خاص ـ بين "قوارب الموت" و"عيشة الذل".. نجاة شبه مستحيلة

على الرغم ممّا تحمله من مخاطر وأهوال، والحوادث المفجعة وغرق مئات الضحايا وبينهم نساء وأطفال في السنوات الماضية، لا يزال لبنانيون يخاطرون بركوب 'قوارب الموت' هرباً من واقعهم المأساوي و'عيشة الذل' جرّاء الأزمة في لبنان. يائسون هم، يتعلّقون بحبل أمل رفيع بنجاح محاولة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، حيث للإنسان قيمة وكرامة يفتقدونهما في لبنان المُبتلي بسلطة أوصلتهم إلى الحضيض، فيبقى البحر ومخاطره و'قوارب الموت' غير المؤهلّة، أرحم بالنسبة إليهم من القابضين على دولتهم الذين لا رحمة في قلوبهم.

أرقام المنظمة الدولية للهجرة، تشير إلى أنه خلال النصف الأول من العام 2023 لقي نحو 2000 شخص حتفهم غرقاً في البحر الأبيض المتوسط على متن ما يوصف بـ'قوارب الموت'، مقارنة بحوالي 1400 في الفترة نفسها من العام الماضي. في حين، يُقدّر إجمالي من وصل إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط إلى نحو 82 ألفاً منذ مطلع العام الحالي وحتى الآن.

لكن على الرغم من أرقام الضحايا الذين قضوا غرقاً، لا تزال عمليات الهجرة غير الشرعية مستمرة انطلاقاً من الشواطئ اللبنانية، ولا تزال عصابات التهريب نشطة لإغراء اللبنانيين اليائسين من الأوضاع في لبنان بركوب 'قوارب الموت'. 'واللافت، أن المبالغ التي يطلبها المهرّبون مرتفعة، إذ قد تصل إلى نحو 8.000 دولار للعائلة الواحدة المؤلفة من 4 أشخاص على سبيل المثال'، وفق مصادر مسؤولة معنية بمكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية من لبنان.

المصادر ذاتها، تؤكد، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن 'القوى الأمنية على اختلافها، خصوصاً الجيش اللبناني، تبذل أقصى طاقاتها للحدّ من هذه الظاهرة والتصدّي لعصابات الهجرة غير الشرعية، وجعل لبنان بلداً غير جذاب للراغبين في الانطلاق منه إلى أوروبا عبر (قوارب الموت)'.

كما تكشف، عن 'تراجع أعداد القوارب التي حاولت الإنطلاق من لبنان خلال العام 2023 الحالي إلى بضع عشرات، في حين تخطت محاولات الهجرة عبر (قوارب الموت) العام الماضي الـ100، ونجحنا في إحباط العديد منها، على الرغم من الإمكانات المتواضعة بين أيدينا للأسباب المعروفة'.

المصادر المسؤولة عينها، تلفت إلى أن 'أعداداً كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين عبر (قوارب الموت) انطلاقاً من الشواطئ اللبنانية، من جنسيات سورية وفلسطينية وغيرها'، مشيرة إلى أن 'قسماً كبيراً من موجة النازحين السوريين الأخيرة والتي تفاقمت بشكل لافت منذ نحو شهرين، هدفه النهائي ركوب (قوارب الموت) إلى أوروبا، حيث تتولى عصابات الهجرة غير الشرعية التي تنشط على ضفتي الحدود بين لبنان وسوريا، تنسيق دخول النازحين السوريين إلى لبنان وتأمين ركوبهم في النهاية في (قوارب الموت)'.

تضيف: 'نحاول قدر المستطاع مكافحة 'ظاهرة (قوارب الموت) ونحقق نجاحات ملموسة على هذا الصعيد. لكن بالتأكيد، لا يمكن مواجهة هذا الملف من خلال الإجراءات الأمنية لوحدها، والجميع يدرك تعقيدات مسألة النزوح السوري والهجرة غير الشرعية'، مؤكدة 'عدم التهاون مع عصابات المهرّبين الذين نستمر في ملاحقتهم والقبض عليهم، فبذلك نقطع الطريق على (قوارب الموت) قبل انطلاقها من الشواطئ اللبنانية'.

المصادر نفسها، تحذّر اللبنانيين اليائسين من أوضاعهم في لبنان ويخاطرون بركوب عائلاتهم في (قوارب الموت)، فضلاً عن سائر حاملي الجنسيات الأخرى، من الوقوع في أفخاخ هذه العصابات المجرمة، التي تغريهم وتعدهم بوصول آمن إلى أوروبا وبتأمين قوارب مضمونة وآمنة ومؤهلة لنقلهم. بينما في الحقيقة، يكتشف من يركب تلك المراكب أنها أقرب إلى (قوارب الموت)، فنسبة الموت غرقاً على متنها تتخطى الـ50%'.

بالتالي، تضيف المصادر المسؤولة: 'على الرغم من الأزمة الاقتصادية في لبنان، هل يستأهل الأمر أن يلجأ ربّ عائلة إلى بيع ممتلكاته وربما يستدين لتأمين تكاليف رحلة على متن (قوارب الموت)، فيخاطر بحياته وعائلته وأطفاله في سبيل وهمٍ، أو أمل محفوف بالموت بنسبة كبيرة، بحياة أفضل لهم؟'.