اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كتب شارل جبّور في 'نداء الوطن':
لم يكن 'حزب الله' ذراعًا إيرانية مخصصة للساحة اللبنانية فحسب، بل كان ذراعًا إقليمية ناشطة في الساحات الفلسطينية والسورية والعراقية واليمنية، وصولًا إلى البوسنة والهرسك. اتخذ من لبنان منطلقا لأعماله التخريبية،
ولعب دورًا مركزيًا في تدريب وتسليح ومساندة الأذرع الإيرانية ضمن ما يعرف في بـ 'وحدة ساحات المشروع الإيراني'.
ولـ 'الحزب' إذًا وظيفتان: لبنانية وإقليمية. وقد أنهت 'حرب الطوفان' ومعها 'حرب الإسناد' وظيفته الإقليمية، مع سقوط نظام الأسد، وانتهاء المشروع الإيراني في غزة، وتراجع الميليشيات الإيرانية في العراق، وانكفاء الحوثي في اليمن، وتلقي طهران ضربات بنيوية أضعفت مشروعها قبل حرب الـ 12 يوما وبعدها.
لم يعد 'حزب الله' قادرًا على تلقي السلاح من الحرس الثوري الإيراني، ولا الخروج للقتال في الساحات الأخرى، وأصبح المشروع الإيراني برمته تحت المجهريَن الأميركي والإسرائيلي، وأقصى طموحه اليوم الحفاظ على وضعه الحالي، حيث أن الشق الخارجي من هذا المشروع بات في وضع المجمّد حتى إشعار آخر، والتجميد ينسحب على إيران وأذرعها المتبقية.
فالوظيفة الخارجية إذًا لـ'حزب الله' انتهت بحكم الأمر الواقع الجغرافي، إذ بات مطوّقًا بإحكام من إسرائيل وسوريا، ولم يعد أمامه سوى الحفاظ على وظيفته العسكرية الداخلية، على الرغم من الصعوبات التالية:
أولًا، اشتراط إسرائيل تنفيذ 'حزب الله' الشق المتعلِّق به من اتفاق 27 تشرين الثاني 2024، أي التخلّي عن سلاحه وتفكيك بنيته العسكرية، تمهيدًا لتنفيذ الشق المتعلِّق بها.
ثانيًا، رفض إسرائيل وقف ضرباتها اليومية التي تستهدف عناصره ومواقعه قبل أن يُعلن رسميًا انتهاء مشروعه المسلّح. وهذا الجانب تحوّل إلى عامل إرباك كبير داخل صفوفه وبيئته، إذ يتساقط عناصره يوميًا من دون قدرة على
الردّ، خشية ردّ إسرائيلي واسع يؤدي إلى مزيد من الدمار والتهجير. وهو يريد بأي ثمن أن توقف إسرائيل عملياتها، وقد طالب الرئيس نبيه بري مرارًا بهدنة لشهرين ليتمكّن من التقاط الأنفاس، لكن الجيش الإسرائيلي ليس في وارد ترييحه.
ثالثًا، دخول تل أبيب على خط منع إعادة الإعمار، وهو لم يعد مرتبطًا فقط بغياب التمويل الخارجي المشروط بوجود دولة فعلية تحتكر وحدها السلاح، بل أصبح أداة ضغط إضافية على بيئة 'الحزب' المهجرة منذ عامين.
رابعًا، صحيح أن الدولة لم تقدم على نزع سلاحه بالقوة تنفيذًا لقرار مجلس الوزراء الصادر في الخامس من آب الماضي، إلا أن الموقف الرسمي يرفض تغطيته سياسيًا، ويتمسّك بتطبيق الدستور والقرارات الدولية والاتفاقات المعقودة، وبمبدأ حصرية السلاح ورفض الحروب.
وعلى الرغم من نجاح 'الحزب' في تنظيم المساكنة مع الدولة، إلا أنه فشل في تنظيم المساكنة مع إسرائيل، وتبيّن أن سياسته القائمة على 'شراء الوقت' لم تعد تناسبه، بل انقلبت ضدّه، بسبب الإصرار الإسرائيلي المثلّث على:
1) رفض تنفيذ الشق المتعلِّق بها من اتفاق 27 تشرين الثاني 2024.
2) رفض وقف عملياتها العسكرية.
3) عدم سماحها له بإعادة الإعمار.
وقد دفع ذلك أمينه العام إلى مخاطبة تل أبيب بأسلوب 'الجزرة والعصا': فعرض مقايضة تقضي بانسحاب 'الحزب' من جنوب الليطاني وعدم استهدافه سكانها في شمال إسرائيل، مقابل احتفاظه بسلاحه شمال الليطاني. وفي حال رفضت، هددها بالعصا قائلًا: 'إن العدوان لا يمكن أن يستمر ولكل شيء حدّ'.
لكن إسرائيل، التي لم تتردّد في اغتيال أمينه العام ومعظم قيادته، ولا تتوقف عن استهدافه منذ وقف إطلاق النار، لا تخشى تهديداته، بل تسعى إلى جره إلى حرب واسعة جديدة وتتمنى أن يبدأها. كما إنها لا تجد نفسها معنية بالعرض – الصفقة الذي طرحه، لثلاثة أسباب أساسية:
الأول، لم تعد إسرائيل في وارد العودة إلى مرحلة قواعد الاشتباك مع 'حزب الله'، فهذه المرحلة سقطت مع إعلان الحزب 'حرب الإسناد'.
الثاني، انتزعت إسرائيل أمن سكانها في الشمال بيدها، وليست بحاجة إلى ضمانات ولا تطمينات من 'حزب الله'، وهي قادرة على البقاء في هذا الوضع لسنوات مستفيدة من السيطرة العسكرية الكاملة على لبنان.
الثالث، لم يعد بإمكان 'حزب الله' ان يقدِّم أي عرض لإسرائيل بعدما دمّرت قوته، ولن تسمح له بإعادة تكوينها، منهية بذلك زمن الصفقات والمقايضات معه.
وعليه، فإن الحرب الواسعة المقبلة حتمية، كون إسرائيل مصممة، وفق توقيتها، على تدمير قوة 'حزب الله' العسكرية في لبنان بشكل كامل، ما يعني أن وظيفته العسكرية في لبنان توشك على الانتهاء، كما انتهت وظيفته الإقليمية، لكن يبقى السؤال: ماذا عن وظيفته السياسية؟











































































