اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ١٤ أيار ٢٠٢٥
تقام المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية يوم الأحد 18 آذار 2025. الجولة التي ستجري في محافظات بيروت، البقاع وبعلبك-الهرمل لا تبدو مجرّد استحقاق إداري روتيني، بل تحولت إلى مناسبة سياسية حاسمة تحمل أبعادًا تتجاوز حصر الصلاحيات المحلية. فالبلديات، رغم محدودية إمكانياتها، بات يُنظر إليها باعتبارها أحد آخر المداخل الممكنة لإحداث التغيير، أو على الأقل، لوقف التدهور.
تحضيرات انتخابية تحت المجهر الأمني والإداري
في وزارة الداخلية والبلديات، ترأس الوزير أحمد الحجار اجتماعًا موسّعًا لغرفة العمليات المركزية المخصّصة للإشراف على الانتخابات، بمشاركة المحافظين مروان عبود (بيروت)، كمال أبو جوده (البقاع)، وبشير خضر (بعلبك-الهرمل)، إلى جانب القضاة المعنيين. ناقش المجتمعون التحضيرات اللوجستية والأمنية للعملية الانتخابية، وأجرى الوزير تقييماً شاملاً للمرحلتين السابقتين في الشمال وعكار، مشيدًا بالجهود المبذولة لتنظيمهما.
وشدد الحجار على أولوية ضمان الأمن والاستقرار خلال اليوم الانتخابي، وضرورة أن يجري الاقتراع بشفافية وحيادية مطلقة، مؤكدًا أنّ نجاح هذا الاستحقاق هو مسؤولية مشتركة بين مختلف القوى الأمنية والإدارية والسياسية.
بيروت: صندوق اقتراع على ركام الحلم
تستقطب مدينة بيروت اهتماماً خاصاً في هذه الجولة، ليس فقط لكونها العاصمة، بل لأنها أصبحت رمزًا لما آلت إليه الأمور في البلاد. فالعاصمة المثقلة بأزمات متراكمة منذ سنوات، من الانهيار المالي إلى كارثة 4 آب، ومن العجز البلدي إلى انفجار الاحتجاجات، تقف اليوم على مفترق طرق.
ولعلّ أبرز ما يميز هذه المعركة الانتخابية هو بروز خمس لوائح تتنافس على مقاعد المجلس البلدي الـ24 وهي: 'بيروت تجمعنا'، 'بيروت بتحبك'، 'ائتلاف بيروت مدينتي 2025″، 'مواطنون ومواطنات في بيروت، عاصمة لدولة' و'أولاد البلد'.
من إدارة الولاءات إلى إدارة المدينة
المجلس البلدي، بصفته الإدارة الأقرب لحياة الناس، يمكن أن يتحول إلى مساحة لتجريب نماذج حكم محلية جديدة، قائمة على المساءلة والمشاركة. ويكفي استذكار كيف تحوّل فشل إدارة النفايات عام 2015 إلى انتفاضة شعبية، وكيف فجّر انفجار 4 آب القناعة بأنّ سوء الإدارة قد يودي بالحياة نفسها.
تبدو بيروت اليوم في أمسّ الحاجة إلى مجلس بلدي يعبّر عن سكّانها، لا عن الزعامات. مجلس يعيد لها دورها كعاصمة حيّة، لا كمنصة للاستثمار الريعي. فالمشاكل لم تعد تحتمل التسويف: الأرصفة متهالكة، الحدائق مغلقة، النقل العام غائب، والنفايات تتراكم دون حلول.
البقاع وبعلبك-الهرمل: سياق انتخابي مختلف… ولكن!
بعيدًا عن العاصمة، تدور المعركة في البقاع وبعلبك-الهرمل ضمن سياقات محلية تتداخل فيها العوامل العائلية، الطائفية، والإنمائية. في القرى والبلدات، تبقى الولاءات التقليدية نافذة بقوة، وإن كان المناخ الاحتجاجي العام قد أثّر بشكل متفاوت على قواعد الأحزاب.
وتحضر المشاكل الإنمائية بقوة: من غياب الكهرباء والمياه، إلى انعدام البنى التحتية، وتراجع القطاع الزراعي. هنا أيضًا، يُطل الاستحقاق البلدي كفرصة لطرح وجوه جديدة قادرة على تقديم نموذج حكم مختلف، حتى ضمن الهامش الضيّق الذي تتيحه الظروف السياسية والأمنية.
البقاع: الانتخابات البلدية والاختيارية بين التنافس والتزكية
أقفل باب الترشح للانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي بعلبك الهرمل والبقاع عند منتصف الليل، حيث سجلت هذه الاستحقاقات تنافساً واسعاً في بعض المناطق بينما شهدت بعض البلديات فوزاً بالتزكية، مما يعكس الواقع الانتخابي المتباين في المنطقة.
الهرمل: تنافس محدود وتزكية للمختارين
في قضاء الهرمل، بلغ عدد المرشحين للمجالس البلدية 225 مرشحًا في 8 بلديات يتنافسون على 114 مقعدًا. أما بالنسبة للانتخابات الاختيارية، فقد تقدم 151 مرشحًا للتنافس على 63 مقعدًا في مختلف بلدات وأحياء القضاء. في الوقت نفسه، فاز 16 مختارًا و14 عضوًا في المجالس الاختيارية بالتزكية، مما يشير إلى تفاعل محدود في بعض المناطق الانتخابية.
بعلبك: أكثر من 1800 مرشح والمنافسة على 965 مقعدًا
أما في مدينة بعلبك، فقد أقفل باب الترشح على 1858 مرشحًا يتنافسون على 965 مقعدًا في 76 بلدية ضمن قضاء بعلبك الذي يتألف من 104 قرى. تجدر الإشارة إلى أن 22 قرية في المنطقة لا تحتوي على بلديات، مما يعكس نقصًا في التغطية البلدية في بعض المناطق. ووفقًا للانتخابات الاختيارية، تقدم 665 مرشحًا لتولي مناصب المختارين في القضاء، حيث سيتم انتخاب 293 مختارًا في 18 أيار الحالي.
وفي مدينة بعلبك، يتنافس 53 مرشحًا على 21 مقعدًا في المجلس البلدي، بينما تقدّم 86 مرشحًا للمختارين في المدينة.
زحلة تواجه تحديات سياسية ومحاولة لتحالفات
تعدّ انتخابات بلدية زحلة أكثر من مجرد استحقاق محلي؛ فهي تمثل جزءًا من التوازنات السياسية في المنطقة وعلى المستوى الوطني. بلغ عدد المرشحين في قضاء زحلة 977 مرشحًا للانتخابات البلدية و341 مرشحًا للانتخابات الاختيارية. في مدينة زحلة وحدها، يتنافس 72 مرشحًا على 21 مقعدًا بلديًا. كما تم تسجيل ترشح العدد المطلوب قانونًا في بلديتي دير الغزال وشهابية الفاعور، مما يسمح لهما بالفوز بالتزكية.
أما في ما يتعلق بالانتخابات الاختيارية، فقد تقدم 86 مرشحًا للمختارين، مع فوز بعض البلدات بالتزكية. من جانب آخر، تشهد زحلة محاولات حثيثة لترتيب التحالفات بين القوى السياسية المختلفة. في هذا السياق، تتنافس لائحتان رئيسيتان: الأولى برئاسة رئيس البلدية الحالي أسعد زغيب المدعوم من النائب ميشال ضاهر وحزب الكتائب، والثانية مدعومة من حزب القوات اللبنانية. حاولت كل لائحة جذب الدعم الشيعي والسنّي لضمان الفوز في الانتخابات، إلا أن التوترات بين بعض الشخصيات السياسية في المدينة قد أثرت على تشكيل التحالفات.