×



klyoum.com
palestine
فلسطين  ١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
palestine
فلسطين  ١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار فلسطين

»سياسة» وكـالـة مـعـا الاخـبـارية»

نبض من الركام بين البيت والهوية والتعليم بعد الدمار

وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
times

نشر بتاريخ:  الأحد ٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥ - ٠٩:١٤

نبض من الركام بين البيت والهوية والتعليم بعد الدمار

نبض من الركام بين البيت والهوية والتعليم بعد الدمار

اخبار فلسطين

موقع كل يوم -

وكـالـة مـعـا الاخـبـارية


نشر بتاريخ:  ٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥ 

الكاتب: ثروت زيد الكيلاني

في قلب الدمار، تصرخ الأم الغزية، ليس فقط على أنقاض بيتها، بل على ما تبقى من وجودها، على الهوية التي اختلطت بالغبار والركام، وعلى الطفولة التي ضاعت بين صمت الأنقاض. صرختها ليست صوتاً فردياً، بل صدى داخلي لكل من يعيش فقداناً متراكماً: فقدان المكان، وفقدان الأمان، وفقدان الزمن الذي يفترض أن يكون مألوفاً ومستمراً. إنها لحظة صارخة تكشف هشاشة حدود الإنسان بين ذاته والعالم، بين الداخل والخارج، وبين ما كان وما يمكن أن يكون.

البيت هنا ليس مجرد جدران وسقف، بل رمز للوجود، مسرح للحياة والذاكرة، موئل الحلم والأمان. تحطيمه ليس انهياراً مادياً فحسب، بل تفكيك للزمان وللروابط التي تشكل وعي الفرد والمجتمع. في هذا التفكك، يصبح كل شيء مؤقتاً، وكل غياب له حضوره المدوّي؛ فتختلط المفاهيم: الأمن يصبح شبحاً، الحرية اختباراً، والهوية سؤالاً بلا إجابة جاهزة.

وعندما نضع هذا في سياق الوطن بعد هدنة أو صراع طويل، تصبح الصرخة أكثر عمقاً ورمزية. فهي تحيل إلى صراع مستمر بين البقاء والاختفاء، بين الإحياء والتدمير، بين الأمل الذي يلوح في الأفق والواقع الذي يثقل على الصدر. الأنقاض لا تكذب، والدمار لا يختفي، والوجود الإنساني يُختبر في لحظاته الأكثر قسوة، حيث يصبح السؤال: كيف يعيد الإنسان ترتيب نفسه، وكيف يعيد المجتمع بناء ذاته وسط الركام المتداخل؟

الأم والكيان الممزق

البيت ليس مجرد جدران وسقف، بل فضاء وجودي يشكل وعي الإنسان ويحتضن ذاكرته وهويته، مسرحاً لتجارب الطفولة الأولى، ورمزاً للثبات أمام الانكسارات. صرخة الأم الممزقة أمام أنقاض بيتها تكشف تمزق الذات وفقدان الجذور، هوة بين الماضي والحاضر، وانهيار الروابط النفسية التي تربط الإنسان بمكانه ووجوده. كل زاوية كانت مألوفة، كل ركن يحمل ذكرى أو علاقة، صار غريباً، مختلطاً بالغبار والركام، وكأن الوجود ذاته أصبح معلقاً بين الانكسار والفراغ.

وجود سبعة أطفال يزيد ثقل الصدمة؛ فالأم ليست مجرد فرد، بل محور شبكة حياة تمتد عبر الأجيال، حاملة للأمل والمستقبل ومسؤولة عن استمرار المجتمع. الأنقاض هنا ليست مجرد حطام ملموس، بل رسائل عن اضطراب نفسي عميق، صدمة تمتد عبر الزمن، وتعيد تشكيل العلاقة بين الفرد وذاته، بين الأم وأطفالها، وبين الإنسان والوجود نفسه. كل قطعة حجر، كل فتات زجاج، يحمل خبرة الانكسار ويطرح سؤالاً وجودياً: كيف يعيد الإنسان ترتيب كيانه حين يصبح المكان، الذي شكّل هويته، غير قابل للتعرف؟

الأسرة كمجتمع مصغر والارتباط الممزق

في مرحلة ما بعد الهدنة، تتكرر صورة الأسرة الناقصة، بيتها محطم، أطفالها يتخبطون بلا مستقبل واضح، لتصبح مرآة مصغّرة للمجتمع بأسره. انهيار البيت يرمز إلى هشاشة النسيج الاجتماعي، الفراغ الناتج عن ضعف الفعل الجماعي، وتصدع روابط الثقة بين الأفراد والمجتمع. المجتمع هنا ليس كياناً منفصلاً عن الفرد، بل شبكة من الروابط تتأثر بالانكسار الفردي، فتتلاشى الثقة ويصبح المستقبل مشوشاً وغير مضمون.

البيت الأمومي، في هذا السياق، هو رمز صغير للمجتمع الكبير؛ انهياره ليس مجرد فقدان مادي، بل فقدان للتجربة الاجتماعية المشتركة، وللسرد الجماعي الذي يربط الماضي بالحاضر ويمنح المجتمع القدرة على التجدد. الأطفال الذين يعيشون تحت الأنقاض، مادياً أو نفسياً، يشكلون حالة وجودية مركبة: فقدان الحماية، فقدان الأمان، وفقدان فرصة التعبير عن الهوية في فضاء اجتماعي مستقر. السياسات التربوية والاجتماعية تصبح أدوات حيوية لإعادة صياغة الأدوار، استعادة الثقة، وبناء فضاءات للوعي الجماعي، ليصبح المجتمع قادراً على تحويل الصدمة إلى معرفة والخسارة إلى أفق للبناء.

البيت كحضور والهدنة كمقاطعة زمنية

البيت هو «مكان الوجود»، فضاء يلتقي فيه الإنسان بالعالم وبالآخر، ومساحة تتحقق فيها الكينونة والانتماء. الأنقاض المختلطة وعبارة «كل شيء دُمر» تشير إلى تفكيك شامل: تفكيك المكان، تفكيك الذات، وتفكيك الزمن المألوف الذي يمنح المعنى والاستمرارية. في هذه اللحظة، يصبح الحدث الخارجي مرآة للحدث الداخلي، للانكسار النفسي والوجودي، ولتحولات بنية الوعي الفردي والجماعي.

الهدنة ليست مجرد توقف للنار؛ إنها مقاطعة زمنية، لحظة مخاض بين ما كان وما يمكن أن يكون، فرصة للتأمل، لكنها محفوفة بالخطر: أن تتحول إلى «صفحة انتظار» بلا إعادة بناء فعلي، بلا تحول حقيقي للذات والمجتمع. البيت هو الوطن الصغير، والأنقاض هي الوطن الكبير في حالة تفكيك مستمر، بينما يحاول الإنسان إعادة صياغة كيانه وسط الغموض، يسائل دوره، يسائل معنى البقاء، ويعيد رسم الحدود بين ما قبل الصراع وما بعده.

فلسطين بعد الهدنة وإشكالية البناء

الهدنة مع إسرائيل، سواء على شكل وقف لإطلاق النار أو اتفاقيات تبادل، ليست مجرد وقفة زمنية، بل واقع سياسي مركّب يعكس هشاشة التوازن بين الإنسان والسياسة، بين الأمن والمصالح، وبين الحقوق والواقع. رغم الهدنة، تستمر الاعتداءات على الشعب الأعزل، وتستمر موجة الصدمة لدى الأطفال الذين حُرموا من التعليم على مدار سنتين، مع تفاوت حاد في الوصول إلى برامج تربوية، ما يولّد فجوات تعليمية ونفسية واجتماعية معقدة ترتبط بالعمر، مستوى التعلم، والفاقد التعليمي.

في هذا السياق، تواجه السياسات التربوية تحديات مزدوجة:

إعادة تأهيل البنية التعليمية: ليس مجرد ترميم المباني، بل إعادة تصميم منظومة التعليم بالكامل وفق منحى مفتوح، عملياتي، متوتر، بعيد عن القوالب النمطية الجاهزة، يُعيد الحيوية للمعرفة والوعي.

إعادة بناء الهوية والمجتمع المدني: تجاوز البنية المادية نحو صياغة سرد جماعي للهوية، وتنمية المواطنة المسؤولة والفاعلة.

التوازن بين المحلي والعالمي: مواجهة انكماش الدور الوطني في ظل تدخل القوى الدولية والإقليمية، مع الحفاظ على السيادة التعليمية والثقافية.

تقييم الاتفاقات المؤقتة: تحويل لحظة الهدنة إلى مسار طويل المدى لإعادة بناء الوطن، وليس مجرد توقف عن العنف.

دمج الأفكار الكبرى: من الدولة الفلسطينية إلى العدالة الانتقالية، ومن البنية التربوية إلى الثقافة المجتمعية، مع مراعاة الحق والإنسانية.

الأفق التربوي والنقد التحرّري

إذا كانت الهدنة قد تفتح صفحة لإعادة البناء، يبرز السؤال التربوي الجوهري: كيف يمكن بناء تعليم يعكس السيادة، ويكرّم الكرامة، ويصوغ وعياً بالهوية، وبالعدالة الجندرية، وبالتحديات البيئية، والمناخية؟

يتطلب ذلك نقداً تحررياً متعمقاً للسياسات التربوية القائمة:

رفض تحويل التعليم إلى مشروع تقني أو نفسي مجرد، معزول عن الأرض والسيادة، عن التجربة الحقيقية للمجتمع، وعن الواجب الوطني في حماية الأجيال القادمة.

نقد المنهجيات التي تجعل المعلم مجرد مستفيد من أدوات رفاهية خارجية، بينما تهمل المدرسة كمجتمع فكري وثقافي حي، كفضاء لصناعة المعنى وإعادة إنتاج الهوية.

تبني التعليم كفضاء لإعادة بناء الوطن الصغير أولاً: الأسرة، المدرسة، المجتمع المحلي، قبل التفكير في إعادة بناء الوطن الكبير.

الأم الصانعة التي فقدت بيتها تذكّرنا بأن التعليم ليس مجرد تمرير معرفة، بل عملية جرّاحية لإعادة بناء الوجود، وصوغ الزمن والمعنى، وفتح مسارات جديدة للوعي والكينونة، حيث يُعاد للطفل والمجتمع امتلاك حضورهما في العالم من تحت الركام.

ختاماً، عبارة الأم الصامدة: «لم أتعرف حتى على مكان بيتي؛ الأنقاض مختلطة وكل شيء دُمر»، تتجاوز الصدمة الفردية لتصبح رمزاً لوطن يُعاد بناؤه من تحت الركام. في مرحلة ما بعد الهدنة الفلسطينية، يلتقي التعليم والسياسة والمجتمع في نقطة فاصلة: إعادة بناء البيت، وإلى جانبه الوطن، ليس كمجرد مساحة أو جدران، بل كوجود متكامل للإنسان والمجتمع.

يبقى السؤال الحيوي: من سيعيد للمعلم مكانته، للطفل عافيته، للبيت وجوده؟ ومن سيعيد للمجتمع الفلسطيني القدرة على إعادة بناء ذاته، مادياً وروحياً ومعرفياً؟ البيت المُدمّر ليس مجرد بيت، بل وطن يئنّ من أنقاضه، والتعليم في قلبه هو القوة التي تحول الصرخة إلى أغنية وجود، ومنه تنطلق الحياة، ومنه تنبع القدرة على إعادة بناء الغد.

موقع كل يومموقع كل يوم

أخر اخبار فلسطين:

أحدهم ضُرب لرفض التعاون مع الجيش مقابل آلاف الشواكل.. شهادات صادمة جديدة لتعذيب 3 أطفال في "سدي تيمان"

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
6

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 2208 days old | 360,865 Palestine News Articles | 4,129 Articles in Nov 2025 | 164 Articles Today | from 39 News Sources ~~ last update: 27 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


لايف ستايل