حصّة لبنان من حلّ الدّولتَين

كتب شادي الياس في موقع mtv:

في مقدّمة قبل الحديث عن لبنان، يجب توضيح بعض المفاهيم المتعلّقة بمصطلح حلّ الدّولتَين، المرّة الأولى التي ذُكرت فيها هذه الفكرة كانت عام ١٩٤٧، في الأمم المتّحدة، بعد الصّراع الذي نتج عن الاحتلال، لوضع حدّ للصّراعات بتقسيم فلسطين. ثمّ تطوّر المفهوم في توقيع اتّفاقيّة أوسلو التي تهدف إلى إنشاء دولة فلسطين، عام ١٩٩٣، ولكنّها لم تُطبّق بالكامل.

حلّ الدولتين هو فكرة حلّ للصّراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ الذي يقوم على تقسيم فلسطين التّاريخيّة إلى دولتَين: دولة إسرائيل التي ستضمّ الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1948، ودولة فلسطين التي ستضمّ الضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة والقدس الشّرقيّة.

في بعض التّفاصيل بشكل عامّ يجب أن يكون هناك اعتراف متبادل من الطّرفين بالوجود وبأحقّيّة قيام الدّولة الثّانية، واعتراف رسميّ بالحدود بين الدّولتين التي يجب أن تتمّ بمفاوضات ورعاية دوليّة، والقدس يتمّ تقسيمها إلى عاصمتين، عاصمة إسرائيليّة في القدس الغربيّة، وعاصمة فلسطينيّة في القدس الشّرقيّة. ويتمّ الاتّفاق بالتّنازل عن حقّ عودة اللاجئين من الطّرف الإسرائيليّ إلى الأراضي الفلسطينيّة. وأخيراً يتمّ ضمان أمن كلّ دولة من خلال اتّفاقات دوليّة تضع حدًّا نهائيًّا للصّراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ ويتحقّق السّلام بين الطّرفين.

إنّ تنفيذ الاتّفاق له تحدّيات كبيرة مثل ملفّ الاستيطان ووجود المستوطنات الإسرائيليّة في الضّفّة الغربيّة ومصيرها لخضوعها لقوانين الدّولة الفلسطينيّة، وقضيّة القدس وتقسيمها. هل سيتنازل الطّرف الإسرائيليّ عن المنطقة الشّرقيّة؟ وهل سيقبل الفلسطينيّون بالتّنازل عن حقّ عودتهم إلى كامل الأراضي الفلسطينيّة التّاريخيّة؟ في المواقف الحاليّة تدعم إسرائيل حلّ الدّولتين من حيث المبدأ لكنّها تضع شروطًا صعبة لتنفيذه، ما يصعّب وصوله إلى برّ الأمان. ومن النّاحية الفلسطينيّة تدعم السّلطة الحلّ، ولكنّها تشكّ في التزام إسرائيل به. والمجتمع الدّوليّ أيضًا يدعم حلّ الدّولتين ويعتبر أنّه الحلّ الوحيد للحدّ من هذا الصّراع التّاريخيّ.

لبنان:إنّ لبنان بحكم حدوده المتلاصقة مع فلسطين وتضامنه مع القضيّة، واكبَ الصّراع منذ نشأته وقدّم نسبة المساعدات الأكبر في العالم من حيث نسبة مساحته وعدد سكّانه. استقبل لبنان بمسيحيّيه ومسلميه اللاجئين الفلسطينيّين وقدّموا لهم أراضيهم وأوقافهم وحضنوهم وساعدوهم، وتبقى هذه الصّفحات من تاريخ لبنان صفحات بيضاء لامعة. ثمّ تطوّرت الأحداث مرورًا باتّفاقيّة القاهرة وأدّت إلى ما أدّت اليه من دمار وويلات على الدّاخل اللبنانيّ.

الآن ماذا يستفيد لبنان من عودة اللاجئين الفلسطينيّين إلى ديارهم؟من غير الإنصاف على الصّعوبات اللبنانيّة البحث في قضيّة اللاجئين الفلسطينيّين فقط، إنّما الأعباء كثيرة بسبب اللاجئين السّوريّين أيضًا، الشّرعيّين منهم وغير الشّرعيّين. اقتصاديًّا، الضّغط على البنى التّحتيّة وتكلفة الخدمات العامّة مثل التّعليم و الصّحّة باهظة على الدّولة اللبنانيّة، وعودتهم تؤدّي إلى زيادة فرص الاستفادة من هذه الخدمات والتّخفيف من الضّغط والمصاريف التي يتكبّدها لبنان.

سياسيًّا، تطبيق حلّ الدّولتين يخفّف على لبنان العديد من التّوتّرات الطّائفيّة و السّياسيّة لأنّ الموضوع من صلب التّحدّيات الدّاخليّة، علمًا أنّ اللاجئين في تطلّعاتهم مهتمّون بالهجرة إلى دول أوروبيّة والخروج من المستنقع اللبنانيّ الذي، على ما يبدو، الخروج منه طويل الأمد أو مستحيل.

معالجة موضوع اللاجئين الفلسطينيّين وغيرهم في لبنان يجب أن يتمّ بشكل عادلٍ وإنسانيّ، وتقع هذه المسؤوليّة على المجتمع الدّوليّ في إيجاد حلٍّ دائم لهذه القضيّة.

وأخيراً لبنان سيستفيد من هذا الاتّفاق إذا حصل، لأنّ حقّ عودة اللاجئين هو من صلب بنوده الأساسيّة وسينعكس إيجاباً وإنفراجاً كبيراً على الدّاخل اللبنانيّ وسيرجع السّلام إلى الشّرق الأوسط.