اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الأول ٢٠٢٥
في 21 حزيران/يونيو 2003، أُغلق باب الزنزانة على الأسير عماد السراج من مخيم البريج، وسط قطاع غزة، ليبدأ رحلة اعتقال قاسية حُكم فيها بمؤبدين وخمسين عامًا داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وبعد ثلاثةٍ وعشرين عامًا من الأسر، خرج السراج إلى فضاء الحرية ضمن صفقة 'طوفان الأقصى'، يحمل جسدًا أنهكته القيود لكنه لم يفقد يقينه بأن الفجر آتٍ. لم يرَ في الحرية مجرد نهاية للعذاب، بل بداية لمسؤولية جديدة تجاه غزة الجريحة، فاختلطت دموع الفرح بوجع العودة، وتحولت لحظة العناق إلى عهدٍ بالوفاء لتضحيات من بقوا خلف القضبان ومن رحلوا في طريق الحرية.
يقين الحرية
يبدأ السراج حديثه بصوتٍ موجوع: 'لحظة الحرية لا يمكن وصفها بكلمات مقتضبة لأنه كانت أغلى وأعز لحظة في حياتي كلها، خاصة أنني عدت إلى أرض غزة وإلى عائلتي، لكن حين رأيت حجم الدمار الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية، شعرت بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقي وعاتق زملائي في الوفاء لتضحيات شعبنا والحفاظ على هذا الطريق'.
داخل السجن، لم تكن فكرة الحرية بعيدة عن وجدان الأسرى، كما يروي السراج: 'كان اليقين مغروسًا في قلبي منذ اللحظة الأولى لـ'طوفان الأقصى'، بأن معاناتي مع المؤبد اقتربت من نهايتها.. كنت أعيش على أمل تلك اللحظة، حتى أصبحت السنتان الأخيرتان رغم قسوتهما، أسهل سنتين مرتا علي، لأنني كنت أشعر أن الحرية تقترب مني كل يوم'.
ويصف السراج بتأثرٍ لحظة إبلاغه بقرار الإفراج: 'حين جاء السجان ليبلغني، غمرني شعور لا يوصف بالسعادة. لم أفرح فقط بالإفراج، بل رأيت الذل في عينيه وهو يبلغني بالقرار.. كانت لحظة انتصارٍ صغيرة على من حاولوا كسرنا سنين طويلة'.
ويبتسم حين يتحدث عن ما يسمونه داخل السجون بـ'حفلة التوديع': 'هي مفارقة عجيبة، لأن (حفلة التوديع) عبارة عن مداهمة ليلية يتم فيها تقييد الأسير وضربه والتنكيل به، لكنها بالنسبة لنا كانت بشرى، لكننا نعرف أن من يتعرض لها سيفرج عنه، ومع ذلك كنا نخرج منها مكسرين لكننا نضحك، لأننا نعلم أن أحدنا سينال حريته'.
رسالة وطنية
وعن سر تمسكه بالأمل رغم طول فترة الأسر، يقول السراج: 'تجربتي الطويلة في الاعتقال جعلتني أكثر قدرة على الصبر، وكنت دائمًا السند لزملائي، خاصة الجدد منهم خلال الحرب، كنت الأخ الأكبر لهم ودعمتهم بالوعي والدعم المعنوي والنفسي، ولم أسمح لليأس أن يتسلل إلى قلبي أو إلى قلوبهم، حيث كنت أذكرهم في أصعب اللحظات بأن الفجر لا بد أن يأتي'.
ويستذكر السراج كيف وصلهم خبر 'طوفان الأقصى' داخل السجن: 'قبل الطوفان كانت لدينا أدوات للتواصل، تلفزيون وراديو وبعض الهواتف التي دخلت بطرق التهريب أو عبر شراءها من السجانين. عندما شاهدنا الأخبار، شعرنا أن لحظة الحرية اقتربت. في السابعة صباحًا من السابع من أكتوبر، غرس في قلبي اليقين أن معاناتي مع المؤبد انتهت، وكان هذا الشعور نفسه الذي رافقني حتى لحظة الإفراج'.
ويصف السراج أصعب لحظة عاشها خلال اعتقاله الطويل: 'أصعب لحظة كانت حين أبلغوني بقرار الإفراج، بينما بقي إخوتي وزملائي خلفي، وخصوصًا من جمعتني بهم سنوات من الرفقة والمعاناة. تركتهم على أمل أن يأتي يوم يذوقون فيه طعم الحرية كما ذقته'.
ويختتم الأسير المحرر حديثه برسالة تحمل عمق التجربة وصدق الانتماء: 'الرسالة التي أحملها هي رسالة وطنية فلسطينية بامتياز، توارثناها عن أجدادنا، وهي اليوم أمانة ثقيلة على عاتقنا، بعد ما رأيت من تضحيات شعبنا وصموده، أشعر أن مسؤوليتنا مضاعفة في خدمة أهلنا والوفاء لدماء الشهداء ومعاناة الأسرى'.

























































