اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
يحدث أحياناً أنك تجد نفسك مسجوناً.. تبحث في خبز الأيام عن ذكرى تستوقفك.. عن رعشة جعلتك تحطّم كلّ القيود من أجلها، لكنك تشعر بالخواء الذي ما يزال يلازمك.. تنتظر من ينقذك من الخواء.. تنتظر أشجار الليل التي تستهويكَ.. لتصير شجرة تنتظر أيّ حطّاب!! هذا يؤلم نهر الغناء.. يؤلمه ما آلت إليه حالك.. يوقف جريانه.. ينظر إليك بحسرة ويسألك بقلقٍ وأسى: «ألم تكن مثلي في يوم من الأيام.. تتدفّق فرحاً وأملاً؟».
*****
يحدث أحياناً ، أنك تذهب إليه.. إلى البحر لتحادثه.. لتبثّه همومك وأشجانك، فيُصغي إليك.. منذ بدء الخليقة والبحر هو الشاهد الصامت.. في زمن حروبنا التي لا تنتهي هو الشاهد الوحيد الحزين.. هو العصفور الأخرس، المرهق الذي أضنته حروبنا، التي جعلته يجثو على ركبتيه حين غزته الأساطيل الزرقاء والحمراء!!
يحدث أحياناً أنك تبحث في كتاب الذكريات عن بقايا هوى.. عن لهفة.. عن طيف أحببته ذات زمن وردي.. ليت الأطياف تستطيع الكلام! ليتها تنتزعك من رمالك المتحرّكة.. أطياف رجال وتواريخ تجعلك تطفو.. تُنقذك من الغرق في وحول تحاصرك.. تجعلك تصيح مع من تبقّى من الصائحين، رافضاً كل الوحول التي أغرقت هذه البلاد التائهة والحزينة بأحلام مزيّفة.. وحولٌ تصفعك، تجعل القيد يصلصل في معصميكَ ويصهل في أعماقك: «يباس يباس وليل أخرس..».
يحدث أحياناً أنك تبحث في شرايينك وعروقك عن امرأة كانت فيكَ صراخاً ورفضاً وجذوةً لا تنطفئ.. كانت وروداً وسماء زرقاء وعصافير وأزهار وفراشات.. امرأة تشبه حكايات الأطفال حول مواقد الشتاء.. حلمٌ وردي كانت.. حلمُ وردٍ تاه.. وظلّ اليباس يحاصرك والليل البهيم..
يحدث أحياناً أنك تُحطّم القيود.. تنطلق خلف النسمات والطيور.. تحلّق في فضاءات كانت بالأمس كآبية اللون..











































































