اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
يوثّق هذا التقرير شهادة الأسير المحرر عماد نبهان من قطاع غزة، الذي أُفرج عنه ضمن صفقة 'طوفان الأحرار' الثالثة، بعد اعتقالٍ دام عدة أشهر عقب اندلاع حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة أواخر عام 2023.
وتكشف شهادته عن ممارسات منهجية للتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون في مراكز الاعتقال الإسرائيلية، وخاصة في معتقل “سديه تيمان” الذي أُقيم حديثًا في منطقة غلاف غزة.
تم اعتقال الأسير عماد نبهان في ديسمبر/كانون الأول 2023، ونُقل إلى معتقل “سديه تيمان” حيث احتُجز لمدة 35 يومًا في ظروف شديدة القسوة، ثم جرى نقله بين عدة سجون إسرائيلية، من بينها: النقب، عوفر، الرملة، مجدو، وعدة معتقلات مؤقتة في “غلاف غزة”.
ويشير نبهان إلى أن فترة اعتقاله تخللتها جولات متكررة من التحقيق، استخدمت فيها أساليب تعذيب بدنية ونفسية ممنهجة، هدفت إلى انتزاع اعترافات أو تجنيد الأسرى لصالح أجهزة الاحتلال.
التعذيب في 'غرف الموسيقى' (غرف الديسكو)
احتُجز نبهان لمدة تتراوح بين 10 و12 يومًا داخل غرف مغلقة تُشغَّل فيها موسيقى صاخبة بمستويات مرتفعة جدًا تفوق قدرة الإنسان على التحمل، بهدف منعه من النوم أو التفكير.
وخلال التحقيق، أُجبر على الجلوس على كرسي حديدي موصول بالكهرباء، وتعرّض لصدمات كهربائية متكررة أثناء طرح الأسئلة حول مواقع قادة المقاومة وخريطة الأنفاق.
كما كان يُحرم من الماء والطعام لساعات طويلة، وتُمارس عليه ضغوط نفسية عبر إغراءات ووعود تتعلق برؤية عائلته مقابل التعاون الأمني.
أسلوب 'التابوت الحديدي'
بعد جلسات التحقيق اليومية، كان يُنقل نبهان إلى ما يُعرف بين الأسرى باسم “التابوت الحديدي”، وهو قفص ضيق جدًا يشبه التوابيت التي يُدفن فيها الموتى.
يقضي فيه المعتقل الليل موصولًا بأنبوب صغير يُغذّى من خلاله بسائل غذائي لا يتجاوز ربع كوب بلاستيكي يوميًا، تحت مراقبة مشددة تمنعه من الحركة أو الكلام.
ويصف نبهان هذا الأسلوب بأنه أشد قسوة من الموت البطيء، مؤكدًا أنه يُشكّل انتهاكًا صارخًا للمادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تحظر التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة.
التعذيب بالكهرباء والأمراض
أفاد نبهان بأن المحققين أدخلوا أسياخًا حديدية في أقدام المعتقلين ووصَلوها بالكهرباء، وتم تكرار هذا الأسلوب مرارًا أثناء جلسات التحقيق بهدف الإكراه على الاعتراف.
وأكد أنه تعرّض شخصيًا لصدمات كهربائية متكررة أدت إلى آلام حادة وتورم في الأطراف، دون تلقي أي علاج طبي لاحق.
وخلال احتجازه في السجون الإسرائيلية اللاحقة، أُصيب نبهان بمرض السكابيوس (الجرب) نتيجة الاكتظاظ، وغياب النظافة، وسوء التهوية.
وقال إن إدارة السجن لم تقدّم له أو لغيره من الأسرى أي رعاية طبية، ما أدى إلى تفاقم الإصابات وظهور دمامل وتقرحات جلدية، مشيرًا إلى أن بعض الأسرى فقدوا قدرتهم على الحركة أو استُشهدوا متأثرين بمضاعفات المرض.
ثالثًا: الظروف المعيشية داخل المعتقلات
أوضح نبهان أن إدارة السجون كانت تقدم حصصًا غذائية محدودة ومهينة تهدف فقط إلى إبقاء الأسرى قادرين على المثول للتحقيق، دون مراعاة احتياجاتهم الصحية أو الإنسانية.
وأشار إلى أن الأسرى كانوا يجمعون وجبات اليوم الثلاث لتناولها دفعة واحدة قبل النوم في محاولة لتخفيف الشعور بالجوع.
كما تحدث عن وجود ما يُعرف بـ“غرف العصافير”، وهي غرف يُوضع فيها عملاء متخفّون على هيئة أسرى لاستدراج المعتقلين والحصول منهم على معلومات حساسة تتعلق بالمقاومة أو الأسرى الآخرين.
الأثر النفسي والإنساني
كشف نبهان عن تعرضه لابتزاز نفسي متكرر، من خلال تهديده بمصير عائلته أو فقدان والديه في الحرب إن لم يتعاون مع المحققين، مشيرًا إلى أنه رفض الانصياع للابتزاز رغم التهديدات.
وقال، في آخر مرة من مرات التحقيق، جلس المحقق مع عماد، وقال له: 'تبقى فقط والدك ووالدتك على قيد الحياة، ما بدك تشتغل معانا وتطلع تشوفهم وتضلوا كلكم بخير؟'، فكانت إجابته التي أغلقت الباب نهائيًا في وجه العمالة: 'والله تقصفهم ويموتوا كلهم شهداء أشرف إلي ألف مرة ولا أني اشتغل معكم واصير عميل'، وكان طيلة مدة أسره يتلقى خبرًا بين حين وآخر عن ارتقاء أفراد من عائلته شهداء.
تشكل شهادة الأسير المحرر عماد نبهان دليلًا إضافيًا على نمطٍ ممنهج من التعذيب الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأسرى الفلسطينيين، خصوصًا المعتقلين من قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر 2023.
ولا يزال يقبع في سجون الاحتلال أكثر من 10 آلاف فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا أودى بحياة العديد من المعتقلين، وفقا لمنظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية.
وأنهى الاتفاق، عامين من حرب الإبادة الجماعية التي بدأتها (إسرائيل) في 8 أكتوبر 2023 بدعم أمريكي، وخلفت نحو 69 ألف شهيد وما يزيد على 170 ألف جريح.

























































