لبنان بانتظار الورقة الفرنسية الرسمية… محادثات جدّية لوقف النار

ودّع واستقبل، هكذا بات حال اللبنانيين ومسؤوليهم في الآونة الأخيرة، موفد يأتي وآخر يغادر والحال نفسها وسط شغور مهيمن على سدّة الرئاسة، وفراغ في معظم مؤسسات الدولة، وجنوب مشتعل. وفيما لبنان ودّع وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه الذي وعد بابلاغ لبنان الورقة الفرنسية رسمياً بعد انتهاء جولته في المنطقة، تتجه الأنظار اليوم الى القاهرة حيث تناقش حركة 'حماس' الرد الاسرائيلي على المقترح المصري المتعلق بتبادل الأسرى بين الجانبين، ما يمهد لمحادثات جديدة تحت هدف واحد: وقف اطلاق النار بصورة كاملة.

في هذا السياق، أعلن مسؤول كبير في 'حماس' أن وفداً من الحركة سيقدم ردها في القاهرة على مقترح هدنة إسرائيلي مرتبط بالإفراج عن الرهائن، بعد نحو سبعة أشهر من بدء الحرب التي اندلعت إثر 'طوفان الأقصى' في 7 تشرين الأول الماضي.

والأنظار متجهة أيضاً الى الرياض حيث رأس وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان أمس أعمال اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية متابعة تطورات غزة، وكان المحور الأساسي وقف النار في القطاع وتنفيذ الحل الأنسب المتعلق بحل الدولتين.

ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس الولايات المتحدة إلى منع اجتياح بري لمدينة رفح، محذراً من أن العملية إذا حدثت فستكون 'أكبر كارثة في تاريخ الشعب الفلسطيني'.

وستشهد الرياض اليوم محادثات مهمة متعلقة كذلك بتطورات الحرب، يشارك فيها عدد من وزراء الخارجية العرب بالاضافة الى وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، الذي سيركز على ضرورة منع توسع الحرب، ناهيك عن وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، الذي أنهى زيارته الى لبنان بعد يوم طويل مليء باللقاءات على مختلف الصعد. ومن المقرر أن يزور بعد السعودية اسرائيل. 

سيجورنيه: نرفض السيناريو الأسوأ

صحيح أن سيجورنيه لم يسلم الجانب اللبناني أي ورقة نهائية، وبالتالي لا يزال لبنان ينتظر تسلم الاقتراح الفرنسي الرسمي الذي من الواضح أنه يستلزم بعض الوقت لانضاجه، الا أن الوزير الفرنسي أكد بعد جولته بالأمس استمرار دعم فرنسا للبنان، داعياً جميع الأطراف الى التحلي بضبط النفس لأن فرنسا رافضة للسيناريو الأسوأ المتمثل في الحرب على لبنان. وقال: 'من دون رئيس منتخب لبنان لن يدعى إلى طاولة المفاوضات'.

ورأى سيجورنيه أن 'لا مصلحة لأحد بأن يتوسع الصراع بين حزب الله واسرائيل ويجب أن يُطبق القرار 1701 كاملاً'، مشيراً الى أن قوات 'اليونيفيل' تلعب دوراً حاسماً لتفادي السيناريو الأسوأ وعلى كل الأطراف أن تسمح لها بالقيام بمهامها كاملة.

بري: ننتظر تسلم الاقتراح الفرنسي 

بالعودة الى لقاءات سيجورنيه، فقد زار عين التينة حيث اجتمع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي شكر فرنسا على حرصها ودورها والرئيس إيمانويل ماكرون على جهوده لمنع الحرب على لبنان. وكان واضحاً بري بتمسك لبنان بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته .

وأكد بري خلال لقائه الوزير الفرنسي إنتظار لبنان تسلم الاقتراح الفرنسي الرامي الى خفض التصعيد ووقف القتال وتطبيق القرار الأممي تمهيداً لدراسته والرد عليه، مثنياً على جهود اللجنة الخماسية للتوصل عبر التشاور الى انتخاب رئيس للجمهورية.

ميقاتي يناشد فرنسا وأوروبا

أما رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي فأكد أن 'المبادرة الفرنسية تشكل اطاراً عملياً لتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 الذي يتمسك لبنان بتطبيقه كاملاً، مع المطالبة بالتزام اسرائيل بتنفيذه ووقف عدوانها المدمّر على جنوب لبنان، بالاضافة الى دعم الجيش لتمكينه من القيام بمهامه وتحقيق السلام الدائم على الحدود'.

وجدد ميقاتي بعد لقائه سيجورنيه، مناشدة فرنسا والدول الأوروبية دعم لبنان من أجل التوصل إلى حل لأزمة النازحين السوريين، مشيراً الى 'بداية مقاربة أوروبية جديدة مع اعترافهم بالتحدي الذي تمثله هذه القضية بالنسبة الى البنان واستعدادهم للعمل مع السلطات اللبنانية في هذا الشأن'.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها فرنسا لمساعدة لبنان خصوصاً أنها سعت على مدار السنوات الماضية الى إستكمال دورها، فمنذ انفجار مرفأ بيروت، مروراً ببدء الفراغ الرئاسي تُكثف زياراتها الى لبنان وفقاً لما يناسبها من مصالح اقتصادية وتجارية وسياسية، سواء من خلال زيارات الموفدين الرسميين إلى بيروت أو عبر حضور السفارة الفرنسية ضمن اللجنة الخماسية. ومنذ 8 تشرين الاول وتدخل 'حزب الله' في مناوشاته مع اسرائيل سارعت فرنسا الى التدخل من خلال تقديم اقتراحات لاعادة ضبط الحدود جنوباً، والعودة الى تطبيق القرار 1701.

الراعي

وفي عظة الأحد، قال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي: 'ليفحص المسؤولون المدنيّون والسياسيّون ضمائرهم، إذا كانت في قلوبهم فضيلتا الإيمان بالله ومحبتّه. لو كانتا في قلوبهم، لتفانوا في تأمين الخير العام، وأعادوا إلى الدولة مؤسّساتها الدستوريّة الفاعلة والشرعيّة بدءاً بانتخاب رئيس للجمهوريّة، ولسهروا بكلّ قواهم على تجنيب جنوب لبنان وشعبنا الحرب مخلفة الضحايا والجرحى والتهجير والدمار، من أجل قضيّة لا علاقة لها بلبنان وقضيّته وسلامه واستقراره'.

عودة

اما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، فاعتبر أن 'سوء إدارة المسؤولين للبلاد وعدم تطبيقهم الدستور، وتجاهلهم الإستحقاقات الدستورية وأولها انتخاب رئيس للجمهورية، وتقاعسهم عن إجراء الاصلاحات الضرورية، تدفع أبناء وطنهم إلى اليأس والإنحراف، والمثقفين منهم إلى الهجرة، وهم القادرون على انتشال بلدهم من مستنقع الجهل والانحلال الذي وصل إليه'.