اخبار لبنان
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
المتخصص البيئي جوزاف بشارة: البلاد تعيش مرحلة خطرة جداً لناحية الجفاف
يشهد لبنان خلال الأشهر الأخيرة أخطر موجة جفاف منذ عقود، بعدما انحبست الأمطار وتراجعت معدلات الهطول إلى مستويات غير مسبوقة. فقد تحولت مساحات واسعة من غاباته الخضراء إلى مناطق يابسة مهددة بالموت البطيء، فيما تتساقط أوراق الأشجار قبل أوانها، وتغزوها الآفات نتيجة الإجهاد المائي الحاد.
يقول المتخصص البيئي المتخصص في إدارة حرائق الغابات جوزاف بشارة ضمن مقابلة صوتية مع 'اندبندنت عربية' إن لبنان يعيش اليوم مرحلة خطرة للغاية، إذ انتقلنا من مرحلة الحفاظ على الغابات إلى مرحلة الدفاع عنها. فقد أدت مجموعة من العوامل إلى ما يمكن وصفه بـ'زلزال الجفاف' الذي يضرب معظم غابات لبنان، ولا سيما غابات السنديان.
ويضيف 'من أبرز الأسباب التي يمكن عرضها انخفاض معدلات الهطول المطري لأعوام متتالية، مما أدى إلى فترات جفاف تمتد لأكثر من ستة أشهر كل عام على مدى أعوام عدة، مسببة إجهاداً مائياً لدى الأشجار، وبخاصة تلك الواقعة على المنحدرات، وهي تشكل القسم الأكبر من الطبيعة الجبلية اللبنانية'، وبفعل هذا الإجهاد، تلجأ الأشجار إلى آليات تكيف فيزيولوجية تظهر على صورة يباس أوراقها نتيجة عجزها عن تغذيتها بالكفاءة المطلوبة. ويؤكد أن الخطر الأكبر يكمن في أن يمتد التلف إلى الجذور إذا طال الجفاف، فلا يقتصر الضرر عندها على الأوراق والفروع كما هي الحال الآن في معظم الغابات اللبنانية.
يشدد بشارة على أن هذا الواقع قد يؤدي إلى القضاء على مساحات واسعة من الغابات إذا استمر الجفاف على حاله، أما النتائج، فهي تتوزع بين المدى القريب والبعيد، وعلى المدى القريب، يرتفع خطر الحرائق ويطول موسمها، بحيث قد نشهد حرائق متكررة وعالية الحدة حتى في أشهر الشتاء، وهو أمر غير مألوف في طبيعة لبنان، أما النتيجة الثانية، فهي تدهور صحة الأشجار وربما موتها إذا لم تتمكن من التعافي خلال الربيع المقبل.
وعلى المدى البعيد، يقول المتخصص البيئي 'إذا استمر الجفاف بالوتيرة نفسها، فقد نشهد تدهوراً في الأنظمة البيئية والتنوع الحيوي، إذ إن الغابات الضعيفة تؤثر سلباً في التربة وقد تؤدي إلى تآكلها وحدوث الانجرافات، وبخاصة داخل المناطق الجبلية، وتتراجع قدرة الغابات على أداء وظائفها الأساس، وعلى رأسها امتصاص الكربون، وهو دور محوري في الحد من آثار التغير المناخي، نظراً إلى كون الغابات تمتص الانبعاثات السامة وتحافظ على التوازن البيئي'.
ويختم بالقول إنه وعلى رغم بلوغ مرحلة الخطر المتقدمة، لا يزال بالإمكان اتخاذ إجراءات تساعد على تعافي الغابات إذا طبقت بفعالية، ومن بين هذه الإجراءات تطبيق خطط إدارة الغابات على المستوى المحلي، وتمكين البلديات من استثمار الغابات الواقعة ضمن نطاقها الإداري، كما يجب على البلديات والمجتمعات المحلية أن تولي مكافحة الحرائق أهمية قصوى، عبر التجهيز والاستعداد المبكر قبل موسم الصيف، تماماً كما يجري التحضير لتفادي الفيضانات خلال فصل الشتاء.
ناهيك بضرورة تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الغابات كمخزن للكربون، ودورها الحيوي في التكيف مع التغير المناخي، مع التركيز على إشراك سكان المدن إلى جانب سكان الريف في أنشطة التوعية، لإدراك القيمة البيئية والاقتصادية الكبرى للغابات اللبنانية.











































































