اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٢١ أيار ٢٠٢٥
من الشعراء الذين نالوا شهرة عالمية «ميغل أستورياس» الذي ارتبطت حياته بالأحداث التي تتالت على بلاده «غواتيمالا» فكان المرآة التي تعكس الواقع الذي حمل الكثير من وجعه وألمه.. ومن قصائده المميّزة قصيدة «تراتيل المنفي» التي سبقت زمانها، فكشفت الحقيقة وعرّتها من كل زيف، بل أنه استطاع بإبداعه أن يخترق المحلي (الغواتيمالي) الى النطاق العالمي.. يقول الشاعر في قصيدته الرائعة والصادقة: «وأنت أيها المنفي.. على سفر دائم.. تتخذ الأرض كمحطة سفر.. تتأمّل سماوات هي ليست سماواتنا.. تعيش مع أناس ليسوا من أهلنا.. تبتسم إبتسامة هي ليست ابتسامتنا.. وتقرأ كل الأخبار إلّا أخبارنا.. وتشرب مياهاً هي ليست مياهنا.. كل ما في حياتك يبدو مستعاراً..»..
كم تُشبه غربته غربتنا بقسوتها وبرفعها أصبع الإتهام بوجه مجهول (معروف!).. بعد ما تكاثر عدد العصافير المهاجرة في هذا الزمن البشع، حيث الحرائق تشتعل حيناً هنا وحيناً هناك.. ويتوالى ارتفاع دخانها وكأن قدرنا أن تتنقّل حروب الدنيا بين ساحاتنا قصفاً ودماراً وخراباً وإبادة!! ورغم ذلك إنها تمطر بين الحين والآخر، ولكن هذا المطر المسموم ليس مطرنا ولا الندى ولا الرذاذ رذاذنا! كل هذا لم يمنع دائرة الرفض من الإتساع، لأننا مثل الشاعر الغواتيمالي، لن نبتسم إلّا ابتسامتنا، ولن نصافح أيدياً لا تشبه أيدينا.. وسنظل نرفض.. أليس من حقنا أن نقول: لا للجرائم.. لا للخراب.. لا للتهجير.. لا لكل المصائب والويلات التي نعاني منها وتعاني منها بلاد عالمنا الثالث.. وما يحصل في (غزّة الجريحة) جرائم لا تغتفر.. وهو بشع ولا حاجة لتجميله بوعود مرفوضة..