اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور هيثم دراغمة أن ملف إعادة إعمار قطاع غزة ما يزال محاطًا بالغموض، سواء من حيث الكلفة المالية أو آليات التنفيذ. ويبيّن أن الجدل الدائر حول الأرقام يعكس حجم الدمار غير المسبوق الذي لحق بالقطاع، إذ تتراوح التقديرات بين 50 و70 وقد تصل إلى 100 مليار دولار، ما يجعل المهمة ليست مجرد صيانة أو ترميم، بل إعادة بناء شاملة تمس البنية العمرانية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية في آنٍ واحد.
وأوضح دراغمة لصحيفة 'فلسطين' أن إعداد خطط إعمار من دون تحديد مصادر تمويل واضحة وضمانات تنفيذ فعلية يُعد إهدارًا للوقت، مشيرًا إلى أن غياب الجهة الممولة يجعل هذه الخطط أقرب إلى تصوّرات نظرية يصعب تطبيقها. وتوقع أن تستغرق عملية الإعمار الكاملة أكثر من عشر سنوات، وقد تمتد إلى عشرين عامًا، نظرًا لضخامة حجم الدمار الذي طال الأحياء السكنية والمنشآت الاقتصادية والخدمات الأساسية.
وفي ما يتعلق بالأولويات العاجلة، أكد دراغمة أن المرحلة الأولى ترتكز على إزالة الركام وتهيئة الأرض للبناء، إضافة إلى توفير أكثر من 200 ألف وحدة سكنية سريعة لتأمين مأوى فوري للمتضررين والنازحين. كما شدد على ضرورة ترميم المنازل المتضررة جزئيًا لتخفيف أزمة السكن، على أن تُستأنف بعد ذلك مراحل إعادة الإعمار الكبرى، التي تشمل إعادة تأهيل شبكات الطرق والمياه والكهرباء والصرف الصحي والاتصالات.
وبيّن دراغمة أن مرحلة التعافي الاقتصادي الأولى، التي يُتوقع أن تمتد لأربع سنوات، تحتاج وحدها إلى نحو 20 مليار دولار، بالنظر إلى الحاجة لإعادة إنعاش الدورة الاقتصادية وضمان توافر الخدمات الأساسية. أما إعادة تشغيل المناطق الصناعية والموانئ فتُعد خطوة محورية لإحياء سوق العمل وتنشيط الإنتاج المحلي، الأمر الذي يتطلب، وفقًا له، ما يزيد على 30 مليار دولار لتأهيل المصانع والمرافئ والبنية الاقتصادية الداعمة.
وأكد دراغمة أن الحرب على غزة لم تتوقف بشكل كامل رغم الإعلان عن تهدئات متكررة، لافتًا إلى استمرار الخروقات الإسرائيلية، ما يهدد استقرار أي عملية إعمار مستقبلية. كما أشار إلى أن الولايات المتحدة تنظر إلى ملف الإعمار من زاوية المصالح الاقتصادية والاستثمارية، مع وجود مؤشرات حول اهتمامها بملف الغاز قبالة سواحل غزة ورغبة شركات أمريكية في المشاركة فيه.
وأضاف أن كثيرًا من الخطط المطروحة، محليًا ودوليًا، تتجنب الإشارة إلى الجهة المسؤولة عن الدمار، وهي الاحتلال الإسرائيلي، متسائلًا عن الضمانات التي يمكن أن تمنع تكرار العدوان في المستقبل. وشدد على أن نجاح الإعمار مرهون برفع الحصار عن القطاع ودمجه اقتصاديًا مع الضفة الغربية، إضافة إلى فتح المجال أمام تواصل فعّال مع العالمين العربي والدولي.
واختتم دراغمة بالتأكيد على أن إعادة إعمار غزة ليست مجرد عملية فنية، بل مشروع سياسي واقتصادي متكامل يتطلب إرادة واضحة وضمانات دولية تمنع تكرار الدمار، وتمكّن السكان من بناء حياة مستقرة وآمنة.

























































