هوكشتاين للفصل بين لبنان وغزة… اسرائيل تجس النبض براً

يمكن توصيف زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشيتاين إلى بيروت بعنوان واحد، فصل جنوب لبنان عن غزة، وهذا ما أكده، في حديثه من عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، مشدداً على الحل الديبلوماسي. وأشارت معلومات 'لبنان الكبير' إلى أن الموفد الأميركي نقل رسالة من اسرائيل أنها لا تريد الحرب في الشمال، ولكن من غير المعروف عن أي اسرائيل يتحدث، هل هي اسرائيل بنيامين نتنياهو الذي أصبحت تتهمه إدارة هوكشتاين بأنه يعرقل الحل من أجل مصالحه الشخصية؟ أم اسرائيل بيني غانتس الذي تتبناه الادارة الاميركية لتوجيه الرسائل الى نتنياهو؟ على أية حال عرض الديبلوماسي الأميركي على بري سلة متكاملة تتضمن السلم والدعم الاقتصادي وحل مسألة الرئاسة، ولكن لا أحد يعرف إن كان يستطيع ضمان حصول أي من الطروح في السلة، ولعل أكثر من أصاب في توصيف الحالة 'الهوكشتانية' هو الرئيس السابق للحزب 'التقدمي الاشتراكي' وليد جنبلاط، الذي أجاب بعد لقائه الموفد الأميركي رداً على سؤال إن كان اللقاء ايجابياً أم سلبياً: 'نص – نص'.

وسبقت زيارة هوكشتاين إعلان 'حزب الله' عن تصديه لمحاولتي تسلل اسرائيليتين ليل الأحد – الاثنين، ونشره بيانين متعلقين بعملية التسلل، قال في الأول، 'أثناء محاولة قوة إسرائيلية معادية التسلل إلى داخل الأراضي اللبنانية في منطقة وادي قطمون قبالة رميش'، قام مقاتلوه بـ'استهدافها بالأسلحة الصاروخية، وحققوا فيها إصابات مباشرة'.

وفي بيان ثانٍ، أعلن الحزب أنه 'أثناء محاولة قوة إسرائيلية معادية من لواء غولاني التسلل إلى داخل الأراضي اللبنانية من جهة خربة زرعيت مقابل بلدة راميا اللبنانية'، قام مقاتلوه بـ'تفجير عبوة ناسفة كبيرة بالقوة المتسللة، ثم استهدفوها بعددٍ من قذائف المدفعية، وحققوا فيها إصابات مباشرة'.

وفيما لم تؤكد اسرائيل الحادثين، إلا أنها وضعت الأمر تحت خانة استطلاع جهوزية الحزب، وجس النبض الميداني في حال شنت عملية عسكرية شاملة.

جولة هوكشتاين

استهل الموفد الأميركي زيارته الى لبنان بلقاء الرئيس بري لمدة ساعة ونصف الساعة، قبل أن يلتقي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الطاقة وليد فياض، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، ووليد جنبلاط ونواباً في المعارضة.

في عين التينة، أعلن هوكشتاين أنه يمثل الدولة الأميركية، ولكن جهوده مدعومة من المجتمع الدولي والأصدقاء في المنطقة، للتوصل لحل دبلوماسي، ولكن كان لافتا ما أعلنه عن أن 'الهدنة في غزة لن تمتد بالضرورة تلقائياً إلى لبنان' ، وهو أمر تحدث عنه سابقا وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت عندما أكد أن الهدنة في غزة لا تعني توقف الاستهداف في لبنان.

وقال هوكشتاين: 'أنا هنا من أجل الحض على الوصول إلى حل ديبلوماسي ينهي العمليات الحربية على الحدود بين لبنان وإسرائيل'. وأشار إلى أن 'الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة بالعمل من أجل الوصول إلى حل طويل الأمد من خلال مسار سياسي، وهذا ما يمكن أن يسمح للنازحين اللبنانيين بالعودة إلى منازلهم، والأمر نفسه على الجانب الآخر من الحدود. والتصعيد لا يساعد في حل هذه الأزمة، ولا في مساعدة لبنان في إعادة البناء والتقدم في هذه المرحلة الحساسة من تاريخه'.

وربط هوكشتاين مساعدة لبنان بالحل على الحدود، قائلاً: 'سيكون هناك دعم دولي للبنان يشمل اقتصاده وجيشه، لكن هذا لا يمكن أن يبدأ إلا عندما نتمكن من التوصل إلى نقطة للمضي قدماً'. وأكد ضرورة تغيير 'الصيغة الأمنية على طول الخط الأزرق من أجل ضمان أمن الجميع'.

ورأى أن 'وقف إطلاق النار غير كاف، وكذلك الحرب المحدودة لا يمكن احتواؤها'، مجدداً التأكيد أن 'الولايات المتحدة الأميركية تؤمن بأن الحل الديبلوماسي هو السبيل الوحيد لوضع حد للعمليات الحربية القائمة، وبالتالي الوصول إلى الاستقرار الطويل الأمد، ومن حق الجميع العيش بأمان واستقرار'.

وختم هوكشتاين بالقول: 'ما نقوم به ليس جهداً أميركياً منفرداً… إننا نعمل مع شركائنا في العالم لخلق فرصة تعزز الاستقرار والازدهار للبنان وشعبه ومؤسساته واقتصاده'.

وفيما وصف جنبلاط لقاءه مع هوكشتاين بـ 'نص – نص'، شدد نواب المعارضة الذين التقاهم في المجلس النيابي على تنفيذ القرار 1701، من دون الخوض في تفاصيل ما عرضه عليهم، وهاجموا 'حزب الله' وضربه لسيادة الدولة.

'حزب الله' يعلّق

في المقابل، اعتبر نائب الأمين العام لـ 'حزب الله' الشيخ نعيم قاسم أن 'من أراد أن يكون وسيطاً، عليه أن يتوسط لإيقاف العدوان، لا أن يتوسط لمنع المساعدة من حزب الله'.

وقال في كلمة متلفزة: 'أوقفوا العدوان على غزة، تتوقف الحرب في المنطقة. هذه المعادلة أصبحت واضحة'.

الانقسمات في اسرائيل

قد تذهب كل جهود هوكشتاين سدى في حال لم يتم ترتيب البيت الاسرائيلي المنقسم، اذ يزور أبرز منافسي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بيني غانتس الولايات المتحدة، وسط تنديد من نتنياهو لهذا الأمر لدرجة أنه أمر السفارة الاسرائيلية في واشنطن بمقاطعة اجتماعات غانتس مع مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وفق ما نقلت وسائل اعلام عبرية. ونقل عن مسؤول في البيت الأبيض أن محور زيارة غانتس ومناقشاته مع كبار المسؤولين في واشنطن ينصبّ على خطط اليوم التالي لقطاع غزة بعد نهاية الحرب، بما في ذلك إعادة تأهيل القطاع والسيطرة عليه من السلطة الفلسطينية.

واعتبرت صحيفة 'هآرتس' أن المواجهة بين واشنطن وتل أبيب 'قد تتصاعد، إذا لم يجرِ التوصل إلى صفقة' بشأن الأسرى الذين تحتجزهم حركة 'حماس'، وإدخال المساعدات إلى غزة، وعدَّت أن 'قرار بايدن دعوة غانتس للولايات المتحدة يعكس التقليل من أهمية نتنياهو'.

واستبَقَت نائبة الرئيس الأميركي كاميلا هاريس اجتماعها مع غانتس بالدعوة، أمام جمعٍ في ولاية ألاباما، إلى 'وقف فوري لاطلاق النار' في غزة، في إشارة إلى هدنة الأسابيع الستة التي تحاول إدارة بايدن التفاوض بشأنها، ما يضمن إطلاق سراح عشرات الرهائن، وزيادة المساعدات الانسانية إلى القطاع.

وسط هذه الأجواء، كشفت هيئة البث الاسرائيلية أن الشرط الذي وضعه رئيس الوزراء للتقدم في المفاوضات؛ وهو الحصول على قائمة بأسماء المحتجَزين الذين ما زالوا على قيد الحياة، لم يحظَ بموافقة مجلس الحرب، ما يشي بحجم الخلافات حتى داخل هذا المجلس.

وأشارت الهيئة الى أن مصادر في مجلس الوزراء انتقدت نتنياهو، ورأت أنه يضع العراقيل أمام إحراز تقدم في المفاوضات، بهدف إبقاء الوضع على ما هو عليه، وكسب مزيد من الوقت هرباً من المساءلة. واعتبرت أن مطلب الحصول على تلك القائمة 'لم يكن ينبغي طرحه في بداية المحادثات، إذ يمكن مناقشة هذا الموضوع قبيل نهاية المفاوضات، كما حدث في الصفقة السابقة'.