اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٤ أيار ٢٠٢٥
في مشهد يعكس فظاعة ما يتعرض له أهالي قطاع غزة من معاناة، استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، ظهر أول من أمس، تكية خيرية في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، في أثناء إعداد وجبة 'شوربة الفريكة' لتوزيعها على العائلات المتضررة من الحصار والقصف المستمر.
وأدت الغارة إلى استشهاد ستة من المتطوعين الذين كانوا يعملون في إعداد الطعام، وهم: 'محمد المقيد، أحمد قزاعر، تامر حمدان، رزق المدهون، حاتم الساعاتي، وسامر النويري' إضافة إلى وقوع إصابات بين مدنيين آخرين، من بينهم أطفال.
والشهداء الستة، الذين قضوا في هذا القصف، كانوا يعملون منذ أشهر في تكية تابعة لجمعية 'قوافل الخير'، ضمن جهود تطوعية تهدف لتوفير وجبات ساخنة للأسر التي أنهكها الحصار وحرمتها حرب الإبادة من أبسط مقومات الحياة.
واستشهد الرفاق الستة وهم يحاولون سدّ رمق الجوعى، فكانت وجبتهم الأخيرة مشبعة برائحة الدم بدلاً من البهارات.
بركة دماء
ويروي محمد عامر، أحد سكان المنطقة، اللحظات الأولى للقصف، قائلاً: 'كنت في طريقي إلى التكية أحمل وعاءً فارغًا لجلب الطعام لأطفالي الستة، وفجأة دوى انفجار ضخم وتناثرت الشظايا حولي، هرعت إلى الموقع، فوجدت الرفاق غارقين بدمائهم، وتحولت القدور المليئة بالشوربة إلى برك من الدماء'.
ويضيف عامر بحزن، لصحيفة 'فلسطين': 'أن هؤلاء المتطوعين لم يحملوا سلاحًا، بل كانوا يحملون طناجر وأمل لسد جوع العائلات المنهكة من الحصار والحرب'.
فيما يعبر الحاج سالم، أحد كبار السن في الحي، عن غضبه واستغرابه من هذا الاستهداف، متسائلًا: 'لماذا تُقصف تكية تطعم الجياع؟، الاحتلال يريد كسر إرادتنا، وتجويعنا لدفعنا نحو الهجرة أو اليأس، لكنه لن ينجح'.
ويتابع سالم لصحيفة 'فلسطين': 'في الليلة التي سبقت القصف، حاولت مجموعة مسلحة السطو على التكية، لكن شباب الحي وأهلها تصدوا لهم، وفي اليوم التالي استُهدفت، ما يؤكد أن هناك محاولات لنشر الفوضى من قبل الاحتلال'.
ولا تتوقف ممارسات الاحتلال عند استهداف التكايا، بل إن الأيام الأخيرة شهدت أيضًا تصاعدًا في الاعتداءات على مخازن الغذاء التابعة لمؤسسات إغاثية، حيث سُجلت عدة حالات سطو على هذه المخازن من قبل مجموعات مسلحة يُعتقد أنها مدعومة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ما زاد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
سياسة ممنهجة
من جهته، أكد المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، د. إسماعيل الثوابتة، أن استهداف الاحتلال للتكايا والمراكز الغذائية يُعد سياسة ممنهجة تهدف إلى استخدام الغذاء كسلاح حرب.
وقال الثوابتة، لصحيفة 'فلسطين': ' إن الاحتلال يسعى لتجويع السكان من خلال تدمير البنية الإغاثية، وقد استهدف حتى اليوم 29 تكية و37 مركزًا لتوزيع الطعام، ما تسبب بتوقف شبه كامل لخدمات الطبخ الجماعي'.
وأضاف الثوابتة: أن ما يحدث هو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف، ويصنّف ضمن جرائم الحرب، بل ويقترب من توصيف 'الإبادة الجماعية'.
كما حمّل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تفشي المجاعة في القطاع، مشيرًا إلى أن آلاف العائلات باتت بلا طعام في ظل الشح الحاد للمواد التموينية، وتقييد إدخال المساعدات الإنسانية، داعيًا المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى التدخل العاجل والضغط على الاحتلال لفتح المعابر والسماح بدخول الغذاء والدواء، محذرًا من أن الوضع الإنساني يسير نحو كارثة غير مسبوقة في العصر الحديث.
ويواجه قطاع غزة، المحاصر منذ سنوات، اليوم واحدة من أشد الأزمات في تاريخه، إذ يعيش أكثر من مليوني مواطن في ظروف إنسانية مأساوية، وسط قصف متواصل، ودمار واسع، وانهيار كامل في سلاسل الإمداد الغذائي.
وكانت التكايا الخيرية بمثابة آخر خطوط الدفاع أمام المجاعة، لكن الاحتلال جعل منها هدفًا في ساحة حرب لا ترحم أحدا.