اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
بداية لا بد من الإستناد إلى بعض المفاهيم المعروفة ليُبنى على الشيء مقتضاه. لقد خلقنا الله تعالى وجعل فينا الفطرة كما جعلها في جميع كائناته من حيوان ونبات وجماد وطبيعة والكون بأسره.
فالفطرة هي مجموع الاستعدادات والميول والغرائز التي تولد مع الإنسان دون أن يكون لأحد دخل في إيجادها. أما الفطنة فهي الحذق والمهارة والحكمة والتبصّر وبُعد النظر.
وأما البديهة فهي المعرفة التي يجدها الإنسان في نفسه من غير إعمال للفكر وعلم بسببها. نقول فلان سريع البديهة أي يصيب الرأي في أول ما يفاجأ به. ويفهم ما يلقى عليه من أول وهلة. فهو حاضر البديهة أي سريع الفهم والإدراك.
يتمثل ذكاء الإنسان في قدرته على الفهم والاستنتاج والتحليل والتمييز بقوة فطرته وصفاء خاطره. ويظهر الذكاء الإجتماعي في حسن التصرف في المواقف والأوضاع الإجتماعية المتنوعة. وعكس الذكاء هو الغباء ويكون في قلة الفطنة والذكاء.
إن ما وصل إليه الإنسان من اكتشافات واختراعات وإبداعات هو سيف ذو حدّين. فواحد يستخدم في الخير والآخر يستخدم في الشر. ونقرأ هنا الآية {وهديناه النجدين} طريق الخير وطريق الشر شرط أن يشغل الإنسان عقله في حسن الاختيار.
قد تملك الذكاء والحنكة وتتوفر لك الحيلة لإبراز أمر ما قد يؤدي إلى إزدهار المجتمع أو قد يؤدي إلى خرابه ودماره. ونعلم جميعاً أن قضية اكتشاف نوبل للبارود ليست سوى نموذج صارخ لذلك الأمر الذي أدّى في مكان ما إلى فعل البناء وفي مكان آخر إلى فعل التدمير. وللتكفير عن أضراره «اخترعوا» جوائز نوبل للسلام في جميع مجالات العلم.
نصل إلى موضوعنا «الذكاء الاصطناعي» وهو تمكين آلة أو جهاز ما على أداء بعض الأنشطة التي تحتاج إلى ذكاء الإستدلال الفعلي والإصلاح الذاتي. ونقرأ الآية {هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}.
وأكثر ما أخشاه أن يسقط العالم بأسره في شرّ «الذكاء الإصطناعي» فتصبح استخداماته في الخير قليلة وفي الشر كثيرة جداً مما سيستوجب استحداث جائزة «الذكاء الاصطناعي للسلام» إذا ما أوقعونا في سلبيات استخدامه تكفيراً عن نتائجه المدمرة.
عبارات كثيرة مرّت معنا ونستخدمها للدلالة على ذكاء شخص ما أو على محاسنه أو مساوئه فنقول:
فلان داهية، فالدهاء يجمع بين الفطنة والذكاء والتبصّر بالأمور والجودة في الرأي وقد يلازمه مكر أو احتيال.
فلان خارق أي متجاوز لقدرة الشخص او لطبيعة المخلوق كالمعجزة والكرامة.
فلان مبدع، فالإبداع هو الإبتكار في إيجاد شيء غير مسبوق بمادة أو زمان.
فلان نابغة أو عبقري، فالنبوغ هو العبقرية وقوة الإبداع.
فلان «يعرف من أين تؤكل الكتف» أي ذو خبرة ومحنك.
وفلان «يأخذها من فم السبع» أي عارف وشجاع.
ختاماً، عندما بدأ عصر التلفزيون اعتبره البعض مفيداً وقالوا عنه «مفيديون» بينما رآه الآخرون سيئاً فقالوا عنه «مفسديون». فهل هي الحقيقة أم وجهة نظر؟!
فحسن استخدام الابتكارات نعمة وسوء استخدامها نقمة. على أمل التطوّر والازدهار والبُعد عن النكسات والدمار.
عزام حوري











































































