اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٢ أب ٢٠٢٥
أشار رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، في حديث مع «سكاي نيوز»، إلى أن «الجلسة التي عقدتها الحكومة اللبنانية (حول حصرية السلاح وإقرار أهداف الورقة الأميركية)، كانت جلسة تاريخية بالفعل، بكونها أكدت على أمر دستوري أساسي بأن مجلس الوزراء هو مركز السلطة، وهو المكان الذي تتخذ فيه القرارات الأساسية للدولة اللبنانية».
ولفت السنيورة الى أن «الجلسة أكدت على أمر أساسي آخر، وهو ما شدّد عليه اتفاق الطائف، وأكدت عليه جميع القرارات الدولية والعربية، التي تشدّد على احترام سيادة الدولة اللبنانية، وعلى حصرية السلاح بيد السلطة الشرعية المعنية، والمتمثلة بالجيش اللبناني والقوى الأمنية». وأكد أن «اتفاق الطائف هو الشرعة التي توافق عليها اللبنانيون، وهو عملياً الوثيقة الدستورية المرجعية التي باتت تحتوي على كل ما له علاقة بما يسمّى الميثاقية في لبنان، وبالتالي لا حديث عن أي أمر في هذا الصدد خارج النصوص الدستورية».
وقال «لا أعتقد أنه كان أمراً حكيماً الموقف الذي اتخذه بعض الوزراء بالانسحاب من هذه الجلسة، كون هذا الانسحاب يضرّ بالموقف الوطني اللبناني الذي ينبغي أن يكون واحداً وموحّداً في التفاوض مع الجانب الأميركي من أجل تحقيق المكاسب السيادية الحقيقية التي يتوخاها لبنان ويريدها اللبنانيون».
وأشار إلى أن «لبنان بحاجة الآن إلى تحقيق الدعم العربي والدولي لتعزيز القوى العسكرية والأمنية»، مؤكداً: «لا أحد يحمي اللبنانيين إلّا الدولة اللبنانية وجيشها الوطني. والذين ينتقدون الجيش بأنه غير قادر يبررون ذلك بضرورة بقاء الحزب متمسّكاً بسلاحه».
وأشار في هذا المجال ان الملك عبد الله (رحمه الله) قدّم للبنان مبلغ ثلاثة مليارات دولار من أجل تعزيز تسليح الجيش اللبناني، وسأل «وبكل أسف من ضيّع هذه الفرصة الثمينة ومن عمل على وقف هذه المكرمة الاستثنائية؟» وأجاب: حزب الله هو الذي وقف ضد هذه العملية وبشراسة ولم يدّخر وسيلة من أجل النيل منها ومن أهدافها ومقاصدها.
واعتبر السنيورة أن «موضوع اللجوء إلى ما يُسمّى الشارع أمر خطير للغاية، وليس هناك من إمكانية للبنان أن يكرر أخطاء الماضي، ولم يعد بقدرة أي أحد أن يتسبب بحروب داخلية».
وقال «ينبغي على أي مسؤول متبصّر بالأمور أن ينطلق من الحقائق والوقائع التي بات يفرضها الوضع الجديد القائم على كل الأصعدة الميدانية والعسكرية والسياسية، وكيف يمكن للحكومة أن تعالج هذه الأوضاع، وما ينبغي عليها أن تقوم به للحؤول دون المزيد من التدهور، آخذةً بعين الاعتبار المُناخات والظروف والعوامل السائدة والمرتقبة. ولهذا، فإنّ السؤال الكبير هو كيف يمكن للحكومة أن تُحسِّنَ من قوتها التفاوضية مع الولايات المتحدة، ومع المجتمعين العربي والدولي. أنا أعتقد أنّ هذا الأمر هو ما ينبغي أن يحصل خلال هذه المرحلة الفاصلة من الآن وحتى نهاية هذا الشهر، أي إلى أن تنتهي قيادة الجيش اللبناني من إعداد دراسة كل التفاصيل الواردة في الفصول الثلاثة من هذه الورقة، وبالتالي إلى أن يصار إلى عرض الأمر على طاولة مجلس الوزراء الذي هو مركز القرار».
وعن موضوع الميثاقية، أكد الرئيس السنيورة ان هذه العبارة وردت في الأصل في الخطاب الذي أدلى به رئيس الوزراء الأول في لبنان الشهيد رياض الصلح عندما حاول أن يجمع اللبنانيين على مبدأ أساس، وهو استقلال لبنان، وذلك من خلال العمل على حل إشكالية الهوية والمصير، وتحديداً بما يتعلّق بموقف المسلمين بشكلٍ عام من مسألة الاتحاد مع سوريا، وبموقف المسيحيين بشكلٍ عام في مسألة الانتداب الفرنسي. فكانت عبقرية الرئيس الصلح آنذاك في الجمع ما بين مكوّنات الشعب اللبناني عن طريق ما يسمّى رفض أمرين، وهو ما أطلق عليه حينذاك السلبيتين، وهو ما أصبح يسمّى الميثاقية التي كانت موجودة في الماضي، وذلك قبل إقرار التعديلات الدستورية، وهما: «لا للوحدة مع سوريا ولا لاستمرار الانتداب الفرنسي»، وهي المعادلة التي انبثقت في العام 1943، والذي جرى في اتفاق الطائف، أنه جرى قلب المعادلة، فبدلاً من هاتين السلبيتين، جرى تعديل أساسي في النصوص، أصبح هناك إيجابيتان، وانبثقت بالتالي معادلة 1989- 1990. وهي أنّ لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، ووطن عربي الهوية والانتماء، والدستور في جميع منطلقاته، يتحدث عن المسلمين والمسيحيين بمختلف فئاتهم، وحيث أصبح الدستور اللبناني بصيغته المعدلة الجديدة يختصر كل هذه الأمور التي كان يطلق عليها عبارة الميثاقية، وهي المرجعية التي تجمع بين المسلمين والمسيحيين في وحدة حال واحدة.
وعن التخوّف من فخ التطبيع مع إسرائيل، قال الرئيس السنيورة: لا يستطيع أحد من الفرقاء اللبنانيين أن يتحمّل هذه المسؤولية التاريخية للقيام بأي عملية سلام أو تطبيع مع إسرائيل قبل أن يكون هناك حلا حقيقيا ودائما للقضية الفلسطينية بموافقة جميع الدول العربية، ومتى تحقق ذلك نظل نحن محكومون باتفاقية الهدنة الموقّعة في العام 1949.