اخبار لبنان
موقع كل يوم -درج
نشر بتاريخ: ١٤ تموز ٢٠٢٥
وحدهم شيعة لبنان لا يملكون بديلاً عن لبنان 'سايكس بيكو'، لكنّ المفارقة هي أن 'حزب الله' وحده من يهدّد هذا اللبنان.
أعاد الموفد الأميركي توم برّاك النقاش حول مستقبل 'الكيان اللبناني' إلى ما قبل 'سايكس بيكو'، الاتّفاق الذي وُلد بفعله هذا الكيان. تصريحات برّاك الأخيرة عن تهديد لبنان ومستقبله في حال لم يتمّ إنجاز نزع سلاح 'حزب الله'، والتلويح بالعودة إلى 'بلاد الشام'، لم تبدّدها توضيحاته لاحقاً.
قد تكون تلك الأشهر القليلة، التي فصلتنا عن نهاية الحرب الإسرائيلية ضدّ 'حزب الله' ولبنان، غير كافية لنضوج بديل عن كيان سياسي واجتماعي وطائفي صار عمره قرناً وعاماً، إلا أن هذا القرن حفل بوقائع ومؤشّرات كثيرة تقول إن ثمة ما لم يلتئم في هذا الجسم. حروب أهلية، وأخرى 'هايبرد'، وغزوات واحتلالات وانهيارات مالية واقتصادية امتدّت على طول ذلك الزمن.
تلويح توم برّاك اليوم بنهاية الكيان اللبناني قد يكون أسلوباً للضغط لسحب سلاح 'حزب الله'، إلا أن مكاشفة اللبنانيين أنفسهم بهذا الاحتمال تبدو ضرورية، فلبنان اليوم أكثر استعداداً من أي وقت سابق لمواجهة ذلك.
المسيحيون اليوم، بغالبيتهم على الأرجح، على قناعة بأن مصلحتهم تكمن في العودة إلى 'لبنان الصغير'، أو إمارة جبل لبنان. قد لا يكون الأمر واقعياً، إلا أنه يراودهم من دون شكّ. فهم خسروا تصدّرهم 'لبنان الكبير'، وفشلت محاولاتهم في إقامة شراكة مبنيّة على تعاقد مختلف، نصّ عليها اتّفاق الطائف، وجاءت معضلة 'حزب الله' وسلاحه وتفوّقه، ونقله ما تبقّى من لبنانهم إلى وجهة أخرى غير تلك التي نشأ عليها، لتنهي ما تبقّى من قناعتهم بـ'لبنانهم الكبير'.
المسيحيون اللبنانيون اليوم يبدون أكثر تعلّقاً بلبنان من غيرهم من الجماعات، إلا أنه غير لبنان المعرّف سياسياً بحدوده الراهنة. لذا لنكن واقعيين وغير مواربين، المسيحيون مرتبطون عاطفياً بجبل لبنان، وببعض امتداداته الجغرافية. شمالاً إلى زغرتا وبشري، وبقاعاً إلى زحلة، وجنوباً إلى جزين. وهذه المناطق متّصلة جغرافياً بجبل لبنان. المسيحيون اليوم أقلّ تمسّكاً بأكثر من هذه المساحة العاطفية والجغرافية والاقتصادية من لبنان. ونحن ما زلنا نتحدّث عن المشاعر والمصالح لا عن واقعية هذه الاحتمالات.