×



klyoum.com
lebanon
لبنان  ٢٣ تموز ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
lebanon
لبنان  ٢٣ تموز ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار لبنان

»سياسة» درج»

مشروع قانون إصلاح المصارف… "الأزمة النظامية" تسبقها "إخفاقات نظامية"

درج
times

نشر بتاريخ:  الأربعاء ٢٣ تموز ٢٠٢٥ - ١٦:٢٧

مشروع قانون إصلاح المصارف الأزمة النظامية تسبقها إخفاقات نظامية

مشروع قانون إصلاح المصارف… "الأزمة النظامية" تسبقها "إخفاقات نظامية"

اخبار لبنان

موقع كل يوم -

درج


نشر بتاريخ:  ٢٣ تموز ٢٠٢٥ 

ما هو تعريف مصطلح 'الأزمة النظامية' الذي يجب اعتماده؟ ومن هي الجهة التي تحدّد انطباق هذا التوصيف من عدمه، سواء ضمن الأزمة الحالية أو مستقبلًا ضمن أي أزمة ممكن أن تطرأ؟

بعد مضي ما يُقارب الست سنوات على الأزمة النقدية، المالية والاقتصادية التي حلّت بلبنان، أقرّت الحكومة اللبنانية أخيرًا مشروع القانون المتعلّق 'بإصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها' بتاريخ 12 نيسان/أبريل 2025، وأحالته إلى مجلس النواب للمناقشة والإقرار.

في خضم ذلك، قدّم مصرف لبنان بعض الملاحظات على مشروع القانون، ثم عاد وطرح نصًّا مكتوبًا لاعتماده بدلاً من المادتين 5 و6 من المشروع المُرسل من الحكومة، كما أضاف [مصرف لبنان] المادة 5 مكرّر لما طرحه، لضرورات التفريق بين صلاحيات الهيئة المصرفية العليا والهيئة الجديدة التي يُقترح إنشاؤها، والتي ربطها بمعالجة ما سمّاه 'الأزمة النظامية'، ثمَّ عاد وطرح نصّاً آخر بدلاً من المادَّة 5 والتي أقرَّتها اللجنة الفرعيَّة.

في حين حافظ مشروع قانون الحكومة على صلاحيات الهيئة المصرفية العليا، مع اقتراح بعض التعديلات على أعضائها لضمان التوازن المؤسسي من جهة، والتوازن بين التمثيل المؤسسي والخبراء المستقلين من جهة أخرى، التفّ مصرف لبنان على مشروع القانون الذي أقرّته الحكومة مجتمعةً، ليقترح توزيع مهام الهيئة المصرفيَّة العليا على غرفتين، تختص الغرفة الثانية بكامل صلاحيَّات إصلاح وضع المصارف ويستأثر فيها حاكم مصرف لبنان بعمليَّة صنع القرار كونها تتألف من الحاكم رئيساً، اثنين من نوابه، قاض، ممثل عن المؤسَّسة الوطنيَّة لضمان الودائع ومدير الماليَّة العامَّة ويكون صوت الحاكم مرجحاً عن تساوي الأصوات.

من الواضح أنَّ هذا الاقتراح هو تنفيذاً لمقاربة مصرف لبنان التي نصَّ عنها صراحةً في المسودة التي عرضها على اللجنة الفرعيَّة سابقاً في ما يتعلَّق في التفريق بين صلاحيَّات الهيئة المصرفيَّة العليا وهيئة الإصلاح التي اقترحها سابقاً فتختص الأولى بإصلاح الوضع في المصارف بشكل منفرد، في حين تختص الثانية في عمليَّات الإصلاح المنضوية تحت ما أسماه 'الأزمة النظاميَّة'؛ والذي هو في الأصل، أي الطرح السابق، لا يتوافق مع المعايير الدوليَّة والممارسات الفُضلى في هذا الإطار، والذي هو أيضاً حتَّى اليوم، لم يُبيِّن مصرف لبنان فائدة هذا التفريق في انعكاسه على شكل الهيئة المصرفيَّة العليا.

من الضروري التأكيد أنَّهُ يجب أن يكون لعمليَّة إصلاح المصارف هدفين:

1. الهدف الأول، مباشر، وهو بالطبع إصلاح وضع المصارف بهدف حل إشكاليَّة الودائع.

2. الهدف الثاني، غير مباشر، وهو تحديد 'الإخفاقات النظاميَّة' من قبل الهيئات المعنيَّة بتنظيم القطاع المصرفي والرقابة عليه – أي مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف –، وذلك على الصعيدين التشريعي والسياساتي.

ولابُدَّ من التأكيد على أنَّ الهدف الثاني غير المباشر هو على نفس درجة الأهميَّة للهدف الأول، فدون تحديد الإخفاقات النظاميَّة ومعالجتها من خلال فتح باب إعادة النظر بالإطار التشريعي للقطاع المصرفي سواء كان ذلك على صعيد قانون النقد والتسليف (مرسوم ١٣٥١٣/١٩٦٣) و/أو قانون تعديل وإكمال التشريع المتعلِّق بالمصارف وإنشاء مؤسَّسة مختلطة لضمان الودائع المصرفيَّة (قانون ٢٨/١٩٦٧)، دون ذلك لن يكون هنالك حل مستدام، فحتَّى لو تمَّت معالجة أزمة الودائع وديون الدولة وتعافى القطاع المصرفي، سنعود خلال بضعة سنوات لأزمة مماثلة للأزمة الحاليَّة طالما أنَّ الإخفاقات النظاميَّة لم تعالج.

إنَّ العمل على تحقيق الهدفين هو ما يستوجب إقرار إطار مؤسَّسي للهيئة المصرفيَّة العليا يلتزم بالمعايير الدوليَّة التي يقرّها مجلس الاستقرار المالي ذات الصلة بهيئات الإصلاح (Resolution Authorities) والذي يتمتَّع صندوق النقد الدولي بعضويته ويستخدم السمات الأساسيَّة (Key Attributes) الخاصَّة بالمجلس في 'برنامج تقييم القطاع المالي' (Financial Sector Assessment Program) الذي خضع لآخر تقييم فيه في العام ٢٠١٧.

وصف الأزمة في لبنان بأنها 'أزمة نظامية' لا يجب أن يُستخدم كحجّة لصالح المصرف المركزي، بل على العكس من ذلك، هي حجّة عليه؛ إذ إنّ المصرف المركزي هو الهيئة الناظمة للقطاع المصرفي ويتمتّع ببعض الصلاحيات الرقابية عليه، إلى جانب لجنة الرقابة على المصارف، وهو – ربما – المسبّب الرئيسي في 'الأزمة النظامية' بسبب إخفاقه في ممارسة صلاحياته، واستشراف الأزمة، وعدم اتخاذ التدابير اللازمة لمنع وقوعها و/أو الحد من تداعياتها؛ فـ'الأزمة النظامية' تُسبّبها 'الإخفاقات النظامية'.

ثم، ما هو تعريف مصطلح 'الأزمة النظامية' الذي يجب اعتماده؟ ومن هي الجهة التي تحدّد انطباق هذا التوصيف من عدمه، سواء ضمن الأزمة الحالية أو مستقبلًا ضمن أي أزمة ممكن أن تطرأ؟

تكمن أهمية الإجابة عن هذه الأسئلة في ضرورة وضع وإقرار ضوابط لهذا التحديد، وتحديد الجهة صاحبة الصلاحية في تطبيقه.

التغيير في قيادة المصرف المركزي أمر إيجابي، لكنه لا يعني أن مصرف لبنان كمؤسسة غير مسؤول عن جزء كبير من الأزمة، وهو ما يستوجب إنشاء نظام لإصلاح المصارف يتوافق مع المعايير الدولية المعتمدة من مجلس الاستقرار المالي وصندوق النقد الدولي، لا سيّما لجهة خلق توازن مؤسسي يحدّ من و/أو يمنع تضارب المصالح المؤسسية الذي يهدف إلى إخفاء أي 'إخفاقات نظامية' سابقة أدّت إلى تعثّر المصارف التي ستخضع للإصلاح، وهذا لا يمكن أن يتحقّق عبر هيئة يسيطر عليها مصرف لبنان أو حاكمه ضمن السياق اللبناني.

لماذا يريد مصرف لبنان هيئة خاضعة له بعيدًا عن الهيئة المصرفية العليا؟

يُثير طرح مصرف لبنان تساؤلات عدة حول شكله، الذي جاء عبر الالتفاف على قرار الحكومة مجتمعةً، وفي مضمونه الذي يحاول تركيز الصلاحيات كافة بيد حاكم المصرف المركزي في ما يتعلّق بإصلاح المصارف، على قاعدة 'أنا أعلم منكم بكيفية الحل'، في ظل شبه انعدام للشفافية في عمل مصرف لبنان، والركون إلى التسريبات التي تقوّض الثقة بعمله على المدى الطويل، كما يشكّل ذلك انتهاكًا للحق في الوصول إلى المعلومات، وهو حق دستوري في لبنان.

ذلك كله في ظل بعض التسريبات حول مقاربة الحاكم الجديد لمصرف لبنان، الذي يبدو أنه يريد اتباع سياسة تهدف إلى تأمين الملاءة للمصرف من خلال الاعتماد على ما تبقّى من الاحتياطي بالدولار الأميركي، والذهب (الذي هو أداة لاستقرار النقد وليس ضمانًا للودائع)، والأصول الأخرى التي يملكها أو يملك حصة فيها، كشركتَي طيران الشرق الأوسط وإنترا، والدين البالغ 16 مليار دولار على الدولة لصالح مصرف لبنان (الذي لا يزال محل جدل حول أحقيّته)، وغيرها. وبحسب هذه التسريبات، يُعتقد أن مجموع الاحتياطي والذهب والأصول والدين يصل إلى نحو 62.5 مليار دولار، في حين أن مجموع الودائع العالقة كافة يبلغ 82 مليار دولار؛ ويُفترض – بحسب التسريبات دائمًا – أنه بعد تصنيف الودائع، هناك ما يقارب الـ20 مليار دولار لن تدخل دائرة الحل، وبالتالي يتمتع مصرف لبنان بملاءة يمكنه تحويلها إلى سيولة – من دون الدخول في قدرة المصرف الفعلية على تحقيق ذلك.

هناك ثلاث إشكاليات في هذه المقاربة:

غياب المساءلة: لا تتطرّق هذه المقاربة بأي شكل من الأشكال إلى مساءلة المسؤولين ومحاسبتهم عن أزمة القطاع المصرفي، سواء على صعيد إدارات ومؤسسات الدولة أو المصارف، التي – على أقل تقدير – تتحمّل جزءًا أساسيًا من المسؤولية لجهة عدم إدارتها مخاطر الاستثمار في سندات الخزينة واليوروبوندز بما يتناسب مع الحفاظ على حقوق دائنيهم، أي المودعين.

في الشكل

غياب الرؤية الاقتصادية الشاملة: تأتي هذه المقاربة من خارج أي خطة اقتصادية متكاملة تقرّها الحكومة، تهدف إلى إعادة تفعيل الدورة الاقتصادية لوضع لبنان على سكّة النمو. فإرجاع الودائع لمجرّد إرجاعها لا يُحقق المصلحة العامة التي تبرّر استخدام الأموال العامة.

استمرار النظام نفسه: إن تمّ اعتماد هذه المقاربة كحلّ، فلن يكون بالإمكان تحديد مكامن الخلل التي ساهمت في الوصول إلى الأزمة، ضمن الإطار القانوني الذي ينظّم القطاع المصرفي، سواء في قانون النقد والتسليف (مرسوم 13513/1963) و/أو قانون ضمان الودائع المصرفية (قانون 28/1967).

فعلى سبيل المثال، قوّض عدم تمتّع لجنة الرقابة على المصارف بصلاحيات فرض وتنفيذ العقوبات، دورها الرقابي قبل الأزمة وبعدها. فكما بات معلومًا، كانت اللجنة ترسل تقاريرها الى الحاكم السابق – بحكم القانون – من دون أن يقوم الأخير بأي إجراء أو تدبير يحقق المساءلة، في ظل غياب ما يُجبره على ذلك صراحة.

مجرّد التفكير في مقاربة كهذه يدفعنا الى القول إنه وإن تمّت معالجة الأزمة الحالية من خلالها، إلا أننا سنجد أنفسنا أمام أزمة مماثلة بعد فترة ليست طويلة، لأن الأسباب التي أدّت إلى الأزمة الحالية لم تُعالج، وما زالت قائمة، وستقودنا مجدداً إلى تكرار 'الإخفاقات النظامية' من مصرف لبنان ولجنة الرقابة من جهة، والمخالفات نفسها من القطاع المصرفي من جهة أخرى، في ظل غياب المساءلة وعدم تحمّل أي جهة مسؤوليتها القانونية.

في ظل كل ما سبق، نعرض في ما يلي بعض الملاحظات العامة على ما يطرحه مصرف لبنان، من دون الدخول في تفاصيل المواد التي يقترحها كل من الحكومة ومصرف لبنان، تفاديًا للدخول في التفاصيل التقنية التي لها مكان آخر، وذلك في محاولة لتبيان مدى أحقية ما يطرحه المصرف المركزي من عدمه.

لا بد من الإشارة إلى مخالفة شكلية – كما أشرنا سابقًا – يتضمنها الطرح المقدَّم من مصرف لبنان، إذ إن الحكومة مجتمعة أقرّت مشروع القانون المُحال على مجلس النواب، ولا يجوز لحاكم المصرف المركزي الالتفاف على مشروع القانون من خلال اقتراح نصوص جديدة على مجلس النواب من دون العودة إلى الحكومة. كما لا يحق لرئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية أو بعض الوزراء تفويض حاكم مصرف لبنان بتقديم نصوص مخالفة لما أقرّته الحكومة مجتمعة. وإن كان ثمة مقتضى لذلك، يجب اتباع الآلية الدستورية عبر إعادة طرح الموضوع على مجلس الوزراء، الذي له وحده فقط صلاحية الموافقة أو عدمها، وسحب مشروع القانون من مجلس النواب لتعديله، إذا ما قررت الحكومة ذلك ضمن الآليات ذات الصلة.

في المضمون

تسمية الأزمة بـ'الأزمة النظامية' أو الإيحاء باعتمادها ضمناً تُعدّ حجة على المصرف المركزي، كما ذكرنا أعلاه، ولا يمكن أن تُستخدم ذريعة للاستئثار بالصلاحيات كافة. فهذه 'الأزمة النظامية' تعود، في جوهرها، إلى مصرف لبنان بصفته الهيئة الناظمة للقطاع المصرفي والمتمتعة بصلاحيات رقابية. بل، ولأنها 'أزمة نظامية'، فإن ذلك يتطلّب الحد من قدرة المصرف المركزي على الاستئثار بصنع القرار عندما يتعلّق الأمر بإصلاح المصارف. وينطبق هذا أيضًا على لجنة الرقابة على المصارف، إذ يُرجّح أن تكشف عملية الإصلاح مكامن الخلل في عمل هاتين الجهتين، وهي من الأسباب الأساسية التي أدّت إلى تعثر القطاع المصرفي بكامله.

القول بأن استقلالية المصرف المركزي توجب استئثاره بالصلاحيات كافة المتعلّقة بإصلاح المصارف غير دقيق، إذا جاز التعبير. فاستقلالية المصارف المركزية حول العالم ترتبط بدورها في تحديد السياسات النقدية وتنفيذها، بهدف إخراج هذه السياسات من دائرة التجاذبات السياسية وتعقيداتها، نظرًا الى طبيعة القرارات النقدية التي تتطلب، غالبًا، سرعة في اتخاذ القرار، بناءً على مقاربات علمية.

كما أن استقلالية المصارف المركزية ليست مطلقة، ولا يجب أن تكون كذلك. ففي أي دولة تحكمها دولة القانون، يجب أن تكون الصلاحيات الممنوحة لأي موظف عام – منتخبًا كان أم معينًا – محدودة بآليات تضمن شرعيتها، وإمكانية مراجعتها لضمان توافقها مع النصوص الدستورية والقانونية، بالإضافة إلى كونها تشكّل ضوابط لمنع الانحراف في ممارسة السلطة. تختلف مستويات هذه الضوابط بحسب الجهة، وتكون أدناها عادة في ما يتعلّق بالمصارف المركزية، لأهمية الاستقلالية في ضمان سياسة نقدية متماسكة. وهو النموذج المعتمد في لبنان، حيث تبقى قرارات المصرف المركزي وتعليماته قابلة للمراجعة القضائية، مع وجود آلية محدودة لإقالة الحاكم ونوابه بموجب المادة 19 من قانون النقد والتسليف، إضافة إلى ضوابط في المادة التالية بشأن التفرغ ومنع تضارب المصالح.

لكن هذا كله – كما سبق وأُشير – مرتبط بدور المصرف المركزي في السياسة النقدية تحديدًا، ولا يجوز توسيع مفهوم الاستقلالية ليشمل أنشطة أخرى، وإلا فُتح الباب أمام تركيز السلطة بيد شخص واحد مع قدرة شبه معدومة على مراجعة قراراته. الأفضل دائمًا هو توزيع المهام بين الجهات الرسمية المختلفة، كجزء من آليات المساءلة (Checks and Balances) وضمان التوازن المؤسسي (Institutional Balance).

في شرعية التمثيل

هناك معيار أساسي آخر يجب الانتباه له عند وضع نظام لإصلاح المصارف، وهو أن شرعية القرارات في أزمة مماثلة لما نعيشه في لبنان تستوجب أعلى درجات التمثيل الشرعي للشعب اللبناني، نظرًا الى حجم الأزمة التي أثّرت في مختلف جوانب حياته، وحجم تأثير الحلول المطروحة عليه مستقبلًا على الصعد الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وربما حتى الثقافية والسياسية.

القول إننا نريد 'أشخاصًا تقنيين فقط' لحل الأزمة في غير محله؛ إذ إن من يقرّر شكل هيئة الإصلاح، ودورها، وصلاحياتها، والمعايير التي تستند إليها في اتخاذ القرارات بحق المصارف، يجب أن يكون من الجهات التي تتمتع بالشرعية الشعبية – أي مجلس النواب (الممثل المباشر للشعب) والحكومة (الممثلة غير المباشرة من خلال ثقة المجلس). هذا هو التطبيق الحرفي للفقرة 'د' من مقدمة الدستور اللبناني، التي تنص على أن 'الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة، يمارسها عبر المؤسسات الدستورية'.

ولا يعني ذلك تهميش رأي الموظفين العموميين، بل على العكس، يجب الأخذ بآرائهم، إلا أن على الحكومة ومجلس النواب أن يضعا بالاعتبار احتمالات الصراع المؤسسي بين الجهات الرسمية، وأي إخفاقات قد تحاول تلك الجهات إخفاءها. وبالتالي، تبقى الحكومة ومجلس النواب الجهتين المخولتين اتخاذ القرار النهائي في ما يتعلّق بمشروع قانون إصلاح المصارف، كونهما الجهتين المسؤولتين أمام الشعب اللبناني، في حين أن الموظفين العموميين مسؤولون أمامهما – وإن تفاوتت درجات استقلاليتهم.

لا بد من التوقّف عند حقيقة أن النموذج المقترح من مصرف لبنان، ليس هو الأنسب للسياق اللبناني، وذلك للأسباب التالية:

تجميع المهام في جهة واحدة: جمع مهام عدة داخل المصرف المركزي غير محبّذ عالميًا – لا سيما من صندوق النقد الدولي – استنادًا إلى تجارب عدة أظهرت أن تضارب المصالح المؤسسية قد يقوّض عمل هيئات الإصلاح أو يُفرغها من هدفها.

إخفاء الإخفاقات: قد تكشف الحاجة إلى إصلاح أحد المصارف أو جميعها في لبنان، عن إخفاقات نظامية سابقة، سواء في مصرف لبنان أو في لجنة الرقابة على المصارف. وهذا قد يخلق حافزًا لدى هذه الجهات لعدم الإضاءة – على الأقل – على تلك الإخفاقات، بينما تُعدّ معالجتها أمرًا أساسيًا لإيجاد حلول مستدامة تعالج جذور الأزمة، لا فقط نتائجها.

محدودية المساءلة: تخضع صلاحيات مصرف لبنان في السياسة النقدية لضوابط محدودة بحكم ضرورات الاستقلالية، إلا أن هذه المحدودية قد تنسحب أيضًا على عملية إصلاح المصارف، ما يُقلّص إمكانات المساءلة، ويمكن الحد من ذلك عبر الحد من قدرة مصرف لبنان على الاستئثار بعمليَّة صنع القرار في الهيئة المصرفيَّة العليا، كأن لا يسيطر على أكثرية الأصوات في الهيئة وأن يكون هنالك خلط بين التمثيل المؤسسي والخبراء ضمنها.

ضعف الثقة: ثقة الجمهور في مصرف لبنان ضعيفة جدًا، إن لم تكن منعدمة، بسبب الإخفاقات النظامية السابقة التي كان لها دور محوري في الأزمة. وهذا يُضعف من شرعية أي إصلاح يُشرف عليه المصرف مباشرة.

إنَّ الشكل المقترح من قبل المصرف المركزي لتشكيل الهيئة المصرفيَّة العليا سواء الحالي أو الذي سبقه في ما يتعلَّق بإنشاء هيئة إصلاح جديدة لا يتوافق مع المعايير الدوليَّة التي يضعها مجلس الاستقرار المالي الذي يستوجب عدم استئثار أي جهة بعمليَّة صنع القرار للحد من الصراع المؤسسي داخل هيئات الإصلاح المصرفي والحد من القدرة على إخفاء الإخفاقات النظاميَّة، كما لم يُبيِّن المصرف المركزي الفائدة التي من الممكن أن تتحقَّق من هذا الطرح المعاكس لما ورد في مشروع القانون المحال من الحكومة، وهو لا أساس منطقي أو تشريعي أو مسوِّغ دستوري له كما بيَّنا خاصَّة لجهة تشابه عضويَّة الغرفتين بنسبة كبيرة وعدم منطقيَّة سحب الحق في التصويت من رئيس لجنة الرقابة على المصارف في ظل تعزيز قدرة حاكم المصرف المركزي على الاستئثار بصناعة القرار ضمن الهيئة لاسيَّما في الغرفة الثانية.

إنَّ ذلك يُعيدنا للتأكيد على أنَّ النموذج الأفضل لهيئات الإصلاح المصرفي هو ذلك الذي يكون أعضاء الهيئة خبراء مستقلِّين، لاسيَّما في ظل تضارب المصالح المؤسَّسي ووجود حافز لدى المصارف المركزيَّة المنظِّمة للقطاع المصرفي وهيئات الرقابة في إخفاء أي إخفاقات سابقة وهو ما يُصعِّب تحقيق الهدف غير المباشر الذي عرضنا له أعلاه في ما يتعلَّق بتحديد الإخفاقات النظاميَّة لفتح ورشة إصلاح الإطار القانوني للقطاع المالي والمصرفي لمعالجتها؛ وإذا كان لابُدَّ من التمثيل المؤسَّسي يجب أن يكون ذلك بشكل يُحقِّق التوازن المؤسَّسي وأن لا يكون مجموع أصوات المؤسَّسات الممثلة يُشكِّل أكثريَّة ويكون مجموع أصوات الخبراء المستقلين هو الذي يُشكِّل الأكثريَّة.

ذلك يعني أن يُمثَّل مصرف لبنان بالحاكم أو أحد نوَّابه فقط في الهيئة، بالإضافة إلى ممثل عن لجنة الرقابة على المصارف وأن يكون باقي الأعضاء خبراء مستقلين على عكس ما جاء في مشروع قانون الحكومة وما طرحه مصرف لبنان. ودائماً، يجب أن يكون العدد الإجمالي للأعضاء عدداً فرديّاً كأن يكون خمسة أو سبعة أعضاء لمنع تساوي الأصوات كي لا يكون أي صوت مرجحاً داخل الهيئة، وأن يكون تضارب المصالح من موانع التعيين لا من موانع المشاركة في النقاشات والتصويت على القرارات

مشروع قانون إصلاح المصارف الأزمة النظامية تسبقها إخفاقات نظامية
موقع كل يومموقع كل يوم

أخر اخبار لبنان:

أديب: لست مسؤولًا عن المبلغ المحوّل من سفارة لبنان في برلين

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
1

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 2092 days old | 721,515 Lebanon News Articles | 15,012 Articles in Jul 2025 | 753 Articles Today | from 58 News Sources ~~ last update: 14 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا



مشروع قانون إصلاح المصارف الأزمة النظامية تسبقها إخفاقات نظامية - lb
مشروع قانون إصلاح المصارف الأزمة النظامية تسبقها إخفاقات نظامية

منذ ٠ ثانية


اخبار لبنان

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.






لايف ستايل