اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٥ تشرين الثاني ٢٠٢٥
خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
منذ نحو ثلاثة أسابيع تستمر بشكل مكثف ويومي داخل إسرائيل ما يمكن تسميته بحملة تمهيد المناخ السياسي والإعلامي لمعاودة الحرب على لبنان. ويجري كل هذا من دون أن ينظم لبنان أية مبادرة إعلامية أو حتى دبلوماسية أو سياسية للرد على هذا الجهد الإسرائيلي الخطر..
وصار يمكن الآن تقديم تلخيص عن كيفية تصاعد هذه الحملة الإعلامية والسياسية الإسرائيلية المستمرة منذ منتصف الشهر الماضي تقريباً.
أولاً- بدأت هذه الحملة فور إعلان وقف إطلاق النار في غزة؛ وبعض الإعلام العبري كان نقل حينها عن مصادر أمنية إسرائيلية أنه حالياً يجب على لبنان أن يخشى قيام إسرائيل بنقل الثقل العسكري من الجبهة الجنوبية إلى الجبهة الشمالية مع لبنان؛ وبالتوازي أعلنت إسرائيل حينها عن إجراء مناورة الجليل ذات الصلة بمحاكاة حرب مع حزب الله.
ثانياً- في مرحلة تالية بدأ الإعلام الإسرائيلي يستخدم نقلاً عن مصادر أمنية وسياسية، مصطلح 'حتمية اندلاع مواجهة' مع حزب الله؛ وبدا لافتاً لمتابعين لبنانيين حينها أن توم براك استخدم مصطلح احتمال اندلاع 'المواجهة الكبرى' بين إسرائيل والحزب في حال لم تنجز عملية حصرية السلاح سريعاً. وعلق هؤلاء المتابعون حينها أنه بالعادة لا تستخدم الدبلوماسية الأميركية مصطلح 'المواجهة الكبرى'، ومجرد أن براك استخدمه فإن هذا الأمر بحد ذاته يثير قلقاً استثنائياً.
ثالثاً- بعد تكثيف استخدام مصطلح حتمية حصول مواجهة كبرى؛ جرى إضافة تصعيد جديد على اللهجة المعتمدة في الإعلام الإسرائيلي الخاصة بقرع طبول الحرب على لبنان. وفي هذه اللحظة الجديدة داخل سياق الحملة بدأ الإعلام والسياسيين الإسرائيليين يتداولون مصطلح يقول أن الحرب ضد لبنان ليس فقط حتمية بل لم يعد هناك إمكانية لمنع نشوبها؛ والسبب يعود بالأساس ليس فقط لأن حزب الله يعاود تسليح نفسه؛ بل لكون كل من الدولة والجيش في لبنان لا يستطيعان من جهة، ولا يريدان من جهة ثانية، إنجاز مهمة 'حصرية السلاح' خوفاً من اندلاع حرب أهلية لبنانية.
وتستنتج السردية الإسرائيلية أن هذا الواقع القائم في لبنان يجعل منع الحرب أمراً مستحيلاً ويجعل نشوب الحرب أمراً حتمياً.
وقد يكون مفيداً هنا فتح هلالين للإشارة إلى أهمية متابعة المصطلحات التي تواكب بها إسرائيل عبر إعلامها مراحل سياساتها سواء في لبنان أو فوق ساحات أخرى؛ ذلك أن هذه المصطلحات لا يتم نشرها عبثاً بل هي عصارة تفكير مشترك بين أجهزة المخابرات ومراكز الأبحاث، والغاية من بلورتها هي خدمة أهداف محددة في كل مرحلة تتسق مع الاستراتيجية العامة الموضوعة والمراد تحقيقها على فترات ومراحل.
رابعاً- بعد استخدام إسرائيل في البداية مصطلح 'الحرب الحتمية' ومن ثم 'المواجهة التي لم يعد ممكنا منعها' (سماها توم براك بالمواجهة الكبرى) وتعليل ذلك بإستمرار تسلح الحزب وعجز الدولة اللبنانية (سماها براك الدولة الفاشلة في لقاء المنامة)؛ يتم الان استعمال مصطلح إضافي ومفاده أن الحرب مع لبنان أصبحت 'واقعية'؛ أي أن نشوبها سيحدث لأسباب واقعية، فنّدها تقرير للمخابرات الإسرائيلية نشرته أمس جريدة هارتس..
وأدرج هذا التقرير الأسباب التالية:
الخطر الأساس الذي تستشعره إسرائيل ليس مرده هذه المرة فقط قدرة الحزب على معاودة تسليح نفسه؛ وليس مرده فقط أن خطر تسليح الحزب عبر سورية لا يزال يعمل بنسبة معينة؛ وليس مرده فقط أن الحزب رغم أنه ضعف إلا أنه لا يزال قادراً على بناء قوته؛ بل مرده بالأساس إلى أمرين إثنين هما يشكلان محل مفاجأة لإسرائيل: الأول تلخيصه أن إسرائيل متفاجئة ومتوجسة من قدرة الحزب على احتواء الأزمة التي يمر بها؛ وعلى قدرته على ممارسة صبر استراتيجي قد يخفي وراءه تحضيره لمفاجآة عسكرية كبيرة.
الأمر الثاني مفاده أن إسرائيل باتت ترى أن منسوب تزود الحزب بالسلاح هو أكبر من منسوب سحب سلاح الحزب الذي يقوم به الجيش اللبناني.
واضح في هذا المجال الأخير أن إسرائيل بمقابل أنها لم تعد تستطع القول أن الجيش اللبناني لا يقوم بتنفيذ التزامات لبنان في جنوب الليطاني؛ فهي باتت تقول أن منسوب تزود الحزب بالسلاح أعلى من منسوب ما يتم سحبه من سلاحه؛ وأيضاً باتت تقول أن الحزب يتبع استراتيجية جديدة تركز على التسلح في شمال الليطاني.











































































