اخبار لبنان
موقع كل يوم -الكتائب
نشر بتاريخ: ٢٠ أيار ٢٠٢٥
فيما أجرت إيران والولايات المتحدة أربع جولات من المفاوضات في عُمان وإيطاليا للتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، وبدأ ممثلو إيران والاتحاد الأوروبي قبل أيام مشاورات في إسطنبول، أثارت تصريحات المسؤولين الأميركيين الأخيرة عن حظر تخصيب اليورانيوم في إيران حالة من الغموض بشأن آفاق المفاوضات المقبلة.
الأسبوع الماضي، خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج، أعرب عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق مع إيران في وقت قريب، وكرر تصريحات علي شمخاني، مستشار قائد الجمهورية الإسلامية، التي قال فيها: 'إذا رفعت أميركا جميع العقوبات عن إيران، فنحن مستعدون لتوقيع اتفاق معها'. هذا الموقف من شمخاني، الذي يتولى مسؤولية لجنة اتخاذ القرار السياسي والأمني بشأن المفاوضات مع أميركا، وإعادة نشره من ترامب، كان إشارة إيجابية للاقتراب من اتفاق، بل وأثر بشكل جيد على أسواق المال والعملات في إيران.
لكن تصريحات المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف بأن بلاده لا يمكن أن تسمح لإيران بامتلاك قدرة على تخصيب اليورانيوم، ألقت بظلالها على مسار المفاوضات ومواقف الطرفين.
وقال ويتكوف في مقابلة مع شبكة 'إي بي سي نيوز': 'لدينا خط أحمر واضح وهو التخصيب. لا يمكننا السماح حتى بنسبة واحد بالمئة من القدرة على التخصيب، لأن التخصيب يمنح إيران إمكانية صنع قنبلة ذرية، وهذا لن نسمح به'.
رداً على هذه التصريحات، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال جلسة منتدى حوار طهران، بحضور ديبلوماسيين مقيمين في طهران، إن 'امتلاك برنامج نووي سلمي هو حق لإيران، والتهديدات والعقوبات لن تجبرنا على تغيير هذا الموقف'.
من جانبه، وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تصريحات ويتكوف بأنها 'بعيدة عن واقع المفاوضات'، مضيفاً أن 'المطالب غير الواقعية من إيران لن تؤدي إلى أي نتيجة'.
لكن الرد الأكثر حدة جاء من مجيد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية وعضو فريق التفاوض، الذي قال: 'لن نتنازل عن مسألة التخصيب بأي حال من الأحوال، وإذا كان هذا هو موقف أميركا، فمن الطبيعي ألا نصل إلى نتيجة'. وأضاف أن 'المواقف الأساسية تُطرح على طاولة المفاوضات'.
كذلك، شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية وعضو فريق المفاوضات إسماعيل بقائي على أن 'التخصيب ليس موضوعاً يمكن أن يُطلب من إيران إيقافه أو تعليقه'. وتابع: 'نحن لا نطلب إذناً من أي دولة لتخصيب اليورانيوم على أراضينا، وأميركا ليست في موقع يسمح لها بإصدار تصريح بشأن حق أقرته معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) لنا'. وأشار بقائي إلى التقلبات في مسار المفاوضات، قائلاً: 'في كل جلسة تفاوض، نحرز تقدماً، لكن للأسف، بمجرد عودة المسؤولين الأميركيين إلى واشنطن يتبنون مواقف مختلفة تعقّد المفاوضات أكثر'.
ورداً على ادعاء ويتكوف بأن أميركا قدمت مقترحاتها مكتوبة لإيران، أكد بقائي أنه 'لم يتم استلام أي مقترح مكتوب من الجانب الأميركي حتى الآن، وكل المقترحات كانت شفهية'.
وذكر بقائي أيضاً اقتراح إنشاء كونسورتيوم مع دول عربية في المنطقة لإنتاج الوقود النووي بشكل مشترك، وقال إن طهران ترحب بهذا الاقتراح، لكنه لا يمكن أن يكون بديلاً عن التخصيب داخل الأراضي الإيرانية.
ونشرت صحيفة 'الغارديان'، قبل أيام، تقريراً ذكرت فيه أن إيران طرحت فكرة تشكيل كونسورتيوم من دول الشرق الأوسط، يضم إيران والسعودية والإمارات، لتخصيب اليورانيوم.
وخلال الأسابيع الماضية، ظهرت أنباء غير رسمية تفيد بأن إيران دعت الولايات المتحدة للاستثمار في برنامجها النووي لضمان طابعه السلمي، ولم يتم نفي هذا الخبر.
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، لشبكة 'سي بي إس'، إن 'التخصيب، أياً كان مستواه، يمكن أن يتيح لأي دولة الوصول بسرعة إلى المستوى المطلوب لصنع سلاح نووي'.
ويُشار إلى أن روبيو كان يتبنى منذ البداية مواقف سلبية ومتشددة تجاه إيران، ويُوصف بأنه يلعب دور 'الشرطي السيئ' بين السياسيين الأميركيين، لكن طرح حظر التخصيب من ويتكوف، الذي يُعتبر 'الشرطي الجيد'، زاد من القلق.
وكان ويتكوف قد أثار هذا الموقف سابقاً بعد الجولة الثانية من المفاوضات، لكن المفاوضات استمرت بشكل جيد على عكس التوقعات. إنما هذه المرة، مع تصريحات المسؤولين الإيرانيين والأميركيين، وصل الخلاف بشأن تخصيب اليورانيوم إلى نقطة حساسة، ويبدو أنه إذا استمر هذا الموقف على طاولة المفاوضات، فقد تصل المحادثات النووية إلى طريق مسدود.
وأعلن ويتكوف في المقابلة ذاتها أن الجولة الخامسة من المفاوضات ستُعقد قريباً في أوروبا، لكن المسؤولين الإيرانيين لم يعلقوا بعد على استمرار المفاوضات أو موعد ومكان انعقادها.
ويبدو أن موقف ترامب سيكون حاسماً في مسار المفاوضات، وهو لا يزال يسعى للتوصل إلى اتفاق مع طهران، والجميع ينتظر لمعرفة موقفه بشأن تخصيب اليورانيوم في إيران، خاصة أن الوقت يمر لصالح تعثر الاتفاق.
وتعدّ مواقف قادة البلدين مؤثرة للغاية في مسار المفاوضات، حتى أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، رغم تصريحات ترامب المعادية لإيران في السعودية، تجنب الإشارة إلى المفاوضات لئلا يؤثر سلباً على مسارها.
Dont forget to Follow us on kataeb.org Instagram