اخبار فلسطين
موقع كل يوم -شبكة قدس الإخبارية
نشر بتاريخ: ٣ تموز ٢٠٢٥
ترجمة خاصة - قدس الإخبارية: كشفت وكالة 'أسوشيتد برس' الأمريكية، في تحقيق خاص مدعوم بشهادات ومقاطع فيديو، عن أن متعاقدين أمريكيين يعملون في مواقع توزيع المساعدات داخل قطاع غزة، ضمن ما تُعرف بـ'مؤسسة غزة الإنسانية' (GHF)، يستخدمون الرصاص الحي والقنابل الصوتية والغاز الحار ضد الفلسطينيين الذين يحاولون الحصول على الغذاء.
ووفقاً لشهادات متعاقدَين أمريكيين تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما، فإن طواقم الحراسة التي توظفها الشركة غالباً غير مؤهلة أو مدرّبة، ومزوّدة بأسلحة ثقيلة، وتتصرف دون أي ضوابط، في ظل غياب الرقابة والمحاسبة. وأكدا أن زملاءهم يطلقون الرصاص عشوائيًا، ويرمون القنابل الصوتية ورذاذ الفلفل بشكل منتظم على المدنيين، في ظل تصاعد الفوضى وغياب التنظيم.
قال أحد المتعاقدين: 'هناك أبرياء يتعرضون للأذى. بشكل سيئ. وبدون داعٍ'، مشيرًا إلى أن بعض الحراس أطلقوا الرصاص في جميع الاتجاهات، بما في ذلك الهواء، والأرض، ونحو الفلسطينيين مباشرة.
وتُظهر مقاطع الفيديو التي حصلت عليها الوكالة مئات الفلسطينيين يتدافعون داخل ممرات حديدية ضيقة، تحت صوت الرصاص والانفجارات، بينما كان الحراس يتبادلون الأحاديث باللغة الإنجليزية حول 'إظهار القوة' باستخدام الدبابات الإسرائيلية، ومشجعين بعضهم البعض على إطلاق النار، ويقول أحدهم بعد إطلاق نار كثيف: 'أعتقد أنك أصبت أحدهم'، فيرد آخر: 'نعم، أحسنت'.
كما كشفت الوكالة أن هذه المواقع تُراقب بكاميرات مرتبطة بتحليل مباشر في غرفة عمليات تضم محللين أمريكيين وجنودًا من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأن بعض الكاميرات مزودة بتقنية التعرف على الوجوه لتحديد الأشخاص 'المشتبه بهم'، الذين يُوثقون ويُتابَعون بناءً على قاعدة بيانات مجهولة المصدر.
وقال المتعاقد إن جنود الاحتلال يشاهدون اللقطات بالتزامن مع محللين أمريكيين، ويتبادلون المعلومات مع وحدات الطائرات المُسيّرة.
وأظهرت إحدى الصور التي قدمها المتعاقد امرأة فلسطينية ممددة في عربة يجرها حمار بعد أن أُصيبت في رأسها بشظية قنبلة صوتية.
كما كشف تحقيق داخلي لشركة Safe Reach Solutions، المسؤولة عن إدارة المواقع نيابة عن GHF، أن الإصابات وقعت في 31% من عمليات توزيع المساعدات خلال أسبوعين فقط في يونيو، دون تحديد عدد الإصابات أو أسبابها.
لكن المتعاقد الذي قدّم التسجيلات قال إن هذا لا يشمل استخدام الرصاص الحي، مؤكدًا أن خلال توزيع واحد فقط في يونيو، استخدم الحراس 37 قنبلة صوتية، 27 قذيفة مطاطية ودخانية، و60 عبوة رذاذ فلفل.
وفي تسجيلات أخرى، يظهر عناصر الأمن وهم يطلقون رذاذ الفلفل، ويرمون القنابل الصوتية وسط حشود الفلسطينيين المحاصرين داخل ممرات ضيقة خلف أسوار حديدية، بينما يُسمع صوت إطلاق نار في الخلفية.
ولتأكيد مصداقية التسجيلات، استعانت الوكالة بخبراء تحليل صوتي، أكدوا أن الأصوات تشير إلى إطلاق نار حي، بما في ذلك رصاص من رشاشات، من مسافات قريبة جداً من مصدر التسجيل. كما حددت الوكالة المواقع جغرافيًا باستخدام صور جوية.
وأفاد أحد المتعاقدين أن عمليات إطلاق النار استُخدمت لتفريق الحشود، لكن في حالات كثيرة، استمر إطلاق النار حتى بعد أن بدأ الفلسطينيون بالمغادرة، قائلاً إنه رأى شخصًا يسقط أرضًا على بُعد نحو 60 مترًا من الموقع الذي أُطلقت منه النيران.
ويقول المتعاقدون إنهم طُلب منهم تصوير أي شخص يبدو 'خارجًا عن المألوف'، دون توضيح معايير هذا التوصيف، وأن الصور تُضاف إلى قاعدة بيانات برنامج التعرف على الوجوه. وتُوزع لاحقًا 'بطاقة وجوه الأشخاص موضع الاهتمام' على طاقم الأمن في الموقع.
وفي حين تنفي الشركة استخدام أي أدوات بيومترية لجمع المعلومات، وتؤكد أنها تنسق فقط تحركاتها مع سلطات الاحتلال، فإن المقاولين قالوا إن البنية الأمنية تُستغل لتزويد جيش الاحتلال بمعلومات ميدانية.
من جهة أخرى، أقرّت شركة Safe Reach Solutions باستخدامها للذخيرة الحية في بعض الحالات، لكنها ادعت أن ذلك كان يتم بإطلاق النار في الأرض لإبعاد الحشود، أثناء لحظات الذروة. وقالت إن البيئة داخل المواقع 'آمنة ومنضبطة'.
يُشار إلى أن الولايات المتحدة تعهدت الشهر الماضي بتقديم 30 مليون دولار لدعم أنشطة GHF، وهي منظمة أُنشئت في فبراير/شباط الماضي، وتعمل حاليًا خارج إشراف الأمم المتحدة، وتتهمها جهات فلسطينية ودولية بالمشاركة في قمع وتجويع المدنيين.
وبحسب وزارة الصحة في غزة، قُتل مئات الفلسطينيين وأصيب المئات أثناء توجههم إلى مواقع التوزيع، وسط إطلاق نار متكرر من قوات الاحتلال ومن داخل مواقع GHF، في ظل أزمة إنسانية خانقة، حيث يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من المجاعة وانعدام الأمن الغذائي التام.
وتؤكد هذه التحقيقات أن ما يجري في مواقع المساعدات لا يقتصر على الفوضى، بل يشكل نمطًا من القمع المنهجي والتمييز، تمارسه مؤسسة تدّعي الإنسانية، بينما توفر غطاءً لتصفية الفلسطينيين تحت أعين الأمريكيين وبمباركة الاحتلال.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، قال في بيان صحفي أمس الأربعاء، إن ما تُسمى 'مؤسسة غزة الإنسانية' (GHF) بالمساهمة المباشرة في ارتكاب جرائم إعدام ميدانية ممنهجة بحق المدنيين الفلسطينيين المُجوّعين في قطاع غزة، من خلال مراكز توزيع المساعدات التي تحوّلت إلى 'مصائد موت جماعي'، نتيجة إطلاق النار المتكرر والمباشر على المحتشدين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والشركة الأمنية الأمريكية التي تدير هذه المواقع.
وأكد البيان أن تلك الجرائم أدت حتى الآن إلى استشهاد أكثر من 583 مدنيًا فلسطينيًا، وإصابة أكثر من 4200 آخرين، بالإضافة إلى 39 مفقودًا، في مشهد يعكس زيف الادعاءات الإنسانية التي تروّج لها هذه المؤسسة.