الذّكاء الاصطناعي كقوة استراتيجيّة: كيف يعيد تشكيل ملامح الصّراع العالمي؟

تحوّل الذكاء الاصطناعي من كونه مجرد تقنية مبتكرة إلى أداة استراتيجية تلعب دوراً محورياً في تشكيل موازين القوى العالمية. تتسابق الدول الكبرى والشركات العملاقة لتعزيز استثماراتها في هذا المجال، خصوصاً في قطاعات الدفاع والتصنيع، لما يحمله من إمكانات ثورية على مختلف المستويات.

هذا العام شهد قفزة هائلة في الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي، حيث ارتفع بمقدار ثلاثة أضعاف مقارنة بالعام الماضي. وتشير التقديرات إلى أن الإنفاق على الذكاء الاصطناعي التوليدي سيبلغ نحو 644 مليار دولار، بزيادة سنوية تتجاوز 76%، في مؤشر واضح على عمق التحول الرقمي الذي يشهده العالم.

ميزانيات تقنية تتجه نحو الذكاء الاصطناعي

توقعت دراسة صادرة عن شركة 'لينوفو' الصينية أن يخصص مسؤولو تكنولوجيا المعلومات حول العالم نحو 20% من الميزانيات التقنية هذا العام لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

وبرغم أن نسبة المؤسسات التي تعتمد حالياً على تطبيقات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لا تتجاوز 11%، إلا أن التوقعات تشير إلى أن هذه النسبة سترتفع ارتفاعاً كبيراً لتصل إلى 42% خلال العام المقبل، أي ما يقارب أربعة أضعاف النسبة الحالية.

الذكاء الاصطناعي يهيمن على الاستثمار العالمي

على صعيد الاستثمارات، استحوذ الذكاء الاصطناعي على حوالي 36% من إجمالي استثمارات رأس المال الاستثماري العالمي خلال العام الماضي، وتصدرت الولايات المتحدة هذا القطاع بقوة. ووفق بيانات شركة 'Ernst & Young'، بلغ نصيب الولايات المتحدة نحو 46% من الاستثمارات، تليها أوروبا بـ26%، بينما لم تتجاوز حصة آسيا 20%.

توجّه عسكري وتقني يتطلب طاقة هائلة

شركات التكنولوجيا الكبرى مثل 'أمازون'، 'مايكروسوفت'، 'ميتا'، و'ألفابت' تتوقع أن تصل استثماراتها هذا العام في مجال الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية المرافقة له إلى 23 مليار دولار. وتشير تقارير من شركة 'Gartner' إلى أن هذا الإنفاق الهائل سيستمر، مع تركيز على تطوير النماذج وتعزيز كفاءتها.

ونظراً للاستهلاك الهائل للطاقة الذي تتطلبه تطبيقات الذكاء الاصطناعي، دخلت شركات مثل 'غوغل'، و'أمازون'، و'مايكروسوفت' في شراكات مع جهات متخصصة في الطاقة النووية، لتأمين احتياجاتها من الكهرباء، استعداداً لمضاعفة حجم العمليات والتوسّع في هذا المجال.

وفي هذا السياق، تعمل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إعداد حزمة من الإجراءات التنفيذية تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الكهربائية في البلاد، تأميناً للطاقة المطلوبة لمواكبة التوسع الأميركي في قطاع الذكاء الاصطناعي. ويأتي هذا التوجّه في إطار إعلان سابق عن نية القطاع الخاص الأميركي استثمار ما يصل إلى 500 مليار دولار لدعم البنية التحتية الخاصة بهذا المجال.