الحراك من أجل «المودعين»:هل ما زال يُجدي نفعاً؟

أعلن تحالف «متحدون» أن عددا من المودعين يتقدّمهم المودع الطبيب باسكال الراسي وعقيلته فاليري فوييه، نفّذوا حملة ضد المصارف وأصحابها وفي طليعتها البنك اللبناني للتجارة، الفرع الرئيسي في محلة العدلية، من خلال كتابة شعارات على مداخلها أبرزها «١٨٤عقوبات» و«نصيحة لكل مصرفي الابتعاد عن المصارف»، وذلك تحضيراً لتحرك المودعين ومحاميهم أمام مصرف لبنان وهيئاته الرقابية الغائبة نهائياً عن دورها في الرقابة الملزمة، اليوم, مع دعوة جميع المودعين للمشاركة في هذا التحرك،حيث لفت مؤسس تحالف متحدون ضد الفساد رامي عليق في حديث لـ«اللواء» إلى أن هذا التحرك الذي دعا إليه إتحاد المودعين في مصارف لبنان وتحالف متحدون الذي لبى دعوة الإتحاد وساعد في عملية تنظيم وتحفيز الناس نحو التحرك ،ولقينا تجاوبا كبيرا من قبل محامين ومودعين،هذا التحرك إنبثق عن «ملتقى المحامين والمودعين» رقم 3 الذي حصل منذ نحو أسبوعين تقريباً بحضور النائب شربل مسعد وتم تحديد آنذاك 3 أهداف على 3 مستويات:المستوى القضائي والذي يتفرع عنه القضاء اللبناني والدولي، ولاسيما القضاء الأوروبي حيث نتابع مع القضاء في فرنسا مسار الأمور بشكل مستمر من خلال الزيارات المستمرة التي نقوم بها إلى العاصمة باريس.

أشار عليق إلى أنه لا يوجد بلد في العالم تحصل فيه هذا النوع من النكبة غير المسبوقة بالشكل التي حصلت فيه، باعتبار أنه تم التعبير عنها بسرقة العصر من خلال تكتل المال من خلال البعض القليل من أصحاب المصارف والسياسيين وحاشيتهم ، هذا غير مسبوق على الإطلاق مما أدى إلى شرخ كبير بين هذه المجموعة القليلة التي باتت تعرف بـ «الدولة العميقة» التي ما زالت متحكمة في القضاء والإعلام والمال التي بطريقة عملها تخطت «المافيا الإيطالية» بمراحل،والغالبية الكبيرة المتمثلة بالمودع الذي عمل لمدة 30 إلى 40 سنة وصولاً إلى التقاعد.

واعتبر أن هذا الشرخ الكبير يدل على مشكلة طبقية إقتصادية، ومهمتنا الوعي في هذا الإتجاه من خلال أنه لم يعد جائزا السكوت عن الذي يحصل لأن هذه حقوق الناس في نهاية المطاف خصوصاً الذين وصلوا إلى عمر متقدم في السن،وطريقة شراء الذمم التي تحصل من قبل المصارف «رهيبة» و«مريبة ناتجة عن تكتل «مافيوي» حدوده لا تقتصر على لبنان وحسب إنما ممتدة إلى أبعد منه، أما في ما يتعلق بالأرض لأنه إذا لم يكن هناك ضغط على صعيد الشارع باعتباره الأساس فمن المؤكد أنه لا شيء سيسير على ما يرام إن كان على صعيد القضاء أو في أي مكان آخر.

وشدد على أنه منذ أن أطلقنا مبادرة «حق الدفاع العام المشروع» المادة 184 عقوبات للدفاع عن النفس والمال ونفس ومال الغير وهناك تشويه غير طبيعي لتحركات «متحدون»، وقمنا بهذه التحركات إستدراكاً للفوضى ولأن لدينا إيمانا راسخا بالمؤسسات والدولة وسلطة القانون والقضاء ولذلك عملنا الأول كان التحرك لدعم إستقلالية القضاء، وكان هدفنا أن يقوم القضاة بواجباتهم ،وكانت هذه التحركات بالتنسيق مع «قضاة كبار» لتشكيل نقطة ضغط كبيرة لتواجه الضغط المقابل من قبل السياسيين الفاسدين الذين يسعون إلى أخذ الأمور إلى إتجاه آخر، ولكي لا يذهب التحرك نحو الفوضى يخرج فيه عن السيطرة.

وكشف أن تحالف «متحدون» قام بثلاث خطوات:الأولى التحضير على المستوى القضائي من خلال متابعة الدعاوى أمام القضاء اللبناني باعتبار أن التحالف وصل في السابق إلى قرارات مبرمة صادرة عن محكمة التمييز لا يوجد مثيل لها أخذنا بموجبها صيغا تنفيذية وبموجبها تتم محاولة تنفيذها في الخارج، وقمنا بدعاوى جماعية تتعلق بملفات الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة ورفاقه والمصارف، ويتم متابعتها وكان آخرها الشكوى الأخيرة أمام التفتيش القضائي سواء أمام القاضي نقولا منصور أم القاضية غادة عون أم القاضي شربل أبو سمرة ،ولكن ما زلنا نتابع ونُبقي الأمور في إطار القضاء المحلي بشكل مستمر إلى حين تبدل الظروف مع اللجوء إلى القضاء الأجنبي.

وأوضح أن هناك قضايا جماعية يتم العمل عليها من خلال تقسيم المودعين فيها إلى مجموعات بحسب المصرف الموجود فيه حساباتهم لتسهيل عملية الإدعاء ليكون المدعى عليه واحدا فقط، وهناك تجاوب ملفت وهناك لوائح بالمئات والعمل مستمر في هذا الإتجاه لتشكيل ضغط أكثر في هذا الإتجاه لأنه من الأولى مساعدة أصحاب الحقوق في إسترداد حقوقهم،أما في الشق التشريعي من خلال التواصل مع بعض النواب ومن بينهم النائب شربل مسعد تم إعداد إقتراح قانون معجّل مكرر تم تسليمه للنائب مسعد بصيغته النهائية بعد مراجعة حثيثة، وهذا القانون يقوم بمادة وحيدة حول وجوب إيفاء الودائع في مهلة زمنية قصيرة مع التعويض عن الخسائر لاسيما خسائر مودعي الليرة اللبنانية.

وأكد عليق أن التحرك اليوم هو حاجة ليعود النبض من خلاله للشارع لرفع قضية المودعين إلى المستوى السابق، وربما أكثر في كل الإتجاهات لخلق حيثية جديدة مقابل محاولات المصارف والحكومة المعروفة لدى الجميع حتى وصل الأمر ببعض الكتل النيابية أن تقترح بدفع الأموال للمودعين من أصول الدولة للأسف ،لذلك الموقف الذي سيعلن اليوم واضح جداً وهو أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يجوز اللجوء إلى السرقة لرد المسروقات والقيام في نهاية الأمر بإعطائها للسارق مرة أخرى وللأسف هذا الذي يحدث.

ومن جهته لفت رئيس جمعية المودعين حسن مغنية إلى أنه في بعض الأحيان هذه التحركات مثل التحركات التي كانت تحصل في محيط مجلس النواب بسبب موضوع «الكابيتل كونترول» ،إنما التحركات بمعنى الكلمة للأسف فهي لم تُعطِ النتيجة المرجوة لأن التحركات أعدادها أصبحت خجولة جداً مقارنة بحجم المودعين المقيمين.

وأشار مغنية في حديث لـ«اللواء» أن التحركات في الشارع بات عددها يتراوح بين الـ50 إلى 100 شخص كحد أقصى، وهذا يضرُّ ولا يفيد قضية المودعين لأن الأعداد المشاركة في التحركات إن لم تكن بالآلاف لا تعطي أي نتيجة تذكر،فإذا كان المودعون المشاركون بأعداد الآلاف أو عشرات الآلاف بالتأكيد سيصنعوا الفارق.

أما في ما يتعلق بالقضاء شدد على أنه تقنياً أن يكون الحل شاملاً من خلال القضاء، فهذا أمر لا يصلح لأنه إذا القضاء حكم لكل المودعين بأن يأخذوا جميع أموالهم والأموال الغير موجودة هذا يعني أن الإفلاس التام بات أمراً واقعاً بكل ما للكلمة من معنى،لذلك يجب أن يكون هناك حل تقني لأن الحل في القضاء يعني الإفلاس حكماً،لأن القضاء لا يعمل على أي حل سواء شامل أو تقني أو حتى فردي.

وكشف أن هناك جزءا كبيرا من القضاء متقاعس عن مهامه بل مشارك هذه المصارف في عملية النصب والسرقة التي يتعرض لها المواطنون،أما على صعيد القضاء الخارجي فالأمر يتعلق حسب أي قضاء خارجي نتحدث، لأن هناك دولا قامت برد جميع الطلبات لـ«عدم الإختصاص» وتعود بعدها للقضاء اللبناني والذي تيسّر في الخارج هو حالات بسيطة في لندن عدا عن ذلك لم يتم ملاحظة أي نتيجة تتعلق بالقضاء الخارجي.

وختم مغنية قائلا:«الساكت عن حقه مرة واحدة عليه أن يستعد لرحلة طويلة من المذلة» وللأسف هذا الواقع الذي يعيشه اليوم اللبنانيون لأن المودعين سكتوا عن حقوقهم بسبب خيبة الأمل الكبيرة لدينا من الأعداد الخجولة من المودعين التي كانت تشارك في الحراك للمطالبة بحقوقها.