اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
في مشغلٍ لا يشبه سواه، حيث تلتقي الإبرة بالحدس، والخيط بالخيال، يشتغل ناجي نصر الله كما لو كان يحيك الحلم بخيطٍ رفيع من ضوء. هناك، لا تُفصّل الأقمشة فقط، بل تُفصّل الرؤى على مقاس امرأة تعرف تمامًا من تكون، وماذا تستحق. فالرجل الذي لا يلهث خلف الصيحات، عرف كيف يجعل من الأناقة أسلوبًا في الحياة، ومن كل تصميم، قصيدة تروى بصمت.
في عالمٍ يتبدّل فيه ذوق الموضة كالفصول، يظل ناجي نصر الله استثناءً لافتًا يرسّخ تفرّده بيدٍ ثابتة ورؤية لا تلتفت إلى الوراء. هو ليس مجرد مصمّم، بل راوٍ لحكايات الأنوثة، ينسجها على القماش بخفّة ساحر وصدق فنان، حكايات كل امرأة تسعى لأن تكون نسخة فريدة من ذاتها.
منذ انطلاقته، لم يسلك الدروب المألوفة. لم يرسم على فساتينه ألوان الموضة العابرة، بل خطّ على كل قطعة لوحة زمنية تجمع بين الحداثة والحنين، بين غنى الشرق وجرأة الغرب. في كل تصميم يخرج من بين يديه لحظة وفاء لجمال المرأة، بكل تناقضاته وتعقيداته وفرادته.
فساتينه لا تصرخ، بل تهمس. لا تتزاحم بالألوان، بل تتناغم معها. قصّاته دقيقة، مشغولة بعين تعرف أين يكمن السحر: في خط كتف ناعم، في خصر مرسوم برفق، أو في ذيلٍ ينحني بانسياب كما لو كان ظلًّا للأنوثة. يتعامل مع القماش كما لو كان نسيج الحلم، يطويه بعناية، ويزرع عليه التطريزات واللمسات بحرفية عالية، ليُنتج قطعًا لا تُشبه غيرها.
هدفه لم يكن يومًا أن ترتدي المرأة فستانًا فقط، بل أن تشعر أنها تتحرّك داخل لوحة تنبض بالحياة، لوحة رُسمت خصيصًا لها، ترافقها في مناسبة أو لحظة أو ذكرى، وتمنحها إحساسًا بالاكتمال والراحة.
وفي كل موسم، يقدّم ناجي مجموعات تُشبه الرحلة: من الألوان الفاخرة، إلى القصّات التي تنحت القوام وتبرز ملامحه، مرورًا بأقمشة تتناغم مع البشرة كهمسة رقيقة. هو يدرك أن الأناقة ليست مظهرًا خارجيًا فقط، بل إحساس داخلي ورسالة تقول: أنا واثقة، حرّة، وقويّة.
وقد يكون اسم البوتيك الذي أسّسه – Image – خير مرآة لفلسفته. اسمٌ على مسمّى، لا يقدّم 'صورة” نمطية عن المرأة، بل يعكس صورتها كما يراها هو: أنيقة، صادقة، متفرّدة، ومكتملة. فكل تصميم في 'Image” هو انعكاس داخلي، ترجمة حسيّة لجوهر المرأة قبل شكلها.
ورغم كل هذا الإبداع، يظل ناجي نصر الله وفيًا لنهج التواضع، هادئ الحضور، يفضّل أن تروي تصاميمه قصته. وكم تنجح في ذلك. فكل قطعة تخرج من مشغله، لا تكتفي بأن تُلبَس، بل تُعاش، تُحسّ، وتُحفر في الذاكرة.
ناجي نصر الله ليس مصمّم أزياء فحسب، بل سفير الأناقة الذي يمنح المرأة امتياز أن تلبس خيالها، ويرسم لها على القماش خريطةً للذات، تفيض بسحرٍ ناعم لا يُنسى.
وبينما تعبر الموضة أزمنة متقلّبة، يظل ناجي نصر الله ثابت الخطى، يمارس شغفه بوعيٍ عميق وذوقٍ لا يُخطئه القلب. فليس في تصاميمه مجرّد أزياء تُرتدى، بل روح تُلمس. وكل امرأة ترتدي من لمساته، لا تبحث عن الانبهار، بل عن صداها الخاص في مرآة أناقتها… وهذا تمامًا ما يعرف كيف يمنحها إيّاه: قطعة تشبهها أكثر ممّا تُشبه سواها.
الإعلامية مايا إبراهيم