اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٨ نيسان ٢٠٢٥
في فجرٍ غزّي آخر لا يشبه شيئًا سوى الألم، ارتقت فاطمة حسونة، المصوّرة الصحفية الشابة المبدعة، في إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزل عائلتها في حي التفاح شرق مدينة غزة.
لم تكن فاطمة وحدها، فقد غادرت الحياة بصمت، ومعها عشرة من أفراد أسرتها، بينهم نساء وأطفال، في مجزرة عائلية لا تشبه سوى الموت المتكرّر في هذه المدينة التي تتعرض لعدوان إسرائيلي مستمر منذ السابع من أكتوبر 2023.
فاطمة، التي أحبها أهل غزة ولقّبوها بـ'عين غزة'، لم تكن مجرد مصوّرة تلتقط صور الدمار والركام، بل كانت شاهدة على وجع الناس، راوٍ بصري لحكاياتهم المخبّأة خلف الجدران المهدّمة والعيون المنهكة من البكاء.
درست فاطمة وسائط متعددة في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، وكرّست عدستها لتوثيق القصص التي لا يسمعها أحد.
عملت الشهيدة مع منصة Untold Palestine لتروي القصص الإنسانية، ورافقت كلماتها الأطفال والمهمّشين عبر مؤسسات مثل مؤسسة تامر، وجمعية الهلال الأحمر، ووكالة Mondoweiss. كانت تصوّر وتكتب، وتعطي لحكايات الناس صوتًا وصورة.
شاركت فاطمة في معارض دولية مثل معرض 'غزة حبيبتي' ومعرض 'SAFE'، ووصلت صورها إلى منصات عالمية مثل The Guardian وPlan International. لكنها بقيت في غزة، على مقربة من الجرح، ترفض المغادرة أو الانحناء أمام الخوف.
'أنا إذا متُّ.. أريد موتًا مدويًا، لا أريدني في خبر عاجل، أريد أثرًا يظل مدى الدهر، وصورًا خالدة لا يدفنها الزمان'.
كانت هذه تغريدة للشهيدة فاطمة عبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي. طلبت، في حالة استشهادها، أن لا يكون يومًا عاديًا. وكان لها ما أرادت، فرحيلها لم يكن مجرد رقم يُضاف إلى قائمة شهداء الإعلام، بل فقدان لصوت ظل يصرخ بالعدسة وسط الصمت الدولي.
نعى الصحفيون في غزة فاطمة بحزن، مؤكدين أنها كانت 'العين التي لم تغمض'، والمرأة التي التقطت الحقيقة حتى اللحظة الأخيرة.
وصفها مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين بـ'المصوّرة المبدعة' التي وثّقت الانتهاكات الإسرائيلية، ودعا إلى فتح تحقيق دولي في استهدافها.
وأشار المركز إلى أن حسونة كانت تغطّي الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، ونشرت صورها في وسائل إعلام دولية، وكان لها تأثير كبير في نقل الواقع الإنساني للعدوان.
وبحسب توثيق المركز، فإن عدد الصحفيين الذين استُشهدوا في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ارتفع إلى نحو 212 صحفيًا، في حصيلة غير مسبوقة في تاريخ النزاعات الحديثة.
ويُذكّر المركز بالمادة (79) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، التي تنص على أن الصحفيين المدنيين يتمتعون بالحماية أثناء النزاعات المسلحة، مضيفًا أن هذا الهجوم يُعد خرقًا أيضًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2222) الصادر عام 2015، والذي يؤكد على ضرورة حماية الصحفيين.