اخبار لبنان
موقع كل يوم -القوات اللبنانية
نشر بتاريخ: ١ حزيران ٢٠٢٣
ثمة مقاربات مختلفة للتعميم الأساسي رقم 165 الذي أصدره مصرف لبنان في 19 نيسان الماضي والذي من المقرر أن يدخل حيّز التنفيذ مع مطلع حزيران، إن لم تحل بعض المسائل التقنية دون ذلك ما يستدعي تأخير البدء بالتطبيق لفترة قصيرة.
فثمة من يعتبر أن هذا التعميم يقع في خانة إنشاء نظام مصرفي جديد وحسابات جديدة مع الخدمات المرفقة، ويطيح بالودائع والشيكات القديمة وسائر الخدمات. في حين، يرى آخرون أنه في ظل عدم قيام السلطة بواجباتها، الواقعية تفرض القيام بإجراء ما لتعبئة الفراغ وربما تكون له إيجابيات معينة.
ويشير التعميم 165 إلى أنه تم تطوير أنظمة الدفع في المركز الرئيسي لمصرف لبنان (NPSـBDL)، لتشمل خدمة تحويل ومقاصة وتسوية الأموال النقدية إلكترونيا. ويوضح أن المقصود بالأموال النقدية تلك التي حُوِّلت من الخارج و/أو تم تلقيها أوراقاً نقدية (Banknotes) بالعملات الأجنبية قبل 17 تشرين الثاني العام 2019، والأموال المودعة أو التي ستودع أوراقاً نقدية (Banknotes) في حسابات جديدة بالليرة اللبنانية.
ويُلزم التعميم المصارف وغيرها من المشتركين في نظام (NPSـBDL) بفتح حسابات جديدة لدى مصرف لبنان بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي، مخصصة حصراً لإجراء جميع العمليات المتعلقة بمقاصة الشيكات والتحاويل الالكترونية الخاصة بالأموال النقدية، وإيداع أوراق نقدية (فريش) لتغذية الحسابات الجديدة بالدولار والليرة.
الخبير الاقتصادي والمالي جاسم عجاقة، يوصِّف الوضع اليوم أننا 'في أزمة ثقة بالقطاع المصرفي، فالمصارف أخذت الودائع ولا تعيدها لأصحابها إلا بالقطارة. وعملياً، القطاع المصرفي شبه متوقف، ومعلوم أن الاقتصاد مبني بالدرجة الأساسية في أي مكان في العالم على قطاع المصارف والقروض المصرفية لتحريك عجلة الاقتصاد، الأمر المتوقف حالياً عندنا بالتالي لن تتحرك العجلة الاقتصادية كما يجب'.
ويضيف، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن 'الاقتصاد تحوَّل إلى الـ(كاش). وعلى الرغم ممّا يوحيه في الظاهر من حركة تجارية واقتصادية، لكنه يحمل مشاكل ومخاطر كبيرة من جهتين: أولاً، لا يتيح إمكانية الاقتراض لإنشاء مشاريع وأعمال، بالتالي من المستحيل أن يتطوَّر الاقتصاد وينمو. ومن جهة ثانية، ربما يعرِّضنا لعقوبات نتيجة الشكوك حول تبييض وغسل الأموال. والقائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي الدولية (FATF) التي كنا على وشك الانضمام إليها، أكبر مثال على ذلك'.
ويشير عجاقة، إلى أن 'السلطة السياسية لم تُقر الـ(كابيتال كونترول) ولا إعادة هيكلة القطاع المصرفي. بالتالي نحن في حالة (Deadlock) أو حلقة موت كبيرة لا نتمكن من الخروج منها، ولا يمكن للقطاع المصرفي في ظل هذا الواقع الإقلاع من جديد وبالتالي عودة الاقتصاد إلى النهوض'، لافتاً إلى أن هناك 'قراءتين للتعميم 165:
الأولى، وتعتبر أنه يعني في مكان ما الدوس على الودائع القديمة والقيام بانطلاقة جديدة. أي وكأننا فتحنا نظاماً مصرفياً جديداً وننطلق من الصفر، إن كان على صعيد الشيكات أو البطاقات أو حتى المقاصة في مصرف لبنان للحسابات الجديدة بالليرة والدولار. وربما هناك من يضغط في هذا الاتجاه الذي لا يمكن نفيه بالمطلق تبعاً للواقع الماثل أمامنا وحجز أموال المودعين، لكن لا أعتقد أن تعميماً يمكنه كسر مقدمة الدستور الذي يحفظ ويقدِّس الملكية الخاصة، وسيواجه أي فعل من هذا القبيل إن حاولوا تقنينه بمقاومة شرسة.
والقراءة الثانية، التي أتبناها من باب البراغماتية الواقعية، تقول، بما أننا نتعامل بالـ(كاش) لنسحبه من السوق وندخله إلى القطاع المصرفي، فبذلك نحل هذه المشكلة ونتجنَّب المخاطر الناتجة عنها كما أشرنا. ونكون أعدنا أيضاً إعادة إحياء القطاع المصرفي ونضمن استمرارية المصارف، فلا يعود بإمكانها التنصُّل من التزاماتها تجاه المودعين بسهولة. بمعنى أن المصرف عاد إلى العمل مع الأموال النقدية الـ(فريش) الداخلة وتحقيق الأرباح'.
ويضيف، 'في هذه الحالة لا يكون بإمكان المصرف التحجُّج بعدم وجود أموال لديه، وأن الأموال النقدية الجديدة مفصولة بموجب التعميم 165 عن الحسابات القديمة. فهذا صحيح، لكن الأرباح التي يحققها من استثمار الأموال النقدية الجديدة هي ملكه. بالتالي هناك مؤونة جديدة تدخل إلى خزينة المصرف، بما يفرض عليه البدء بإعادة أموال المودعين من الأرباح التي يجنيها. فضلاً عن أنه يبقى عاملاً في السوق، ولم يفلس أو يقفل أبوابه، بالتالي هو ملزم بالوفاء بالتزاماته تجاه المودعين'.
ويعتبر عجاقة، أنه 'ما كان من لزوم لكل هذه التعاميم لو قامت الحكومة بواجباتها وأقرت مع مجلس النواب قانونين كافيين لإنعاء كل هذه المشاكل: الأول إعادة هيكلة القطاع المصرفي، والثاني الـ(كابيتال كونترول)'، لافتاً إلى أن 'المأمول من التعميم 165 تحقيق ثلاثة عناصر: أولاً، عودة المصارف إلى منح القروض. وثانياً، سحب الـ(كاش) من السوق لإبعاد الشكوك والاتهامات بتبييض أموال وما شابه وتردداتها لناحية خطر الوقوع في مطب العقوبات. وثالثاً، البدء بإعادة أموال المودعين طالما المصارف بدأت بتحقيق الأرباح'.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية
