اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
نوال أبو حيدر
يعود ملف شحنة القمح المثيرة للجدل إلى الواجهة من جديد، في ظل ما يشهده لبنان من أزمات متراكمة تمسّ أمنه الغذائي وسلامة ما يطرح في أسواقه من مواد أساسية. فبعد أن كانت الشحنة موضع رفض رسمي في وقت سابق، إثر ثبوت فسادها علميا وعدم مطابقتها للمواصفات الزراعية والصحية وفق نتائج التحاليل المخبرية التي أجرتها وزارة الزراعة، أعيد فتح الملف مجددا بناء على تدخّلات قضائية ونتائج متباينة صدرت عن وزارة الاقتصاد، ما أثار تساؤلات واسعة حول سبب إعادة النظر في القرار السابق، وحول مدى سلامة الإجراءات المتبعة في تحليل العيّنات واستيراد القمح إلى لبنان.
القضية التي تمسّ مباشرة حق اللبنانيين في الغذاء الآمن وثقة المستهلك بالمؤسسات الرقابية، فتحت الباب أمام نقاش واسع حول الجهة القانونية المسؤولة عن إدخال الشحنات الزراعية إلى البلاد، وآليات التنسيق بين الوزارات المختصة، خصوصا أن التناقض في نتائج الفحوصات بين وزارتي الزراعة والاقتصاد أثار مخاوف من احتمال وجود تضارب في الصلاحيات أو ثغرات في الرقابة.
ثغرة التنسيق أم تجاوز قانوني؟
مصادر مطّلعة على الملف، تؤكد أن «هذه القضية تعكس في الأساس ثغرة في التنسيق الإداري والرقابي بين الوزارات المعنية، لا تدخّلا متعمّدا خارج الأطر القانونية. فالاختلاف في نتائج الفحوصات بين وزارة الزراعة، المسؤولة عن التحقق من مطابقة الشحنات للمواصفات الحجرية والصحية، ووزارة الاقتصاد، التي أجرت فحوصات أخرى أظهرت مطابقة الشحنة للمواصفات العامة، يُبرز غياب آلية موحّدة للتنسيق وتحديد المسؤوليات عند ظهور نتائج متناقضة، ما يؤدي إلى إرباك القرارات المتعلقة بسلامة الغذاء».
القمح الفاسد في عهدة مَن؟
من هذا المنطلق، يقول وزير الزراعة نزار هاني لـ «اللواء» إنه «بموجب القانون 778 للحجر الصحي النباتي والمرسوم 12253 والاتفاقيات الدولية الخاصة بالنبات والحجر النباتي، الجهة القانونية المسؤولة عن إدخال القمح هي وزارة الزراعة فقط، وبموجب التحاليل فإن هذه الشحنة قد تم تحليلها وأتت غير مطابقة من حيث التحاليل الحجرية (أي وجود آفات حجرية لا يمكن إدخالها الى لبنان) وعلى المستورد مسؤولية إعادة تصديرها إلى بلد المنشأ».
لماذا فُتح ملف القمح مجدّداً؟
من هنا، يوضح هاني أن «إعادة فتح الملف جاءت بناء على طلب صاحب العلاقة ووزارة الاقتصاد في هذا الشأن، إذ صدر أمر قضائي يجيز إدخال شحنة القمح استنادا إلى نتائج الفحوصات التي أجرتها وزارة الاقتصاد، والتي أظهرت مطابقة العيّنات للمواصفات المطلوبة».
ويتابع: «في المقابل، كانت تحاليل وزارة الزراعة قد بيّنت عدم مطابقة العيّنات للمواصفات المرتبطة بالحجر الزراعي، مما أدّى إلى تباين في النتائج وفتح الباب مجددا للنقاش حول إمكانية إدخال الشحنة».
ما مصير القمح الفاسد؟
في سياق متصل، وفي حال أثبتت الفحوص المخبرية الجديدة عدم صلاحية القمح للاستهلاك، فيؤكد هاني أنه «سيتم إتلاف الشحنة بالكامل وفقا للإجراءات والمعايير المعتمدة، وذلك بإشراف مباشر من الجهات الرسمية المختصة».
ماذا عن شفافية الفحوصات؟
في هذا الصدد، يشدّد هاني أنه «لا خوف على شفافية نتائج الفحوصات الجارية، إذ تم اتخاذ سلسلة من الإجراءات لضمان النزاهة والدقّة في كل مراحل التحليل، كما سيتم أخذ عيّنات مماثلة من الشحنة بطريقة علمية، كما سيتم إجراء الفحوصات في عدة مختبرات معتمدة تستوفي جميع المعايير، ما يسمح بالمقارنة بين النتائج وتفادي أي احتمال للتلاعب أو الخطأ الفردي».
ويختم: «إضافة إلى كل ذلك، سيعتمد مبدأ الشفافية التامة في توثيق وتسليم النتائج، بحيث ترفع مباشرة إلى الجهات الرقابية والقضائية، مع الاحتفاظ بعيّنات مرجعية لأي تدقيق لاحق».
استعادة ثقة المواطن
في الخلاصة، يبقى ملف شحنة القمح الفاسدة مثالاً على أهمية تعزيز الرقابة الغذائية والتنسيق بين الجهات الرسمية، لضمان سلامة الغذاء وحماية صحة المواطنين. حيث تؤكد الإجراءات المتخذة أن الشفافية والتوثيق والمساءلة القانونية هي الوسائل الأساسية لإعادة الثقة إلى المؤسسات المسؤولة عن الأمن الغذائي في لبنان.











































































