اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢ أيلول ٢٠٢٥
يتجاهل رئيس وزراء الاحتلال المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بنيامين نتنياهو، مقترح الوسطاء الذي قبلته حركة المقاومة الإسلامية حماس لوقف إطلاق نار وتبادل أسرى يمهد لوقف حرب الإبادة الجماعية في غزة التي تقترب من نهاية عامها الثاني.
ونتيجة للجهود الدولية لوقف الحرب على غزة، وافقت الحركة على مقترح وقف إطلاق نار وتبادل أسرى بوساطة مصرية قطرية منتصف أغسطس/ آب الماضي يمتد لـ60 يوما، وهو مقترح مشابه إلى حد كبير للمبادرة الأمريكية التي وافقت عليها (إسرائيل) سابقا والمعروفة باسم 'مقترح ويتكوف' المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط.
لكن نتنياهو يراوغ كعادته كسبا للوقت، بل ذهب لأبعد من ذلك بالمصادقة على خطة 'عربات جدعون 2' لاحتلال مدينة غزة غير آبه بتلك الضغوطات الدولية والمظاهرات الجماهيرية في (إسرائيل) لوقف حرب الإبادة والتوصل لصفقة تبادل مع المقاومة.
وبينما قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي 'إن الكرة الآن في ملعب (إسرائيل) لتقديم موقفها'، لم يصدر مكتب نتنياهو موقفا رسميا بالقبول أو الرفض، ووضع شروطا جديدة توصف بأنها تعجيزية للتوصل لاتفاق، وترمي لعرقلة مقترح الوسطاء.
وبحسب المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري فإن المقترح الذي وافقت عليه حماس يتضمن مسارا لوقف دائم لإطلاق النار، وهو 'أفضل ما يمكن تقديمه حاليا' للحفاظ على أرواح المدنيين في غزة.
'ألاعيب نتنياهو'
بحسب المحلل السياسي د. سامر عنبتاوي فإن الاحتلال يواصل مخطط الإبادة الجماعية في غزة وصولا لتهجير المدنيين من شمال غزة إلى جنوبها تمهيدا للضغط عليهم للتهجير القسري.
وأشار إلى أن نتنياهو لم 'يقل لا' لمقترح الوسطاء بل عمد على إفشاله بمختلف الإجراءات من خلال الحديث عن خطة اجتياح مدينة غزة والحديث عن صفقة شاملة علما أن الحديث عنها يتطلب التزامات وانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع 'وهذا أمر لا يريده'.
ونبه إلى أن الصفقة الشاملة هو مطلب حركة حماس والفصائل الفلسطينية، لكن الإدارة الأمريكية والاحتلال تجاهلا ذلك.
وقال إن نتنياهو يعمد إلى إطالة أمد هذه الإبادة الجماعية عبر مجموعة من 'الألاعيب السياسية' لتضليل الجميع (الوسطاء، الجمهور الإسرائيلي، المؤسسة العسكرية) التي تدعم الذهاب لصفقة جزئية وصولا لصفقة شاملة بدلا من الذهاب لعملية برية إسرائيلية في مدينة غزة.
وتعارض المؤسسة العسكرية الإسرائيلية خطوة احتلال مدينة غزة، دون استطاعتها فرض شروطها على وزراء حكومة نتنياهو المتطرفة، ودفع ذلك رئيس أركان الجيش إليال زامير للقول: 'إن احتلال مدينة غزة قد يشكل خطرا شديدا على حياة الأسرى الإسرائيليين' في غزة.
ودعا زامير، نتنياهو، للقبول بصفقة تبادل الأسرى المطروحة حاليا، والتي قبلتها حركة حماس.
ورغم تعرض حكومة الاحتلال لضغوطات خارجية وداخلية من أجل التوصل لاتفاق، أبقى نتنياهو الباب مفتوحا لتلك الصفقة، بحسب عنبتاوي، الذي أكد أن نتنياهو يقوم حاليا بـ'مفاوضات عبر النار' لتحقيق أهداف معلنة وأخرى غير معلنة.
وذكر أن الموقف الإسرائيلي ينحصر منذ بداية الحرب في استرداد الأسرى وما يسمى 'القضاء' على حماس وهما هدفان فشل نتنياهو في تحقيقهما عسكريا، بينما يحاول حاليا فرض شروط جديدة للتوصل لصفقة شاملة: نزع سلاح حماس، تحويل غزة إلى منطقة منزوعة السلاح، فرض سيطرة أمنية إسرائيلية، إدارة القطاع من جهة لا تتبع لا لحماس ولا للسلطة، إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين.
وأقر المحلل السياسي بأن هذه الشروط تعجيزية بالنسبة للفلسطينيين، وبالتالي فإن الهدف الإسرائيلي غير المعلن هو تدمير غزة وجعلها غير صالحة للعيش بهدف دفع السكان للهجرة القسرية.
وفي ديسمبر/ كانون أول 2024 أعلنت حركة حماس موافقتها على مقترح مصري لتشكيل 'لجنة إسناد مجتمعي' لإدارة غزة بعد محادثات أجرتها في القاهرة مع حركة (فتح).
وقالت الحركة، في بيان، إن وفدها اختتم لقاءاته في العاصمة المصرية حيث أجرى 'حوارا معمقا مع حركة فتح حول تشكيل لجنة لإدارة غزة على طريق تطبيق ما تم التوافق عليه وطنيا من اتفاقات شاملة لتحقيق الوحدة الوطنية والإنهاء الكامل للانقسام وآثاره المتعددة'.
وفي الضفة الغربية، تطرق إلى أطماع نتنياهو بالمزيد من الاستيطان وضم المستوطنات إلى ما تسمى 'السيادة الإسرائيلية'، مؤكدا أن الإدارة الأمريكية هي 'الشريك المجرم' في تلك المخططات والحرب الإسرائيلية 'المسعورة' على شعبنا ومقدراته.
وكما غزة، يسعى نتنياهو إلى تهجير الفلسطينيين من أراضي وتجمعات سكنية واسعة في الضفة تمهيدا للتهجير القسري أو القبول العيش بـ'كانتونات' محصورة للفلسطينيين. بحسب المحلل السياسي.
لا أهداف إستراتيجية
ومن وجهة نظر، المختص في الشأن الإسرائيلي ياسر مناع فإنه من الضرورة التوضيح أن الحرب الدائرة في غزة لا يقودها نتنياهو كشخص 'بل هي حرب إسرائيلية شاملة ضد الفلسطينيين' في غزة والضفة والقدس والداخل المحتل.
لكن مناع في حديثه لـ 'فلسطين أون لاين' تطرق إلى أن نتنياهو وظف هذه الحرب 'خدمة لأهدافه السياسية' إلى جانب تحقيق متغيرات في الشرق الأوسط.
وأوضح أن الموقف الإسرائيلي من مقترحات الوسطاء 'هو الرفض' بدليل مواصلة الجيش عمليته العسكرية في غزة وتحديدا الأحياء الشرقية للمدينة وشمالها مع تدمير واسع للبنايات والأحياء السكنية.
وأكد أن ذلك هدفه دفع السكان نحو الهجرة القسرية ولا سيما أن 75% إلى 80% من مباني القطاع باتت مدمرة أو غير صالحة للسكن، عادا ذلك أن هناك خطة إسرائيلية مبيتة لتهجير سكان غزة.
وتطرق إلى الموقف الأمريكي الداعم لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة والرافض للصفقات الجزئية على أمل فرض واقع جديد في القطاع يقوم على نزع سلاح الفصائل أو ربما القبول بوصاية عربية أو دولية لإدارة الحياة المدنية، وهو ما تروّج له بعض الأطراف العربية بضغط أمريكي.
وتتقاطع أقوال المختص في الشأن الإسرائيلي مع قائد فرقة غزة السابق في جيش الاحتلال يسرائيل زيف، الذي قال إن نتنياهو 'مشلول سياسيًا، ولا يستطيع التحرك قيد أنملة دون موافقة الرئيس الأميركي دونالد' ترمب.
وأكد زيف أن حكومة نتنياهو تجر (إسرائيل) إلى خطوة قاتلة في غزة تتناقض مع أهداف الحرب لمجرد إرضاء واشنطن، كما أكد أن الاحتلال غير الضروري للكتل الخرسانية المفخخة في غزة سيكلف ثمناً باهظاً من أرواح الجنود.
وحول قدرة جيش الاحتلال النجاح في خطة 'عربات جدعون 2'، قدر مناع أن نجاح هذه العمليات يأتي في إطار استكمال العمليات العسكرية السابقة، فالاحتلال لم يحقق بعض الأهداف التي أعلنها بداية الحرب: لا إعادة جميع الأسرى، ولم تستطع تدمير القدرات العسكرية للفصائل الفلسطينية بصورة جذرية، كما بقيت بنية المقاومة قادرة على الأداء في الميدان.
ووفقا لوثيقة داخلية لجيش الاحتلال كشفت عنها القناة '12' العبرية فإن العملية العسكرية التي أطلقها جيش الاحتلال 'مركبات جدعون' بائت بالفشل.
وأوضحت القناة العبرية أن الوثيقة الداخلية للجيش كُشف عنها للمرة الأولى. وقالت: 'وهي ترسم صورة صعبة؛ فعلى الرغم من تصريحات رئيس الأركان بأن عملية مركبات جدعون قد نجحت، تُكتب في الوثيقة كلمة فشلنا'.
وبيّنت الوثيقة أن '(إسرائيل) ارتكبت كل خطأ ممكن عندما أدارت حربا بخلاف عقيدتها الحربية، ويقرّ معدّو الوثيقة بأن حماس لم تُهزم، ولم تتم إعادة الأسرى'.
وخلص مناع إلى أن هذا التناقض يعكس حجم الدمار الذي تخلفه عمليات الجيش البرية في الأحياء السكنية وبين محدودية النتائج الاستراتيجية وتحديدا 'العجز عن حسم الحرب'.