مواقع... ولكن!

يبتغون النجاح في الدنيا بأي ثمن، ومنهم مَن ابتغى النجاح في الآخرة بالطريقة عينها!

يقرأون في كتاب واحد ويلهثون وراء أسطورة واحدة ويتكبّرون.

يقيّدون أبناء جلدتهم بسلاسل الظلم والظلام ويعملون لخنق نوافذ النور.

في عدد من جامعاتنا «الوطنية» وغير الوطنية، ينبري سلطان حاكم بأمره، يرفع مَن يشاء، ويخفض مَن يشاء، ويلغي مَن أو ما يشاء بكلمة واحدة، أو بإشارة صغيرة. أنصاف آلهة يتربّعون على عروش عدد من جامعاتنا المتكاثرة كالفطر في البراري، منصرفين عن كل أسباب الإصلاح إلى التنعّم بمباهج جلوسهم على الكراسي، ومفاتن الظهور. يتمتعون بالجاه والنفوذ وإملاء الجيوب وضمائرهم «المنفصلة» في عالم الغيب!

أجواء كالحة رهيبة تتهدّد مستوى أجيالنا «الصاعدة» لأنها تطيّفهم أو تمذهبهم أو تفرّق عنصرهم الواحد إلى شيع وأحزاب وانتماءات شعوبية غريبة عجيبة معدّة لمختلف ضروب النزاعات والهجرات في المستقبل القريب أو البعيد.

مجالس جامعة قائمة وغير فاعلة أحياناً، ومجالس أخرى غائبة توسّع الهوة القائمة بين رئيس لجامعة مسيَّر من خارج الجامعة أو الحدود من جهة، وهيئات تعليمية وإدارية وطالبية مسيَّرة هي أيضاً أحياناً من الداخل أو من الخارج ومتنازعة كذلك في ما بينها على خلفية مفاهيم مختلفة من الدولة ومؤسساتها، مما ينعكس خصوصاً على تعذّر إنشاء كتاب موحَّد للتاريخ الوطني.

تعيينات لعمداء ومدراء وموظفين وأساتذة في إطار من الاستنسابية والطائفية والمذهبية والوراثية والشخصَنة، فهل هذا الواقع التعِس يعدّ لرجال ونساء جديرين بتسيير دفّة الأمة اللبنانية كما يصبو إليها الشرفاء العقلاء؟

بفضل عدد من «جامعات» التي لا تجمع إلّا الأموال الطائلة، يكاد شبابنا، إنْ هو تقدّم، أن يسير تقدّمه برجل واحدة، ويبصر صباحاته بعينين يكحلهما رمد الفوضى، ويرفرف فوقه مستقبلُه بجناحين مهيضين، وأوراق العمر تتساقط من شجرة الحياة، وموكب الأجيال يسير بشهاداته شطرَ جلجلة الفناء، من غير أن يصل إلى غايته من الرقيّ المطلوب، ومن غير أن يعانق هدفه الإنساني الأسمى. فإلامَ التفرّد والارتهان والتهافت «الاكاديمي» على حساب المستوى والروح الوطنية ومستقبل الوطن؟

أستاذ في المعهد العالمي للدكتوراه