وليد فارس: اميركا ليست بحالة حرب مع الحزب... وعلى الدّاخل ان يتحرّك لينال المساعدة

المركزية – أكد خبير السياسة الخارجية الاميركية في واشنطن والمستشار السابق للرئيس دونالد ترامب للعلاقات الخارجية الدكتور وليد فارس ان 'حركة حماس وحلفاءها يريدون هدنة لكي يتمكنوا من إعادة تجميع أنفاسهم لإعادة التسليح والانتشار والاهم وقف التقدم الاسرائيلي ميدانياً، لكن إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن لا تريد لحماس ان تستقوي بهذه الهدنة والانخراط في عمل عسكري بل ان تستعد لمفاوضات، كما أنها لا تريد لحكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ان تستمر في الهجوم. الحكومة الاسرائيلية ومعها المعارضة همها ان تستكمل هذه العملية كي تتمكن من بداية مفاوضات مع اطراف فلسطينية وعربية اخرى. كل طرف له هدف من هذه الهدنة'.

ويضيف في مقابلة مع فادي شهوان في برنامج سقف عالي عبر قناة 'البديل': 'الى اي مدى ستضع ادارة بايدن الضغط على حكومة اسرائيل؟ هذا ما سوف نراه، نعلم ان الكونغرس الاميركي يعطي ضوءا اخضر لاسرائيل، لكنه بالطبع لا يدير السياسة الخارجية. المحللون في اميركا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري يقولون انه سيكون هناك كلام كثير حول الهدنة مع قليل من العمل'.

وعن كلام بايدن بأننا قد نشهد وقفا لإطلاق النار الاسبوع المقبل، يقول فارس: 'هذا الكلام للضغط على اسرائيل. وهناك مفاوضات بين اسرائيل والولايات المتحدة وهناك ايضا تقديمات اميركية لاسرائيل من سلاح وعتاد ورادارات لإقناعهم بوقف إطلاق النار، لأن هناك ضغطا من الجناح الأكثر يسارية في واشنطن على الإدارة، وضغط كبير من بعض مؤيدي حماس من الجاليات العربية والاسلامية الذي وعد بايدن بأنه لن يصوّت له وسيسقطه في ميشيغن.

باعتقادي اسرائيل لن تقبل بوقف إطلاق النار ما لم يكن هناك امران: اولا إطلاق سراح كل الرهائن دون استثناء وثانيا ان يكون هناك التزام عربي بالتعاطي مع موضوع غزة وهو امر لم يحصل حتى الآن. وفي حال لم يتم تطبيق هذين الشرطين فإن المواجهة ستستمر'.

ويشير الى ان الالتزام العربي يشمل أمرين الاول ان تلتزم الدول العربية خاصة دول التحالف العربي، اي المعتدلة، شركاء الولايات المتحدة، والبعض منهم اصبح شركاء لاسرائيل في عملية كالامارات والبحرين، ان يقوموا بإنشاء صندوق لإعادة إعمار غزة، والثاني ان يكون لهم دور اساسي في إقامة سلطة فلسطينية جديدة تنطلق من غزة'.

هل سقط مشروع تهجير الفلسطينيين الى سيناء؟ يجيب: 'البعض قد يختلف معي في الرأي، لكن اعتقد ان اسرائيل لم تكن بصدد هذا المشروع لأنها تعلم سلفا ان القيادة المصرية والسعودية والاردنية، المعنيين مباشرة بسبب الحدود، لن يقبلوا القيام بأي اتفاق مع اسرائيل في هذا الموضوع. هذه الدول الثلاث لا اعتقد انها تمانع بإقامة سلطة فلسطينية جديدة او مطعمة والا تكون هناك قوة عسكرية مثل حماس بعد هذه المواجهة، لأن باستطاعتها جر الدول العربية الى حرب ثانية مع اسرائيل. كل هذه الدول لديها مصالح داخلية، فمصر تعيد تنظيم نفسها داخليا، والسعودية مشاريعها قريبة من الاردن والعقبة، والاردن ليس لديه مصلحة في ان تكون هناك حرب. اذا من ناحية هناك التزام عربي لما بعد حرب غزة، لكن ما هو غير واضح والعرب لا يحبون التحدث عنه بعد هو من سيحكم غزة بعد انتهاء الحرب'.

ويتابع: 'هناك قوتان فلسطينيتان بغض النظر عن الشكل، من ناحية حركة حماس القوية جدا والممسكة في غزة لكنها مندحرة، ولديها بعض الخلايا في الضفة الغربية، من ناحية اخرى السلطة الفلسطينية ليست بقوة حماس لكنها تتمتع بالاعتراف الدولي. والسؤال المطروح اليوم من سيحكم غزة اكثر من سؤال من سيحكم الضفة الغربية. لا اعتقد ان حماس، ومعها كل الميليشيات في المنطقة، ستقبل بأي قوة اخرى ما دام لديها قوة عسكرية تتيح لها فرض نفسها. ولذلك فإن تغيير الحكومة في الضفة لن يغير في حماس. إذا تم تجريد حماس من السلاح او تم الاتفاق على خروجها من الساحة كما حصل في بيروت مع ياسر عرفات، عندها من الممكن ان يكون هناك موافقة جديدة عربية اميركية اوروبية ومعها الاسرائيليون على موضوع ان تُطعَّم السلطة الفلسطينية، ومن يحكم غزة يكون من السلطة الفلسطينية ولكن من أبناء غزة. هذا الطرح الجديد'.

وعما اذا كانت الهدنة في حال حصولها ستمتد الى لبنان، يقول فارس: 'بطبيعة الحال، اذا توصل الاسرائيليون مع الاميركيين والعرب وبالطبع حماس الى هذه الهدنة، بالطبع سيمتد هذا الوضع الى لبنان. لا اعتقد ان سوريا والعراق او الحوثيون في البحر الاحمر معنيون بهذه الهدنة. لأن المطبخ الكبير والتحركات لهذه الدول الخمس سوريا العراق اليمن لبنان وغزة في طهران. فإذا توصلنا الى هدنة مع حماس فهذا يعني ان طهران قررت الهدنة وليس حماس، والامر نفسه ينطبق على كل هذه الساحات. فإذا توصل طرفان الى اتفاق اي ايران واسرائيل على الهدنة، الجميع يقبل. هما اللذان يتفاوضان بشكل غير مباشر. واذا توصلوا الى هدنة فهذا يعني ان لدى الطرفين أسبابا تدفعهما للقبول بها. لكنني لا ارى اسبابا للقبول بها حاليا، طالما ان ايران مستقوية بالموقف الاميركي الذي لا يواجهها بشكل جذري وطالما ان اسرائيل لديها حكومة حاسمة في هذا الموضوع وتعرف تماما ان في السنة الانتخابية، لن تكون الادارة الاميركية حاسمة معها. لكن إطلاق سراح الرهائن مقابل بعض الايام لحماس وبعض الاموال لايران قد تأتي بهدنة لكن محدودة جداً'.

وردا على سؤال حول قول رئيس الاركان الاسرائيلي ان حزب الله سيدفع ثمنا باهظا، وهناك ضغط اميركي على اسرائيل كي لا توسع دائرة الحرب في لبنان، وبالتالي لبنان في اي اتجاه يسير، ولماذا الولايات المتحدة تمنع اسرائيل وتفاوض ايران على سلة اقليمية؟ يقول: 'بحسب المحللين هنا، اسرائيل لا تريد ان تنخرط في حربين ثقيلتين بإمكان ايران ان تدخلهما في الوقت نفسه. الحرب التي بدأتها في القطاع ستتابعها لانهاء الموضوع ومن ثم الانتقال الى طاولة المفاوضات. ومن ثم اسرائيل قالت بأنها لن تقبل بآلة عسكرية كآلة حزب الله في لبنان، لكن التوقيت والضغط الاميركي مهم، بما معناه اولا ان اسرائيل لن تقوم بحرب على جبهتين لسبب عسكري، والثاني ان في حال تم تفجير الساحة اللبنانية، فإن هذه الساحة مرتبطة بسوريا والعراق وايران، وكأنهم يواجهون ايران من بيروت الى طهران، وهذه لها حسابات أخرى مختلفة، وثالثا والاهم هذه الادارة ما زال امامها سنة، وهذه الادارة لها مشروع اقتصادي مالي الذي هو الغاز، اي ما نسميه اتفاق الناقورة والترسيم البحري والشركات التي تذهب الى لبنان واخرى الى اسرائيل، لاميركا واوروبا مصالح كبيرة فيها، لكن المفارقة ان لحزب الله مصالح ايضا فيها وايران واسرائيل كذلك الامر. وبالتالي ما يُهدئ الوضع فعلا على هذه الجبهة بين حزب الله واسرائيل هو هذا الستاتيكو الموجود في الجنوب والمحمي من قبل الدبلوماسيين الذي يزورون لبنان بما فيهم الاميركيون، وقولهم بأن 'يمكنكم القصف لكن لا تتعدوا الحدود'. وارى ان هذه المعادلة ستستمر إلا اذا صدر امر معاكس لهذه المعادلة من طهران. اسرائيل ليس لديها مصلحة بل هي تريد التهدئة وتريد الانتهاء من موضوع حماس ومن بعدها لكل حادث حديث. الولايات المتحدة مع بايدن تريد فعلا ستاتيكو لأن هناك مصالح اقتصادية وراءها وهذا سيستمر حتى الانتخابات. والادارة المقبلة اذا لم يربح بايدن، سوف تغير في السياسة الخارجية الاميركية في الشرق الاوسط وتجاه لبنان'.

وردا على سؤال اعتبر ان 'القول بأن اسرائيل تريد مواجهة وحسما مع حزب الله صحيح، ولديها خططها في غرف الدفاع واكثرية الكنيست والرأي العام يريدون ان ينهوا هذا الموضوع مع حزب الله ويعتقدون ان حزب الله سيستمر كخطر على اسرائيل وهم يعتبرون ان حزب الله يشكل خطرا على القوات الاميركية في المنطقة. هذا صحيح، لكن المصالح الاقتصادية وشركات الغاز الاسرائيلية او المتعاقدة مع اسرائيل تقوم بلوبي وتقول للحكومة الاسرائيلية، اذا نحن اوقفنا لكم النار عبر الضغط الاميركي وضغط الادارة الذي تفاهم مع النظام الايراني بطريقة او بأخرى لماذا تريدون خوض حرب، يمكنكم القيام بحرب اذا دخل حزب الله كما دخلت حماس الى النقب، اي اذا حزب الله أخذ قرارا ايرانيا بأن يدخل الى الجليل، عندها لا شركة غاز ولا اي شيء آخر يمنع الحرب. ايران تفهم هذا الموضوع وحزب الله ايضا كجزء من المنظومة الايرانية ايضا فهم الموضوع، وليس لديهم قرار للقيام بعملية 'طوفان القدس او طوفان الضاحية' في الجليل. هذا غير موجود. وايضا لأن لديهم مصالح. لكن إذا رأت ايران أنها تتعرض لخسائر في المنطقة، ليس في غزة فقط. في حال انتهت غزة واندحرت حماس، والتحالف الدولي في البحر الاحمر ضيق الخناق على الحوثيين، واذا رد الاميركيون بقوة اكبر في سوريا والعراق، اذا كل هذا حدث، باعتقادي القيادة الايرانية ستخرق الخط الاحمر، كي تنبه الجميع بألا يتعاطى احد معها او يقترب على ايران. كل الموضوع بالنسبة للايرانيين ألا يسقط النظام داخلياً. كل هذه التركيبة، من ناحية لدينا المصالح الاقتصادية واللوبيات ولا ننسى لوبي الاتفاق النووي الايراني المهيمن على هذه السياسة لتسعة اشهر، وبعدها الامور قد تتغير مع الادارة الاميركية الجديدة.

وعما اذا كان المندوب الاميركي اموس هوكشتاين يكثف جولاته لخلق اتفاق مشترك بين الولايات المتحدة و'ايران' وحزب الله توافق عليه اسرائيل بسبب المصالح الاقتصادية؟ يجيب فارس: 'المندوب الاميركي يأتي الى لبنان واسرائيل في عملية اطفاء اي نار، فهم لا يريدون نارا ولا يريدون الجيش الاسرائيلي ان يدخل الى لبنان، هذا الهدف الاساس، ويقول لهم نحن لسنا هنا لنحل كل المشاكل في الشرق الاوسط، لكن لدينا هذا الوضع على الارض، الجميع يستفيد فيه، والجميع سوف يخسر اذا حصلت حرب. هذا الكلام مقبول حتى الآن من قبل كل الاطراف المشاركة لكن هذا لا يعني ان من لديه مشروعا كبيرا في المنطقة خاصة ايران، لن يأخذ مخاطرة معينة. إذا رأى ان كل هذه الفصائل التابعة له اصبحت تندحر، عندها سيأخذ مخاطرة معينة وحتى حربا محدودة بين حزب الله واسرائيل ممكنة، وبالتالي اسرائيل سترد هذه المرة بطريقة مختلفة داخل لبنان. لكن الستاتيكو قائم حتى الساعة، وما سيغيره امران: الاول تغيير في واشنطن والثاني تغيير قرار في ايران. اذا قام هذان الطرفان بتشديد هكذا سياسة لا اعتقد ان هوكشتاين او غيره يمكنه القيام باي شيء'.

وردا على سؤال في حال التغيير في واشنطن فما المتوقع في المنطقة، يقول: 'اذا حصل اي تغيير في السياسة فستكون ادارة اخرى ولن تكون ادارة اوباما – بايدن بل ترامب كما يبدو حتى الآن. اذا نتكلم بغض النظر عن الاسماء. الادارة الآتية سوف تغير بالتأكيد سياسة بايدن، الميوعة تجاه ايران والميليشيات في المنطقة والفتور مع الدول العربية، كل هذا سوف يتغير، وسوف يكون هناك جهد اميركي في المنطقة لوضع حد لتوسع الميليشيات. كما ان موضوع الحوثيين يهم جدا الادارة المقبلة في حال وصولها، لأن هناك نحو 15 في المئة من الاقتصاد العالمي، وهذا امر اذا استمرت ادارة بايدن فسوف يخلق أزمة اقتصادية. وفي حال وصلت ادارة جديدة لا يمكنها ان تحمل هكذا ازمة اقتصادية ولذلك من اليوم الاول، فإن ادارة ترامب سوف تجمع كل طاقاتها، وهذه الطاقات تجتمع الآن بغض النظر عن ترامب، وسيواجهون الحوثيين، وستكون مواجهة كبيرة باسم المجتمع الدولي لإنهاء كل هذه الاخطار على الممرات المائية. وهذا الامر ليس فقط اميركيا بل دولي. وستكون هناك ردود على الهجومات الميليشياوية الايرانية في العراق وسوريا، باعتقادي الحدود العراقية السورية سوف تُمسَك من قبل قوات التحالف، وبالطبع سوف يعزز ذلك موقع حلفاء اميركا على الارض، اي الاكراد في سوريا، والاكراد في العراق والعرب السنة في المنطقة، وهذا سوف يكون زلزالا بالنسبة لايران.

بالنسبة لحزب الله، عملياً العقوبات تسير بكل الاحتمالات، لكن سوف يكون هنالك ضغط أكبر على حزب الله، اي انه سيكون هناك توجيه رسائل واضحة، ليس كهوكشتاين حفاظا على المصالح، ستقول لهم هذه الادارة الجديدة: نحن سنوقف دعمنا لمشروع الغاز، وكل شيء، حتى ننهي موضوع الميليشيات في لبنان، وسيكون لهم دعم اسرائيلي في هذا الموضوع. وبالتالي حزب الله ينتبه لهكذا موضوع ويجهز نفسه ويخندق نفسه داخل لبنان لتوجيه رسالة الى الاميركيين، خاصة الادارة الثانية إذا وصلت الى الحكم بأن المعركة لن تكون سهلة في لبنان. إذا في حال وصلت ادارة جديدة سيكون لديها هذه المواقف، وستقود تحالفا دوليا جديدا لعزل ايران اقتصاديا، وستكون هناك ايضا على الطريقة الترامبية مفاوضات مع روسيا والصين. لن يعتبر ان الصين وروسيا سترسلان عسكرا للموت في ايران ولبنان من اجل هذه الميليشيات. سوف يذهب إليهم ليقول لهم بأنه سيجري صفقات معهم. وننهي الوضع دوليا، ننهي وضع اوكرانيا. ما ثمن العقوبات على روسيا؟ هل هو ايران وحزب الله؟ يمكن حلها من خلال المفاوضات'.

وردا على سؤال 'تحدثتم عن ان حزب الله يخندق. ماذا عن حديث اسرائيل عن انفاق لحزب الله في المناطق المسيحية؟' يجيب: 'البعض يتساءل في المنطقة عما اذا كانت اميركا لا ترى هذه الخنادق والسلاح؟ بالطبع تراه لكن اميركا ليست ميليشيا، اذا رأت كهفا ودخول معدات من البقاع، كمراقبين من الخارج وانتم في الداخل رأيتم هذه الشحنة التي وقعت في الكحالة، ثم رأوا الميليشيات تتدرب والقرنة السوداء يريدون ان يضعوا فيها صورايخ. كل هذا كان مرئيا وبشكل أعمق. هذا الفيديو القصير الذي رأيناه ما زال تفصيلا صغيرا في الموضوع، والعملية ليس لها أشهر بل مضت سنوات على عملية 'الخندقة' هذه. هم يخندقون داخل جبل لبنان، لأنه الكيان الذي يربط الشمال بالبقاع بالساحل الطويل. وتعتبر الولايات المتحدة الاميركية كما الغرب وحلفاؤهم ان هذا الساحل بين طرابلس وبيروت وهذا الجبل بين عكار وجزين، هذه قواعد حزب الله او التي تضم حلفاءهم وشركاءهم. وبالتالي عندما يبدأ حزب الله باختراق هذه المناطق وهو بدأ من نحو ست سنوات، وواضحة جدا الخرائط. اولا نحن نعرف عنها ليس مباشرة عبر اي جهاز استخبراتي ولكن من الكونغرس الذي يحصل على تقارير. وبالطبع القريبون من الكونغرس او من يطلب هذه المعلومات يحصل عليها. أنا اذكر اننا اول مرة بدأنا نحصل على هكذا تقييم، كان عندما طرحنا منذ عامين مشروع منطقة حرة في لبنان او تطبيقا جزئيا او مرحليا للقرار 1559. في هذه المحادثات قلنا حينها ان اللجان المعنية بالكونغرس، قالت للذين ذهبوا وطرحوا المشروع: هل لديكم تصميم في ان تكونوا شركاء لنا في التنفيذ؟ لأن هذه المنطقة الآن مستهدفة من قبل خروقات حزب الله. أكثر من ذلك، نشرت على صفحتي على فايسبوك خرائط عدة تقول من أين سوف تأتي خروقات حزب الله، وحتى حددنا جرود جبيل وجزءا من جرود كسروان، هذه الخطوط التي سوف تبدأ في البقاع وتنتهي في الساحل اللبناني، لتقسيم جبل لبنان الى جزءين، وعندما يقسم جبل لبنان الى جزءين بحجة هذه الأنفاق والصواريخ يسقط آخر معقل لاحتمال إقامة منطقة. هذا بشكل ملخص جدا.

المعلومات كانت معروفة في واشنطن رددناها في الإعلام اللبناني ان جل ما يقولون، إذا أردتم ان نقوم بجهد على منطقة حرة هل ستشاركون معنا؟ الكلام كان في لبنان: قوموا بذلك ونحن سنفرح. هذا الامر غير موجود. على اللبنانيين ان يقوموا كما عام 2005 بمظاهرة مليونية، وتتكرر هذه المظاهرات. إذا كان هناك جهد داخل لبنان، نساعدكم. لكنهم لم يكونوا يعطون المعلومات الدقيقة. المواقع الاسرائيلية بتقديري، بتسريب هذا الفيديو وهذه المعلومات امام الرأي العام، والكونغرس اصبح محشورا امام هذا الموضوع، تضغط على أميركا وليس على اللبنانيين، بأن واشنطن تملك هذه المعلومات التي نحن نملكها ونحن في مواجهة مع حزب الله، وبالتالي عليك التصرف. لكن هذه الادارة باعتقادي ستحاول الخروج من الموضوع بضغطها على ايران كي لا تقوم بأي عمل مع حزب الله يجبر واشنطن ايضا على التدخل، لأن خروقات حزب الله في جبل لبنان ستؤثر ايضا على الوجود الاميركي في سوريا والعراق. الاسلحة التي يضعونها من الجرد الى الساحل في جبل لبنان ليست اسلحة رشاشات اتوماتيكية بل اسلحة يصعب الوصول إليها في مواقع عميقة في الوديان داخل الصخور بإمكانها ان تكون ايضا قواعد إطلاق صواريخ معينة ضد القوات الاميركية في شرق سوريا وفي أماكن اخرى، على الحدود مع الاردن وفي العراق'.

ولماذا الادارة الاميركية كانت تسمح بحفر هذه الانفاق والتخزين ولم تفعل اي شيء حيال هذا الامر؟ يجيب فارس: 'هناك سؤال دائما ما يطرحه الصحافيون: 'حزب الله يخندق نفسه ويضع الصواريخ لماذا لا تضربه اميركا؟ طريقة طرح السؤال لا يسري دوليا، لأن اميركا اذا بمواجهة مباشرة وحرب مفتوحة مع ايران وميليشياتها، تقوم بما تقوم به اسرائيل التي تقصف اي موقع تراه في سوريا او العراق. اميركا وهذه الادارة، وسنتكلم عن الادراتين السابقتين، ليسوا بحالة حرب وقالها رئيس الاركان ووزير الدفاع، كي يفهم الناس في الشرق الاوسط ان الولايات المتحدة، هذه الادارة هي في حالة دفاع عن النفس، ولديها امور اخرى اهم من كل هذا، الا وهو الاتفاق النووي الايراني. وباعتقادي هذا الاتفاق النقدي الايراني مع الولايات المتحدة الاميركية او مع الادارة. لديهم تعليمات القوات الاميركية، واقولها كمحلل، الادارة الاميركية قالت لقواتها في المنطقة 'لا تردوا الا بالشكل المناسب' لإسكات النيران. لا تردوا بهدف إزالة او إسقاط قدرة العدو. وهم لا يفعلون ذلك لا في اليمن او العراق او سوريا، حتى داخل ايران مع انهم تلقوا ضربات. في قانون التعاطي العسكري الاميركي هذا لم يكن قائما في الماضي. إذا ضُرِبت الولايات المتحدة تضرب وتضيف. ضُرِبت الابراج في نيويورك أخذوا نظاما والبعض أخذ نظاما آخر. اصبح هناك تغيير سياسي معين، منذ فترة ادارة الرئيس باراك اوباما قالت لا يجب اسقاط ما نحاول مده كجسر وهو الاتفاق الايراني وتحت الاتفاق الايراني هناك مصالح مالية هائلة، ليس فقط في الولايات المتحدة الاميركية بل في فرنسا والمانيا وبريطانيا وايطاليا. الاتفاق النووي لا يزال هو السياسة. الناس تقول اذا هناك اتفاق اميركي ايراني على كل المنطقة. كلا هناك اتفاق، هذه الادارة وإدارتها السابقة قبل ترامب والنظام الايراني على تقاسم اولا النفوذ وثانيا المال ولكن ليس على تغيير الانظمة. اي اذا ايران وميليشياتها هجمت على الاردن، لن تسكت لها الولايات المتحدة. او على السعودية او البحرين. هناك اتفاق، ايران تخرقه، وفي كل مرة يحاول فريق بايدن ان يقول للايرانيين، لدينا اتفاق لا تخرقوه، لأنكم تجبروننا على الرد عليكم.

فيما يطبق في لبنان، الاتفاق يتضمن تهدئة الاوضاع وستاتيكو، لا يعني ان اميركا قد سلمت رسميا لبنان لحزب الله، لكن يعني انها سلمت لبنان لمعادلة معينة لا تريد تعديله. كلا، عسكريا وميدانيا ايران تحاول ان تخرق الاتفاق مع الولايات المتحدة بالدخول الى مناطق لم تكن على الخارطة في الاتفاق، لأن حزب الله موجود في الجنوب وفي جزء من البقاع والضاحية لا اشتباك معه، لكن إذا ارادت قواته ومخابراته ان تخرج بموضوع هذه الانفاق مثلا او مخابراتيا، عندها يكون حزب الله هو من يتحمل مسؤوليته، ولا يعرف متى اسرائيل او الولايات المتحدة، اذا تطورت الامور في سوريا والعراق، ان يغيروا موقعهم.

بتقديري الشخصي، واضح جدا ان تقدم حزب الله عبر خطوط الجرد باتجاه الساحل سوف يخرق شيئا غير مرئي مهم جدا، السفارة هي اكبر وأهم واقوى سفارة في كل هذه المنطقة من آسيا ولها وجود عسكري. وهناك وجود عسكري اميركي ولو رمزي، وقد يتطور بين ساعة وأخرى، في الشمال في البترون. إذا حزب الله نجح بهذا الخط ان ينزل من الجرد ويصل الى جانب عمشيت او مكان معين عبر هذه الانفاق يكون قطع الخط الاميركي بين بيروت والشمال. وهذا يشكل خطرا على احتمال تدخل اميركي، اذا صعّدت ايران في كل المنطقة. لا يمكن احتماله اميركيا. لذلك برأيي هناك دغدغة او اختراق خفيف، لذلك كان بإمكان حزب الله ان يقيم كل هذه الانفاق ويقول ان هذه مقاومة. يعرف ان هذا الامر لن يرضي الولايات المتحدة، وخائف حزب الله في حال غيرت واشنطن من سياستها وأصبحت أكثر تشددا مع حزب الله في لبنان، فإن الشعب اللبناني، وقد رأينا في مرات عدة، سيكون حليفا مباشرا للولايات المتحدة. لذلك، حزب الله لا يريد ان يتم الحديث عن هذا الموضوع، وعلمت اسرائيل ان الحزب لا يريد ايضا فنشرت الفيديو. وهذا جزء صغير مما الاميركيين والاسرائيليين يملكون من معلومات'.

وعما اذا كان وجود السفارة الاميركية في المتن، لا يعتبر تهديدا مباشرا للولايات المتحدة في حال اعتمد حزب الله فصل الشمال عن الجزء الآخر من لبنان، يجيب فارس: 'في المطلق، الولايات المتحدة تملك المعلومات عما يفعله حزب الله في الجو أكثر من الارض، وهي لا تقوم بضرب كي تدخل قدرات حزب الله وايران وميليشياتها وفصائل المقاومة، ولا نفشي سرا هنا، معروفة اينما كان، وجزء من قيادة الجيش تعلم بهذا الموضوع، لكن اميركا لا تبدأ حربا بتوقيت ايران. اذا دخلت شاحنة محملة بالصواريخ وتهدد الولايات المتحدة ووضعت في هذا النفق هذا لا يعني ان اميركا ستجهز طائرات ومقاتلات ودرونات وتضرَب. فهي ليست في وضع حرب قانونية بعد، لكن اذا وصلت هذه الأخطار من قبل ايران في عمق جبل لبنان وقررت الولايات المتحدة الاميركية، قد يصحو مجلس الامن القومي ويقول بأن حزب الله وصل الى مرحلة سيهددوننا فعلا، عندها سوف يرى حزب الله تحركا اميركيا ضده كما حصل في سوريا والعراق. ما قد يغير ذلك، وما قد يقنع الغرب والولايات المتحدة والحلفاء العرب والشرق اوسطيين بأن يجب اتخاذ مبادرة ضد هذا التسليح و'التخندق'، يريدون صوتا من داخل لبنان ليقول لهم نحن المستهدفون. لا يمكنهم الدخول بحجة. اذا كانت هناك حجة، وقامت ثورة الارز وكانت هناك معارضة مقاومة، او اذا كانت هناك مذكرة تذهب الى واشنطن وتقول لهم نحن نطلب منكم المساعدة لأن الصواريخ الباليستية ستؤذينا وتؤذيكم، عندها يبدأ التغيير في الموقف السياسي'.

وردا على سؤال عما اذا كان يدعو الى ثورة جديدة ضد سلاح حزب الله؟ او تحركا نيابيا من قبل المعارضة؟ يقول فارس: 'لنحدد الكلام، كي لا يتم فهمهما من قبل الفريق الآخر بأنني ادعو الى ثورة. لا ندعو الى شيء. القانون الدولي هو الذين يدعو، القرار 1559 يقول بتجريد الميليشيات من سلاحها. السؤال الوحيد: من بإمكانه ان يحرك هذا الملف؟ الحكومة اللبنانية يستولي حزب الله على قرارها، لذلك لن تذهب الى نيويورك وتطلب المساعدة من الامم المتحدة، وبالتالي لم يبق إلا المجتمع المدني. على مدى ثلاث سنوات نقول أقله من ثلاثة مستويات مجتمعة، من دون ان يقوموا بأي أمر عنيف، عمل سياسي، المستوى الاول والاهم وقد انتظرنا سنتين كي يتفقوا هو مجلس النواب، النواب لديهم القدرة الفولاذية ان يقدموا مذكرة. وثانيا القوة الشعبية مثل ثورة الارز، كم من مرة قامت بانتفاضات ونزلت الى الشارع، ومن ثم المستويات الروحية الرسمية والمجموعات الاخرى المدنية، صوتها قوي يُسمَع. إذا النواب وبكركي ومعها المجتمعات المدنية ومؤسسات غير حكومية وبلديات قاموا واتحدوا حتى حزب الله يتوقف.

حزب الله خائف من الشعب، لكن عندما رأى ان الشعب 'مدوخينو' ساعة برئاسة الجمهورية وساعات اخرى بأمور لا علاقة لها بالامن القومي. لكن حزب الله طالما ان لا احد يعارضه اليوم، وكل الكلام السياسي في جبل لبنان عن امور لا علاقة لها، حزب الله يستمر. هذه من مسؤولية اللبنانيين'.

اذا خرج هذا الصوت من لبنان، هل تتحرك واشنطن هذه الادارة وتتخطى المحظورات بأنها ليست في حالة حرب مع لبنان؟ يجيب فارس: 'هذا الامر مررنا به، وعندما اتكلم بالجمع اقصد الفريق الذي عمل في اميركا ودول الاغتراب على القرار 1559، هذا الكلام بالضبط، كنا نجلس في البيت الابيض في مجلس الامن القومي، وبعد ذلك مع أعضاء في مجلس الشيوخ ومن بعدها توجهنا الى الامم المتحدة. لذلك لا يمكننا ان نقوم ضد الحكومة اللبنانية مع ان الحرب ضد الارهاب كانت قد بدأت مع إدارة جورج بوش. انا اقول تحت هذه الادارة صعب، الاشهر التسعة المقبلة صعبة، لكن تحت إدارة جديدة بأكثرية في الكونغرس، قالوا لنا حينها في آذار 2004: اذا أخذنا المشروع الى الامم المتحدة، مشروع تجريد السلاح وإخراج الجيش السوري، هل سيقوم الشعب اللبناني معنا ام علينا؟ أخذنا حينها المخاطرة وانا شخصيا قلت لهم: اذا الآن في منتصف الطريق الشعب سيلاقيكم الى منتصف الطريق، ولم اكن متيقنا من كلامي، لكن منطقيا شعب يريد ان يتحرر وكل مندوبيه كانوا يأتون الى اميركا لطلب المساعدة، وحصل ما حصل. عندما انجزنا هذا الاتفاق معهم اتصلوا مباشرة بمجلس الامن وطلبوا من السفير نيغرو بونتي وقالوا له بأن وفودا ستأتي اليكم وموقف الادارة ان يخرج قرار. لأن خروج قرار من هذا النوع يسهل عندها القيام بتحالف دولي، وانضم جاك شيراك بعدها وآخرون.

الآن حتى في أسوأ الاوضاع، اذا قرر المجتمع المدني اللبناني ان يطلب علنا من الولايات المتحدة الاميركية الاتحاد الاوروبي وفرنسا المساعدة في تطبيق قانون موجود. وضعنا كان اصعب عام 2004 لأنه لم يكن هناك من قانون، كما ان الحكومة اللبنانية آنذاك ارسلت رسالة الى مجلس الامن تطلب منهم عدم استقبالنا لأننا لا نمثل أحدا، وبأن الحكومة هي الشرعية، فقال لهم السفير نغرو بونتي بأنه سيستمع الى الجميع. المجتمع اللبناني الآن بإمكانه ان يطلب. نحن لا نطلب منه ان يحسم، لكنه اذا طلب أعطى الشرعية. الخيار هنا سيكون لدى حزب الله، الذي إذا أراد مواجهة المجتمع المدني اللبناني الذي سيطلب هكذا قرار وسيهاجمهم، يكون يخرق القانون الدولي الامني. فتكون المشكلة قد صدرت من عند الحزب. لكن اذا قال حزب الله بأنه يقوم بصفقة معكم وسنجتمع مع قياداتكم ونرى كيف ان هذه المنطقة لن ندخلها عسكريا، فيكون اللبنانيون نفذوا ما يريدونه بقوة طلبهم كمذكرة وبقوة حسم الغرب او المجتمع الدولي بأننا سنساندكم اذا طلبتم. الامر ممكن لكن لا اعلم لماذا لا يصلون الى هذه النتيجة'.

وهل يجب المطالبة بقرار دولي جديد، يجيب فارس: 'اولا لا حاجة لقرار دولي جديد، القرار 1559 كاف وواف، ما هو مطلوب هو ان يصدر اعضاء مجلس الامن بيانا يقرون فيه بأننا الآن سننفذ هذا القرار. إذا اردتم ان ننفذه معا كان به، وإلا فنحن لدينا جزء من الشرعية الدولية يمكننا ان ننفذ، اي الولايات المتحدة ومن يريد ان يكون معها من الحلفاء الغربيين يبدأون بالتنفيذ. يتحدثون اولا مع الجيش اللبناني، نحن نساعدكم ونسلحكم ونحن معكم في هذه المواجهة ضد الارهاب، وهذه نعتبرها ارهابا. إذا طلبت الولايات المتحدة من قيادة الجيش بأن هذه الانفاق وهذه الطريقة العسكرية يجب انهاؤها. هذا اول الغيث، والثاني، اذا المجتمع المدني بدأ بالتصدي وقطع الطرقات ولم يسمح لهذه الذخيرة بالوصول وعمل اي شيء ضده، سيفتح قرار تنفيذي اميركي في لبنان كما فتحه في شرق سوريا وفي شمال العراق. بهذه الاحجام الكبيرة. يعود القرار في النهاية الى فهم السياسي الذكي للقيادة اللبنانية وحنكة حزب الله بالرد على هذا الموضوع. اللبنانيون يقولون بأنه سيواجه. كلا لا يمكنه ان يواجه على جبهتين سيخسر. مناطق حزب الله الجغرافية، جزر، فهل سيهجم من الضاحية على كل المناطق المحيطة به؟ هل سيفتح طريقا بالقوة الى البقاع؟ كلا. شاحنة واحدة في الكحالة جعلت حزب الله، وهذه معلومات، يفكر هل هناك طرق أخرى. لا يمكنهم اجتياز قرى وبلدات واحتلالها. ما يفعله الحزب هو انه يحتل العقول او بعض نفوس السياسيين ويهددونهم او يرغبونهم، هذا امر آخر لا علاقة له بالمواجهة'.

وعمن يجب ان يخطو الخطوة الاولى باتجاه منتصف الطريق يقول: 'نحتاج الى من يكون شجاعا داخل لبنان. هناك الكثير من الشجعان، مع بعضهم البعض، كتلة من النواب، البطريركية المارونية وحلفاؤها الروحيين وكل المنظمات غير الحكومية، هؤلاء كتلة هائلة، اذا اجتمعوا في مكان ما ووجهوا مذكرة، ليس بالضرورة ان يسافروا الى واشنطن، قد يسافر جزء الى البرلمان الاوروبي او واشنطن، هذا يخلق واقعا سياسيا قوميا نفسيا كل الاطراف تحدد موقفها منه وليس هو من يحدد موقفه منها. إذا حصل هذا الامر ما الذي سيفعله حزب الله؟ هل سيقول لهم بأنهم كفار ويهجم عليهم؟ لا يمكنه ذلك، بالعكس هو يتعجب لماذا الطرف الآخر أصبح في هذا الموقف المائع'.