اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٣ تموز ٢٠٢٥
في زمنٍ كانت فيه الصورة تحكي أكثر مما تفعل الكلمات، ولّدت الريشةُ لوحةً بقيت حاضرة في ذاكرة عائلةٍ لبنانية لعقود.
عام 1973، ومن سيدني البعيدة، أُنجز بورتريه للرئيس سليمان فرنجيه، بريشة فنان روسي مغترب، لكن ما من شيء في هذه القصة أبعد من مشاعر الوفاء التي رافقت تلك اللوحة منذ اللحظة الأولى.
هذه ليست حكاية لوحة فنية فحسب، بل قصة حبّ ووفاء جمعت بين زوج وزوجته، وجعلت من صورة الرئيس رمزًا عائليًا ووطنيًا في آن.
لوحة بكتها العيون، وحَمَلتها الذاكرة، وعاشت لتُروى… في ذكرى الرئيس الذي بقي حاضرًا في الوجدان، وفي بيتٍ لم يسمح للزمن أن يسرق منه هذا الأثر.
الرئيس في البيت… والقلب
كانت شابة لبنانية مغتربة في أستراليا، وزوجها، رجل يحمل تقديرًا عميقًا للرئيس فرنجيه، ولما يمثّله من هيبة وطنية وشخصية أبوية. وفي لفتة حبّ نادرة، قرّر أن يخلّد هذا التقدير بهدية غير اعتيادية لزوجته: لوحة فنية.
كُلّف الرسام الروسي المغترب S. Bischof، وهو فنان معروف في الأوساط الثقافية في سيدني، برسم البورتريه. كلفت اللوحة ما يزيد عن مئة دولار، مبلغ ليس بقليل في ذاك الزمن، لكن القيمة لم تكن في المال، بل في رمزية الهدية وعمق الرسالة.
صورة تُبكي… وصداها لا يخفت
ما إن عُلّقت اللوحة في المنزل حتى بدأت تلامس قلوب من رأوها. كان فيها شيء أكثر من الدقة والجمال، كان فيها 'روح'. لدرجة أن من أحبّوا الرئيس لم يتمالكوا أنفسهم أمامها. دموع انهمرت بصمت، وكأن اللوحة تنبض وتُخاطب من ينظر إليها.
في غياب الإعلام والانتشار، كانت هذه الصورة بمثابة لقاء شخصي مع الرئيس، وأيقونة في منزل يبعد آلاف الكيلومترات عن الوطن.
محاولة سرقة… أوقفها الحب
وذات يوم، دخل أحد الأصدقاء إلى البيت، توقف أمام اللوحة، تأمّلها طويلًا، ثم حاول أخذها دون إذن.
لكن سيدة البيت كانت يقظة. وقفت بثبات، ومنعته بلطف حازم: 'هذه ليست مجرد صورة… هذه قطعة من قلبنا.'
هكذا بقيت اللوحة، في مكانها، تحرسها نظرة وفاء، وذاكرة لم تضعف رغم مرور السنين.
ذاكرة عائلية… ووثيقة وطنية
اليوم، ومع إحياء ذكرى رحيل الرئيس سليمان فرنجيه، تعود هذه القصة إلى الضوء. ليست فقط لتُروى، بل لتُكرَّم، ولتُذكّرنا أن الفن الصادق، مثل الوفاء، لا يشيخ.
ما بين ريشة مغترب، وقلب محب، وبيت لبناني أصيل… وُلدت حكاية.
والرئيس… بقي حيًا، في صورة لا تُنسى.