لهذا الحد وصلت الأمور للأسف، وهذا لا يمكن احتماله فضجت شبكات التواصل والمنصات الإعلامية بانتقادات واسعه لسلطة النقد الفلسطينية وحملتها هي والجهات المختصة الأخرى المسؤولية وللحكومة الفلسطينية'.
وحول تأثير الايداعات النقدية بعملة الشيكل على واقع الاقتصاد الفلسطيني، قال د. شاهين:' بدأت تلوح في الأفق ملامح خطيرة جدا تهدد الاقتصاد الوطني، منها توقف سلسلة الإمدادات لعدم قدرة البنوك الفلسطينية على تغذية مراكزها المالية بالبنوك المراسلة ( الاسرائيلية ) سواء لسداد قيمة مشترياتنا من إسرائيل من محروقات وكهرباء وغيرها …الخ ، وكذلك لسداد قيمة السلع الأخرى المستوردة من كل دول العالم'.
ولم تقف الامور عند هذا الحد فقط، حيث قال شاهين:' برزت مشكلة اخرى، هي ارتفاع السلع والأسعار بشكل عام بسبب لجوء التجار والشركات لشراء عملات: دولار ودينار ويورو، بسعر اعلى من السعر الرسمي، لتغذية حساباتهم ليتمكنوا من إتمام التحويلات اللازمة لشراء واستيراد السلع من اسرائيل والخارج'.
تواجه سلطة النقد الفلسطينية بمحافظها الجديد تحديات صعبة لم تسبق ان واجهتها سابقا وتقوم ببذل جهود جبارة مع كل الجهات الدولية بعد رفض الجانب الاسرائيلي بالتعاطي في تنفيذ التزاماته لحل هذه الأزمة.
وعلى الصعيد المحلي قامت سلطة النقد بسلسة من الاجراءات لمحاولة التخفيف من حدة الازمة عبر برامج جديدة لتسريع التحول الرقمي وتطوير نظام المدفوعات بالبطاقات والمحافظ المالية، فأطلقت بالتعاون مع الحكومة برنامج سداد وقامت بتوقيع مجموعة كبيرة من الاتفاقيات للدفع الاكتروني للتخفيف من حده هذه الأزمة، و توصلت لتفاهمات بعد سلسلة اجتماعات مع شركات توزيع السجائر التي تشكل مبيعاتها بالشيكل جزءا كبيرا من المشكلة، وكذلك اجرت سلسة لقاءات مع مدراء البنوك العاملة في فلسطين للتوصل إلى تفاهمات وإيجاد حلول لمشكلة الإيداعات، ويبدو ان سلطة النقد قد نجحت في تحقيق اختراق وسيتمكن المودعين من أفراد وشركات ومؤسسات خلال الايام القادمة من ايداع أموالهم بنظام جديد تم الاتفاق عليه بين سلطة النقد والبنوك حيث من المتوقع ان يتم الإعلان عن تفاصيله قريبا.
كذلك جاري العمل مع نقابة محطات الوقود وبرعاية اتحاد الغرف التجارية للترتيب لاجتماع بمحافظ سلطة النقد لإيجاد حلول لمحطات المحروقات التي تشكل مشتريتها ومشتريات شركات السجائر خمسين بالمائة من كمية الشيكل المودع لدى البنوك الفسطينية.
كل ما ذكرناه لا يحل المشكلة بشكل دائم بل أعتقد ان هذا الحل سيكون موقتا او مرحليا لحين تنفيذ النقلة المستحقة ببداية الشهر القادم للجانب الاسرائيلي واليالغه اربعة مليارات ونصف شيكل ، وعليه يجب ممارسة كل انواع الضغط على الجهات الدولية والعربية لوضع حد للإجراءات الاسرائيلية التعسفية وإيجاد الحلول البديلة لضمان استقرار النظام المصرفي والمالي الفلسطيني كي يتعافى الاقتصاد الفلسطيني مما اصابه بل يجب وضع خطة وطنية لتجنب تكرار واستمرار الاعتماد الكامل على الاسرائيلي للوصول إلى مرحلة عدم التبعية له والاستقلال الكامل.